انطلقت مهرجانات بعلبك الدولية أمس الجمعة في السابع من تموز بعرض لبناني ضخم احتفاء بمرور 60 عاما على انطلاق الليالي اللبنانية في المهرجان.
وفي هذه المناسبة كان الجمهور اللبناني على موعد مع أمسية غنائية راقصة بعنوان "عيد الليالي اللبنانية - عيد الشباب" من اخراج جيرار أفيدسيان احياها الفنان رامي عيّاش والفنانة ألين لحود والفنانة بريجيت ياغي. في حين تولى تصميم الرقصات التي قدمت سامي خوري وقاد المايسترو ايلي العليا الأوركسترا.
وتميز الحفل بقدرته على الجمع بين الفن الأصيل والأغاني القديمة التي عشقها الجمهور وبين الفن الشبابي الحديث بأصوات الثلاثي عياش ولحود وياغي ، الذين كانوا صورة مشرفة للفن اللبناني الحديث البعيد عن الابتذال وعن الأغاني الهابطة والتي لا تطابق المعايير الفنية.
هيبة رامي، اناقة بريجيت وجنون ألين لحود
قد لا تكون مجرد صدفة جمعت الثلاثي اللبناني في حفل واحد على خشبة مسرح بعلبك. فقد شكلوا معاً حالة فريدة واستثنائية مقوماتها الاطلالة الجميلة الصوت الرائع والاداء المبهر.
الفنان رامي عياش فرش سحره على المسرح فأطل بهيبته المعهودة وغنى وأطرب وأمتع الحضور. قدرات رامي الصوتية لا تحتاج إلى اشادة لأنه بالفعل يتنقل بين النغمات بسلاسة كبيرة فصوت رامي في القرار والجواب وما بينهما رائع. قد يأخذ البعض على رامي انه لم يرتد ثياباً فلوكلورية على المسرح تماشياً مع موضوع الحفل، ولكنها ليست مشكلة كبيرة لأن صوت رامي هو بحد ذاته اوتاراً لبنانية بامتياز.
وتوسط رامي ألين الشقراء وبريجيت السمراء... هذا التناقض الذي شكلتاه الفنانتين أضاف إلى العمل. اختارت الين أن تعتمد الاطلالة الشبابية فكانت ازياؤها شبابية كثرت فيها الألوان، في حين أن بريجيت اختارت الاطلالة الأنيقة الكلاسيكية. وهنا تجدر الاشارة إلى ألين وبرجيت اطلتا على المسرح في أكثر من مرة بأزياء فولوكلورية متشابهة ولكن بألوان مختلفة.
أداء ألين على المسرح كان جنونياً .. فكانت مليئة بالطاقة "تنط" وتغني وترقص. ولاحظنا أنها قصدت في ادائها على ابراز قدراتها الصوتية خصوصاً في النغمات العالية، ونجحت في ذلك حتى لو طغى في بعض الأوقات النمط الغربي على ادائها. وهذا أمر طبيعي لأن الين تغني بالعربية والأجنبية.
اما بريجيت فكانت أميرة هذا الحفل.. فكان اداؤها متمكناً جعل الجمهور يستمتع كثيراً بصوتها الذي صدح في ارجاء المكان. وبالفعل بريجيت أثبتت انها من الأصوات الرائعة التي تستحق كل الدعم والتقدير. فكانت أنيقة في اطلالتها، غنائها، حركاتها وتنقلها على المسرح.
البرنامج والأغاني
قدم النجوم المشاركون في هذا الحفل باقة من الاغاني المنوعة منها القديم لفنانين كبار ومنها الجديد وهي اغانيهم الخاصة.
انطلق الحفل بصوت رامي عياش الذي قدم "لبنان يا قطعة سما" للفنان الراحل وديع الصافي واكمل بعدها بأغنيته الخاصة "جبران".
اطلت بريجيت ياغي وقدمت أغنية "شو في خلف البحر" لروميو لحود وغنى رامي اغنية "اشتقتلك" وألين قدمت "سهرانين" لتختتم بريجيت هذا القسم بأغنيتها الخاصة "وبقلك شي".
الميدلي البدوي تضمن باقة من الأغاني وهي "زينة لبست خلخالها"، "فوق الخيل"، "دقي يا ربابا"، "ويلي من حبهن"، وختم رامي بأغنية "أمير الليل".
وتضمن البرنامج أيضاً ميدلي شعبي غنت فيه ألين أغنية "زقفة يا شباب" ورامي "قوم يالله نرقص" وبعدها انضمت لهما بريجيت وقدموا معا أغنية "مرحبتين".
وللأغاني الشرقية حصة أيضاً في البرنامج، فغنى رامي "قلبي مال" و"افرح فيكي"، "يا مسهر عيني" وقدم مع ألين أغنية "طال السهر"، لتختم الين هذا الجزء بأغنيتها الخاصة "يا عيني عليك".
باقة أخرى من الأغاني قدمت للجمهور بصوت الثلاثي اللبناني، فغنت بريجيت "اهواك" لزكي ناصيف، وألين "بكرا بتشرق شمس العيد" لروميو لحود وأخيراً رامي "خليني معاك".
وللدبكة حصة أيضاً في البرنامج: أغنية رامي عياش "وردية"، أغنية "يدوم عزك" بصوت ألين لحود، "يا ام الضفاير" بصوت بريجيت، والثلاثي قدموا معاً أغنيتي "وينك يا خيال" و"قالو البطل" ليختم رامي باغنية "بكتب اسمك يا بلادي".
أما الختام فكان مع أغنية "قلعة كبيرة" قدمها الثلاثي رامي عياش وبريجيت ياغي وألين لحود وسط تصفيق حار من الحضور.
تكريم روميو لحود
وقبل انهاء الحفل اعتلت رئيسة المهرجان السيدة نايلة دو فريج المسرح لتكشف عن مفاجأة للحضور. وألقت كلمة جاء فيها :
مسا الخير، الليلة مع عيد الليالي اللبنانية ، ليلتنا سعيدة. 60 سنة مرت على الفلكلور اللبناني بمهرجانات بعلبك، هلي إنطَلَقْ منو "ريبيرتوار" موسيقتنا اللبنانية، ومتل ما اسمعنا من شوي / كتير من هالأغاني بتحمل توقيع استاذ ، هو / استاذ الأبجدية. وسأل يا مسافر ، شوفي خلف البحر، وأخدنا معو على طريق العين ولما ع طريق العين أخدنا الريح وأخدنا الليل لوصّلنا على نبع المي ، وكانت المسيرة نبع من العطاء شَمَلْ 37 استعراض مسرحي، اسس 5 دُور مسرح ، اخرج وانتج فيلم سينمائي طويل . عمل بالسكالا دي ميلان. وكان اول لبناني أدم عمل بال Olympia – بباريس. بس كانت الرجعة على لبنان ضرُورَة / بلش ببعلبك سنة 1963، مع مسرحية الشلال وكرت المسبحة مع الليالي اللبنانية ، القلعة والفرمان و المهرجان. حب مش بس مهرجانات بعلبك ، انما حب المكان وسكان بعلبك وهالهياكل وكان حضوره ببعلبك مميز والتضامن العائلي الفني كان تكملي للإبداع بكل انواعو. تعامل مع فنانين اصبحو نجوم متل صباح ، مجدلة ، ناديا جمال، ملحم بركات ،أنطوان كرباج ، جوزيف عازار ، عبدو ياغي، وطبعاً سلوى القطريب. ولما منسمع عناوين متل "اخدو الريح واخدو الليل" وخدني معك" و "قديش قضينا سوا".... منعرف انو عم منحكي عن اسم ما بيحتاج اي لقب : روميو لحود". ولأنْ مش كل سنة بتكون اليالي عم تحتفل بعيدا الستين ومتل ما قال مش كل سنة بتتلج الدني وبشيب القمر والمبدعين لما يشيبو بكونو رسمو تاريخ بلادُن... الليلة لجنة مهرجانات بعلبك بتقلك روميو لحود شكراً".
وأطل الكبير روميو لحود ليتسلم درعاً تكريمياً وقال لحود في كلمته: "أنا خلقت هون فنياً" وبكى تأثراً، واشار الى أن كل ما قدمه في الفن جاء محبة للفن وللجمهور اللبناني حيث يعتبر ان الجمهور أخوته، وتمنى ان يبقى لبنان ثابتاً كما عواميد قلعة بعلبك، وشكر لجنة المهرجانات على التكريم".
الاخراج والمؤثرات البصرية والرقص
مما لا شك فيه أن اطلالة الثلاثي كملتها بشكل ناجح اللوحات الراقصة التي رافقت معظم الأغاني التي قدمت. ظهور الراقصين كان ممتعاً دخولهم وخروجهم مدروس. ازياؤهم تتماشى مع أجواء بعلبك والاغاني التي قدمت. فلم تر تضارباً بينهم وبين حركة الفنانين على المسرح بل في بعض الاحيان كنا نرى رامي وألين وبريجيت يتفاعلون بشكل جميل معهم ويرقصون أيضاً.
المؤثرات البصرية التي عرضت على جدران القلعة كانت جيدة وعصرية بعيدة عن التقليد والكليشيه.. ولكن جمالية هذه المؤثرات لا تظهر إلا للجمهور الذي يجلس في الصفوف الأخيرة أو حتى الناس الذي يمرون على الطرقات بجانب القلعة.
طبعاً الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو ايلي العليا ابدعت بعزفها للأغاني وكان التناغم واضحا بينها وبين الفنانين وهذا بالطبع نتيجة التمارين التي حصلت قبل الحفل.
وأخيرا الاخراج لجيرار أفيدسيان، وهو الذي أشرف على العديد من العروض الاستعراضية لفنانين كبار نجح مرة أخرى بتقديم عرض "نظيف" للجمهور. بطبيعة الحال نحن لسنا أمام عرض مسرحي أو نص متكامل الفصول، انما أمام فقرات موسيقية تتضمن أغاني مختلفة بأصوات 3 فنانين. وبالتالي ليس على جيرار ان يقدم مسرحية للجمهور، انما أن ينسق هذه الزهور الموجودة امامه في باقة جميلة ومتناغمة. من هنا نقول أن جيرار نجح لأن دخول وخروج الفنانين لم يكن نافراً. الراقصون وتفاعلهم مع الفنانين كان ناجحاً.. وحتى المشهد "الزجلي" والرديات بين الفنان رامي عياش وبريجيت ياغي كان "مبكل".
القلعة غائبة والجمهور كبير
انها المرة الاولى منذ سنوات التي لا تظهر فيها اعمدة بعلبك الأثرية خلال المهرجانات فهي تخضع للترميم والصيانة. وبالتالي لم تظهر للمشاهدين خصوصاً عند حلول الظلام. ولكن يمكننا ان نقول وبكل ثقة أن رامي عياش وبريجيت ياغي وألين لحود كانوا بالفعل كأعمدة القلعة شامخين وساطعين بادائهم.
وهذا النجاح للحفل، اكدته عوامل عدة ابرزها الحضور الكبير الذي قصد بعلبك من بيروت بحيث فاق عدد الباصات التي توجهت من العاصمة إلى بعلبك الخمسة مركبات. كما بيعت البطاقات خارج القلعة "بالسوق السوداء" كما شاهدنا. بالاضافة إلى قيام العديد من الأشخاص الذين حضروا العرض الخاص بأهالي المنطقة بالحضور مجددا ومحاولة الدخول ببطاقات الحفلة السابقة.