كلود صليبا كاتبة مغلفة بالانسيابية والواقعية وتتحلى بالموضوعية، صاحبة مخيلة خصبة، اخترقت المألوف ومضت بنصوصها الى اللامألوف، فشكلت حالة خاصة بها سواء على الساحة الدرامية أو الكوميدية . قدمت باقة من النصوص السينمائية والتلفزيونية غالبيتها حصدت نجاحات باهرة. موقع الفن فاجأها وهي تركن سيارتها في مرآب السيارات وجاء بهذا الحوار المشوق.
كلود صليبا مَن انت في عالم الكتابة الدرامية اليوم؟
أنا زائرة إن صح التعبير، أدوّن على الشاشتين ، الكبيرة والصغيرة ، أفكاراً تلامسني شخصياً ، أرسم في مخيلتي شخصيات وأحولها الى أناس حقيقيين على الشاشة.
لأي مدى يشبه الكاتب الدرامي الحكواتي أيام زمان؟
إنهما وجهان لشخصية واحدة بفارق بسيط ، الحكواتي كان ينسج قصصه من سيرة عنترة وأبو زيدالهلالي ويقرأها علنية في مجالسه، بينما الكاتب ينقل واقع الحياة ونبضها بمشهدية على الشاشة.
الفكرة حاضرة دوما وجاهزة في مخيلتك؟
الفكرة الرئيسية طبعاً تكون موجودة وأنطلق منها ، إنما أحداثها ضمن الحبكة الدرامية تأتي من خلال سياق النص وحركة الشخصيات التي تأخذك معها إلى زوايا وخفايا غالبا ما تكون وليدة الصدفة .
ما هو تقييمك لحال الدراما في لبنان؟
لاشك أن الدراما اللبنانية تطورت وحققت قفزة نوعية وذلك بفضل خصوصيتها وبفضل الناشطين فيها ، كما بات فيها وجوه ونجوم لامعين لهم مكانتهم في العالم العربي . أوجدت الدراما أيضا منتجين كفوئين ، مناضلين في سبيل إعلاء هذا القطاع والوصول به الى بر الامان.
لأي مدى انعكست نفسيتك المرحة على نمط كتاباتك؟
صحيح في نصوصي شخصيات تشبهني كثيرا ، وأشعر بأنها قريبة مني، " ما في أجمل من القناعة بالحياة " والصدق مع الذات هو ميزان الاتزان في حياتنا، أنا والحمد لله مقتنعة بكل خطوة أقدمت عليها وصادقة مع نفسي، أعيش الحياة بلا عقد ومؤمنة بأن لكل منا نصيبه وأنا مرحة جدا ، وهذه الأمور تنعكس على كتاباتي.
يعتبر الكاتب بالصيغة المعنوية هو البطل الرئيسي في العمل أياً كان دراميا أو كوميديا؟
هو البطل لمرحلة معينة ومحدودة ، بعد ذلك تأخذ الكاركتيرات قنواتها الى البطولة ، فالكاتب يرسم مسودة عمله ، وبعد ذلك يدخل شيئأ فشيئاً الى أحداث قصته.
الاحتمالات في الحبكة موجودة وجاهزة في قصصك؟
بالتأكيد.. فالشخصيات تشبه الجنين في رحم والدته ، وكل شخصية قابلة للتغيير والتبديل وفقأ لمجرى الأحداث ، لهذا السبب أضع عدة احتمالات لكل شخصية .
من يطلع على نصوصك قبل عرضها على المنتجين؟
أكون قلقة جداً قبل أن تطبع الحلقات على الكمبيوتر وأبقى منشغلة بالتعديل وضبط النص حتى تصبح حاضرة للعرض، أول من يطلع على نصوصي هم أهلي وعائلتي والمقربين مني ، يشاهدونها وهي ورق صامت ويتابعون أحداثها قبل أن تعرض على الشاشة .
أيهما الأكثر سهولة الكتابة التلفزيونية أم السينمائية؟
لكل منهما خصوصيته ، تقنيته، أدواته، فالنص الدرامي التلفزيوني مساحة السرد فيه تستدعي الإطالة ، إنما النص السينمائي مساحة السرد فيه قصيرة وتقطيع المشاهد سريع جدا والنصان المذكوران يخضعان لنظام واحد في الكتابة هو الأسلوب.
كيف تتعايشين مع شخصيات نصوصك؟
أدرس كل شخصية من الناحيتين الاجتماعية والنفسية ، أغوص في أعماقها وتركيبة كيانها ، وأفتعل أحداثا تضيف رونقا للشخصية فمثلا كما حصل في فيلم bebe حين قصدت حالات شبيهة بحالة الشخصية التي لعبتها ماغي بو غصن على الشاشة.
بفترة ما نشطت الدراما المكسيكية وها هي اليوم الدراما التركية تغزو شاشاتنا كيف تقرأين هذة الانعطافات الفنية وتأثيرها على الدراما اللبنانية؟
الفن مثله مثل أي مجال للاستثمار والأعمال الفنية الدرامية ، لا ترتبط بمكان أو زمان ، والدراما هي لغة التعبير عن الواقع والمجتمعات . نجحت الدراما اللبنانية لأنها نبعت من وجع المجتمع مسلطة الضوء على خفايا وأسرار هذا المجتمع ، فلامست أوجاعنا وجسدت حقيقة مشاكلنا لهذا السبب حافظت على ثبوتيتها ، عكس الدراما الدخيلة.
كلود صليبا تنتقد أعمالها؟
طبعاً، ولست متعاطفة مع نفسي ، أنتقد بشدة وحزم ، وأفصل بنود أخطائي بنداً بنداً وأقيّم كل خطوة أقدمت عليها .
هو شعورك عندما تشاهدين أعمالك على الشاشة؟
بصراحة، لمجرد الاعلان عن عرض عمل من كتابتي ، أدخل في دوامة القلق والخوف وابقى لمدة أسبوع على هذه الحال لينجح العمل ويحقق نسبة من الإيرادات والمشاهدين ، فأعود الى لملمة نفسي واستئناف حياتي .
هل انت سعيدة بما قدمتِ من أعمال؟
السعادة عندي في القناعة ، الحمد لله ، بعد الانتهاء من كتابة كل نص تجدني أبحث عن نص جديد وفكرة جديدة ، قد ينتهي العمر والأفكار لا تنتهي في مجتمعاتنا .