كثيرون لعبوا شخصية البخيل سواء على المسرح أو الشاشة الصغيرة، حتى كثيرون من الكتّاب ركزوا في كتاباتهم على أبعاد هذه الشخصية اجتماعياً لكنهم عجزوا على تطبيعها في الذاكرة.
وحده الممثل صلاح صبح المشهور بشخصية "شكري شكر الله" في فرقة ابو سليم (صلاح تيزاني) استطاع أن يرسخ هذا الكاركتير في أذهان الناس، بفضل موهبته وادائه، فتفرد بصنع هيكلية كوميدية لشخصية البخيل.
موقع الفن استضافه في هذا اللقاء:
• أيهما الأقرب إليك شخصية شكري شكر الله أم صلاح صبح؟
طبعاً صلاح صبح، الفنان الذي استطاع أن ينسج معالم هذه الشخصية ويفصلها على مقاسه، ثم طورها وجعل منها رمزاً محبباً عند الناس والمشاهدين.
• تثير شخصية البخيل حالة من الرفض عند المشاهد كيف استطعت تظريفها؟
عملت أولاً على الإطار الخارجي لهذه الشخصية، ركزت على أكسواراتها حركاتها، مظهرها وحتى الصوت. بعدها عملت على مضمونها الداخلي، فأعطيتها روح الظرف والفكاهة لاكسر صورتها النافرة اجتماعياً.
• ما زالت موجة الكوميديا اليوم محافظة على عافيتها كما في السابق؟
للأسف الشديد تتصف الكوميديا اليوم بالاباحية حيت طغت على صورتها الوقاحة بدلا من الجرأة.
• ما هي المشهدية في الكوميديا؟
هي نقد ساخر للحياة الاجتماعية، تمتزج فيه الدمعة مع الابتسامة.
• غالبية البرامج الكوميدية اليوم تطال السياسين؟
انا فنيا ضد هذه الظاهرة لأنها هامشية والسياسيون آخر همهم مثل هذة الانتقادات. فالكل منا حتى الصغير يعلم واقع الحياة السياسية في لبنان.
• فقدت النكتة رونقها صحيح؟
الاسكتش الكوميدي أصبح رقيقاً وسطحياً.
• ما هو دور الفن الكوميدي؟
عندما ظهر الفن المسرحي في أوروبا وتحديداً مسرح موليير، أحدث ثورة من الاصلاحات في المجتمع الاوروبي وقامت الثورات الاصلاحية، لأنه يحمل رسالة إنسانية ساخرة وناقدة، انما بمضمونها السري، رسالة هادفة وبناءة.
• هل تخطى كاركتير شكري شكر الله حدوده المحلية؟
بالتأكيد، اتصلت بي من الخليج الاعلامية "ميرا علي " واطلعتني بان شكري شكر الله يطلق في بلادها على اي بخيل . هذه دلالة على أن الشخصية انطبعت في اذهان الناس.
• من المسؤول عن تدهور النص الكوميدي؟
الاعلام بالدرجة الاولى، لأنه يفتقد الى الاتجاهات الحقيقية وتسوده حالة من الفوضى، فالاعلام اليوم غير خاضع للرقابة وتسوده حالة من التجارة التي تأخذ به الى عالم الاسفاف والاستهلاك.
• حضرتك من جيل الممثلين الذين يرتجلون المشاهد العفوية؟
الارتجال بالتمثيل يحتاج الى ثقافة عالية وعميقة واطلاع شامل، فالممثل الناجح هو متابع مواظب للحركة الثقافية والانتاجات الابداعية الفكرية والمفروض أن تكون ثقافته عالية وشاملة المعرفة.
• برأيك لماذا صورة جيل الممثلين أمثالكم ترسخت في الذاكرة أكثر من جيل اليوم؟
• بصراحة، الفن أيام زمان كان يلامس اوجاع الناس، همومهم، مشاكلهم، وكان الممثل ينزل الى الفقراء سواء من خلال الشاشة الصغيرة أو المسرح حتى النصوص على مختلف أنواعها كانت نابعة من الشارع الشعبي.
• ما هو الفرق ما بين المسرح والشاشة الصغيرة؟
الفرق هو الشمولية، فالمسرح هو صلة الاتصال المباشر مع الناس والعمل على خشبته متعة لا توصف، لكنه مرتبط بإطار معين منه البطاقة للدخول والعدد من المشاهدين، بينما التلفزيون يتصف بالشمولية والابحار في عالمه أوسع.
• كيف تقيم وضع المسرح في لبنان؟
فقد المسرح اليوم الكثير من خصوصيته وحضوره على ساحات الانتاجات، خصوصأ انه كان يقوم على أسس متينة والاعمال المسرحية التي قدمت سابقأ سواء من قبل الرحابنة، شوشو، روجيه عساف، ريمون جبارة، انطوان غندور او غيرهم كلها اعمال حفرت قنواتها في ذاكرة الفن المسرحي نظراً لقيمتها وتقنيتها العالية.
• بماذا يمتاز الممثل اللبناني؟
يمتاز بالاحساس العالي ورهافة الشعور، لان عطاؤه ينبع من معاناة الشعب الكادح، المثقلة يومياته بالفقر والجوع.
• لأي مدى النص الفني على مختلف انواعه يحاكي يومياتنا؟
لأقصى الحدود وبعض الاعمال سواء الدرامية أم الكوميدية تكون نابعة من صميم القلب وتستطيع أن تستخلص الضحكة بمشهدية ضاحكة.
• لماذا الفنان صلاح صبح بعيد عن الشاشة اليوم؟
العمل أصبح اليوم كناية عن عمل محسوبيات، ولكل فريق شلته من كتّاب وممثلين ومخرجين وباتت شاشات التلفزة هدفها تعبئة ساعات البث على الهواء، لا تكترث الى ثقافة الفنان.
• عمر ثقافتك الفنية؟
55 عاما كانت مكللة بالكفاح وإسعاد الناس وفيها الكثير من التجارب الفنية القيمة.
• ما يشغل بالك اليوم؟
الغد المجهول، فأنا انسان مؤمن بالله والقدر، ولكنني حزين على فني.
• تشعر بالندم لأنك فنان؟
أشعر بالندم لاني فنان في لبنان، فانا سافرت الى الخارح ورأيت كيف يعامل الفنان عندهم، شيء محزن عندنا نهاية الفنان.
• ألم تجد كاتبا يعد نصا مستقلا عن شخصية شكري شكر الله؟
بصراحة وجدت هذا الكاتب ولكن نصه كان قائما على الاطالة. نحن اليوم في عصر السرعة وتقطيع المشهد يجب أن لا تتجاوز مدته الثلاثين ثانية.