بدأت مسيرة الممثل السوري علي كريم الفنية في ثمانينات القرن العشرين، حيث شارك بعدة أعمال أبرزها "شجرة النارنج" عام 1989، ثم تتالت مشاركاته الدرامية والسينمائية. اشتهر بشخصية "العكيد أبو النار" عبر أجزاء "باب الحارة" الثمانية، وسيكون متواجداً في جزئه التاسع الذي يعرض خلال شهر رمضان المقبل. كما شارك بما يقارب مئة عمل درامي من أهمها: "بقعة ضوء"، "طالع الفضة"، "زمن البرغوت"، "يوميات مدير عام"، "أهل الراية"، "قمر بني هاشم"، "بيت جدي"، "الداية"، "ورود في تربة مالحة"، "الخوالي"، حمام القيشاني"، "أبو كامل".
الممثل السوري علي كريم حل ضيفاً على موقع "الفن" وكان هذا الحوار:
بداية لنتحدث عن مشاريعك الجديدة؟
أعكف على كتابة نص لمسلسل تلفزيوني سيكون أول مشاريعي الكتابية المتكاملة، العمل بوليسي أنجزت منه حتى الآن ست حلقات. وقمت بهذا العمل بهدف التسلية أولاً، وكون الأعمال البوليسية تحمل طابع الأكشن ثانيا.
هل كان لديك محاولات لمشاريع كتابية سابقاً؟
سبق وكتبت ثلاثية بعنوان "الحوالة"، وسباعية للتلفزيون بعنوان "عودك رنان"، وسهرتين تلفزيونيتين، كما كتبت نصاً لمسرحية نفذتها في حارتي بمشاركة عباس النوري عندما كان عمري 17 عاماً، وأيضاً كتبت نصاً لمسرحية عنوانها "مدينة الضحك" لكنها لم تبصر النور.
ما سبب انقطاعك عن الكتابة لفترة طويلة؟
أفضل كتابة أعمال قصيرة لا يتطلب إنجازها وقتاً طويلاً، بينما المشاريع المتكاملة تحتاج إلى وقت وجهد.
هل من مشاريع أخرى على صعيد الكتابة؟
بدأت مؤخراً بكتابة نص مسرحي سيتولى إخراجه مأمون الفرخ، يروي حكاية شخصية تسير باتجاه حبل المشنقة، وتستعرض الحبكة ملامحها، كما تفند موروثها الذي يبلغ 1400 سنة، والعمل مونودرامي يقتصر على ممثل واحد.
ألا تعتقد أن هذا العمل يحمل حالة تشاؤمية؟
المسرحية لن تكون بعيدة عما يعيشه الإنسان في المنطقة العربية بشكل عام، كما أن حبل المشنقة رمز للموت فقط، ولن نرى هذا الرجل الذي يسير باتجاهه مشنوقاً.
يشهد المسرح السوري مؤخراً نهضة جميلة ما رأيك بالعروض التي تقدم؟
حقيقة لم أتابع أي عرض مسرحي في الفترة الأخيرة نتيجة الالتزام الصعب بالتصوير، لكني معجب بشخص قدم أعمالاً مسرحية مهمة وهو عروة العربي.
ننتقل للحديث الدراما، بدأت بتصوير مشاهدك في مسلسل "قناديل العشاق" فماذا عن شخصيتك؟
ألعب شخصية تاجر، يرتبط خطه بالحدث الرئيسي للعمل الذي يتعلق بإرث، فيبحث الرجل عنه خلال الأحداث حتى يحصل عليه.
العمل تعرض لبعض العقبات منها انسحاب قيس الشيخ نجيب من العمل بناء على اعتراض بعض زملائه.
لا يحق لأحد الاعتراض على أي ممثل سوري جاء ليعمل في بلده.
وكذلك بالنسبة لسيرين عبد النور.. هل ترحب بمشاركة لبنانيين في أعمال سورية؟
هذا الموضوع تحديداً له غايات إنتاجية، ويبدو أن المحطات تشترط في عقودها مع شركات الإنتاج وجود مشاركات لبنانية. فالسوق الخليجي مؤخراً بات يرفض الأعمال السورية فبدأنا نبحث عن قنوات أخرى وهذه القنوات تلزمنا بشروطها علينا وإحدى تلك الشروط إشراك اللبنانيين.
وبغض النظر عن موضوع التسويق، لستُ ضد المشاركات اللبنانية في الأعمال السورية، على العكس، هناك العديد من الفنانين السوريين يسجلون حضوراً في أعمال لبنانية، بالمختصر اللبنانيين أخوتنا.
إذاً أنت تشجع الدراما المشتركة؟
طبعاً، فنحن جميعاً أبناء منطقة واحدة ومن غير الصائب أن نقف ضد أي شخص حضر للعمل في سورية، وكذلك الأمر بالنسبة لأي شخص سافر للعمل في الخارج، فلكل منا ظروفه التي تملي عليه ما يفعل، ومعاناتنا وهمومنا وأخطارنا مشتركة، وما الفرق بين السوري أو المصري أو اللبناني؟ جميعنا أبناء منطقة تعاني من تآمر دولي مرعب.
وما رأيك بنتيجة العمل؟
النتيجة جيدة كون الشخصيات اللبنانية التي تشارك في الأعمال السورية وجد لها بعض الحلول والمبررات الدرامية، فلمَ هذه العدوانية ولم لا نعمل معاً "ما عم أفهم"؟.
انتهيت مؤخراً من تصوير مسلسل "وردة شامية"، حدثنا عن هذا العمل؟
ألعب شخصية تاجر أقمشة تختفي زوجته فجأة فيعاني من تداعيات هذه الحادثة ويشعر بالذل بخاصة في ظل وجوده ضمن بيئة محافظة ومتشددة، فيبدأ عملية البحث عنها وتنقلب حياته رأساً على عقب.
هل ستحمل الشخصية طابع الشر؟
أحياناً قد تذهب الشخصية ضمن ظروفها الصعبة والقلق والاضطراب الذي تعانيه باتجاه الشر، ويصبح من السهل عليها ارتكاب الجرائم أو النحو بهذا الاتجاه.
العمل مأخوذ عن القصة الشهيرة ريا وسكينة، هل تؤيد الأعمال المقتبسة؟
لا أرى أن هذا العمل مقتبس، وإنما تقليد لعمل مصري، وبرأيي العمل ليس شامياً أو بيئياً وإنما متخيلاً ينتمي إلى الفانتازيا، وبإمكاننا تحويله إلى عمل عصري بكل بساطة. وإذا أردنا الرجوع إلى البيئة فأناسها لا يشبهون الشخصيات الموجودة بهذا العمل.
ما الأعمال التي تعتبرها أعمالاً شامية حقيقية؟
هناك أعمال نفذت مسبقاً مثل "طالع الفضة" و"أبواب الريح" وكذلك مسلسل "قناديل العشاق"، برأيي استطاعت أن تتكلم على البيئة الشامية بشكل حقيقي، فهي تعرفها وتدرك قيمها وتراثها، والأعمال التي تذهب باتجاه تلك المصادر تحترم بالفعل هذه البيئة.
أما الأعمال الأخرى التي يؤلفها كاتب من شمال سورية مثلاً، فهو لا يعرف البيئة الشامية الحقيقة بكل تفاصيلها ولا قيمها ولا أخلاقها حتى ولو عاش فيها مئة سنة، ومن الممكن أن يكتب أحداثاً لا علاقة لها بالبيئة، فهناك بعض الأحداث التي كتبت في أعمال شامية لو أنها جرت فعلاً لعوقب عليها أشخاص كثر، فهناك عملية تخريب للبيئة.
ومن الأفضل أن نطلق عليها أعمال فانتازيا تم وضعها بزمان ومكان افتراضيين لنبرر ونبرئ تفاصيل الأحداث التي يتم اختلاقها، ونضعها في دائرة الافتراض.
وماذا عن "باب الحارة"؟
هو أكثر عمل لم يحترم البيئة، فهو أيضاً من جملة الأعمال التي تحتوي أحداثاً مفترضة ولا علاقة لها بالبيئة الحقيقية. سأطرح عليك مثالاً، أحد أحداث "باب الحارة" أن النمس يضع "تنكة" على كتفه ويقف على "طاقة" ويكلم ابنة حارته، بتلك الفترة لا يتجرأ أي شخص على القيام بمثل هذا التصرف كونه يعتبر اختراقاً كبيراً لقيم الحارة حتى على المستوى الإنساني، ويشكل رعباً لأي شخص يقدم على هذا التصرف.
رغم انتقادك للعمل إلا أن مشاركتك مستمرة في أجزائه؟
أشارك فيه لأني مضطر على العمل للعيش، وإذا أردنا أن نحصي الكتّاب الموجودين فعددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، ليس لدينا كاتب محترف ولا موهوب إلا قلة نادرة، لذا فأنت مضطر للعمل كونك غير قادر على إنتاج مسلسل تستطيع عبره اختيار الكاتب الذي يحلو لك، ولطالما تمنيت ألا أضطر للعمل ولا أرتكب الخطأ.
هل تعتبر مشاركتك فيه خطأ؟
ليس فقط في "باب الحارة" وإنما في جميع الأعمال الشامية باستثناء التي ذكرتها منذ قليل، فكما قلت لك جميع تلك الأعمال مختلقة ومفترضة وتسيء للبيئة ولا تحترمها. حتى الأولاد صاروا يشترون الخناجر إثر مشاهدتهم للعمل ما يدل على أنه نمّى روح الشر عند المشاهدين، وبرأيي الإنسان بطبعه شرير، فإما أن نطور مشاعر الخير لديه أو على العكس السلبية والشريرة.
إذاً شخصية "أبو النار" تتضمن مشاهد تنمي مشاعر الشر لدى المشاهد؟
قمت بحذف جميع مشاهد الشر والعدوانية والمهاجمة بشخصيتي، ولم ألعب أي مشهد يحتوي ما سبق كي أبرئ نفسي من ذلك، ومن يعرف البيئة يدرك تماماً أنه ما سبق وتعدت أو هجمت حارة على أخرى إلا فيما ندر، وكل تلك القصص افتراضية.
وللأسف نحن جميعنا ساهمنا بهذا الموضوع وللتوضيح، أول جزء من "باب الحارة" تناولت أحداثه سنة 1930 وتم تخريج أول دفعة طب عام 1920 وكان هناك قسم صحافة وعرض فيلم سينما اسمه "تحت سماء دمشق" لإسماعيل أنزور، وتظاهرت نساء ضد سلخ لواء إسكندرون، هذه هي دمشق وليست كما نشاهده بالأعمال الشامية.
ما التطورات التي ستطرأ على شخصية "أبو النار"؟
لا تطورات تذكر على الشخصية وجميع مشاهد "أبو النار" تتمحور حول معاتبة "النمس "على أفعاله.
وقلت للمخرج "لو عرفان كل مشاهدي رح تتمحور حول النمس كنت ما اشتغلت". وأرى أن النص لن يتطور ولن ينتج أكثر مما أنتج.
إلى جانب تلك الأعمال كان لك مشاركة متواضعة في مسلسل "الغريب"؟
نعم شاركت بدور صغير في مسلسل "الغريب" ولعبت شخصية محام متواطئ يحتال على العدالة.
مؤخراً مشاركاتك بالأعمال الشامية تفوقت على باقي الأنواع ما سبب ذلك؟
معظم الشركات اتجهت مؤخراً نحو إنتاج أعمال شامية، وشاركت في "الغريب" ولم يعرض عليّ عمل معاصر غيره.
لربما سبب إدراج اسمي في جميع الأعمال الشامية كوني ابن حارة شعبية، لكن بالمقابل هذا ليس شرطاً أساسياً، والشركات لا تعير تركيزها لهذا الموضوع فالأعمال الشامية تضم ممثلين من جميع المدن، وأنا لست ضد هذا الموضوع لكن على الشخص أن يجتهد بطريقة كلامه وروحه كي يقدم المصداقية، البعض قادر على أداء الشخصية الشامية إلى حد ما حتى ولو أنه من مدينة أخرى، والبعض الآخر غير قادر على ذلك "ينكشف لاحقاً".
بعيداً عن الأعمال الشامية، يشهد الموسم الحالي عودة إلى الأعمال الكوميدية، برأيك هل الناس قادرة على تقبلها في ظل هذه الظروف؟
الناس ليسوا بحاجة إلى الكوميديا وإنما يتوقون إلى الأمان، وهناك أشخاص بحاجة حتى لرغيف الخبز. وأرى أن الأموال التي تصرف على الدراما لو تم توظيفها لخدمة وتلبية حاجات الناس التي تقيم في الشوارع وحل مشاكلهم وأوجاعهم لكان أفضل بكثير.
وبالطبع لا نستطيع أن نوجه هذا الكلام للشركات المنتجة فهذا عملهم وتجارتهم ومصدر رزقهم، ومن المؤكد أنهم سينتقدون ويستهجنون كلامي القائمين على مؤسسة الإنتاج التلفزيوني.
ما رأيك بالأعمال الدرامية التي تقدم في السنوات الأخيرة؟
الدراما مؤخراً لم تقدم أعمالاً مهمة إلا فيما ندر بالعموم، فهي تعاني من أزمة نصوص وكتّاب، وحتى الكتّاب الموجودون لا يملكون أي خلفية ثقافية حقيقية باستثناءات قليلة.
إذاً الدراما السورية ليست بخير؟
سأطرح عليك عدة تساؤلات: من الشخص القادر على قراءة الواقع بشكله الصحيح، أو كتابة هذا الواقع بشكل صحيح؟ أو من الشخص الذي يستطيع الدخول إلى لب الحقيقة أو رؤية الواقع بشكل حقيقي؟
هدف الكتّاب من كتابة النصوص بيعها وليس إيصال رسالة أو مقولة عبر العمل، والشرط الأساسي عدم الدخول في الممنوعات الخليجية أو المحلية وبالنتيجة وبناء على ذلك لا أحد يمتلك مشروعاً حقيقياً إلا فيما ندر.
المسلسلات التي تناولت الأزمة ألم تكن صادقة وواقعية؟
بعض الأعمال التي تناولت الأزمة حملت شيئاً من المصداقية، مثل "بانتظار الياسمين" و"عناية مشددة" والقليل أيضاً.
ما سبب ابتعادك عن السوشل ميديا؟
لا أحب الدخول إلى هذا العالم خوفاً من الإزعاجات والمضايقات وكوني رجل ملول "ومالي خلق".
ما نصيحتك للمواهب الشابة؟
أود أن أقول لهم "الله يكون بعونكم" على هذه الحياة الصعبة، يا ترى هل بقي لديهم آفاق بعد أن رأوا قباحة ست سنوات من الحرب؟. أرى أن كل مواطن سوري بحاجة اليوم لطبيب نفسي بعد الظروف غير الإنسانية التي مررنا بها من جوع وغلاء معيشي. أتمنى لهم التوفيق وأن يحظوا بفرص مناسبة لأننا نعاني من أزمة فن وأزمة حياة وأزمة معيشة ناهيك عن القلق الذي نعيشه أثناء سيرنا في الشوارع.