فنان أبدع بالتمثيل، صحافي تمرّس بالكتابة، ناقد إحترم الكلمة، صوت وظفّه للإنسانية والحدّة والإحتراف. هذا هو جوزيف بو نصار الذي لا يمكن أن نختصره بكلمات، ولا يمكن أن نختصر أعمالاً وجوائز ونجاحات حصدها في أكثر من ثلاثين سنة. من "نضال"، "وأشرقت الشمس"، "الينابيع"، "حواء في التاريخ"، وغيرها وآخرها الدور المركب الذي ترك انطباعاً في نفوس المشاهدين وهو دور كرم بك في مسلسل الشقيقتان. يحلو الحديث معه لأنه مثقف بالأدب والشعر والمسرح، فكان هذا اللقاء الخاصّ لموقع الفن:
مبارك دورك في مسلسل الشقيقتان. لماذا دائماً هناك شرّ في دورك خصوصاً أنك تجسد شخصية معقدة في المسلسل؟
صحيح أن الشخصية شريرة ومعقدة لكنها في الوقت عينه ضحية. وأنا ألعب على هذه المستويات الثلاث. فهو ضحية قراراته وأخطائه السابقة ولا أعرف كم يستحق كرم بك هذا العقاب. فجميعنا يخطئ في الحياة وفي النهاية هو يدفع ثمن أخطائه.
نلاحظ دائماً أن الكتاب يفضلون أن تدفع الشخصية ثمن أخطائها ولا تذهب إلى المعالجة لماذا؟
هذا السؤال يتوجه إلى الكاتبة الصديقة كلوديا مرشيليان لكنني أعتقد ولا أؤكد أنها كتبت عن شخصيات عديدة ذهبت نحو الشر لكنها عولجت وتابت. مثلاً الخيانة الزوجية في مسلسل "يا ريت" فأنا اديت دور الشخص "السئيل" الذي يخون زوجته ثم يعي ما فعله ويتوب ليعود إلى زوجته.
إلى أي حد تجد أن الدور صعب لأن فيه ثلاث شخصيات في شخص واحد؟
كرم بك لا يضرب ثريا، فهو يكرهها إلى حد الضرب وفي إحدى المرات يدفعها لأنه كان غاضباً منها.
قال لي الممثل فادي متري إن لا أحد أتقن دور الضابط التركي كما أداه هو لكنني قلت له هناك جوزيف بو نصار في نضال..
لذيذ هذا الحب كله من أصدقائي الممثلين ومشكورون عليه. ولقد سألتني عن صعوبة تأدية دور شخصية فيها ثلاث شخصيات أقول لك إنها صعبة جداً فالممثل يركب الدور في رأسه وجسمه وفي مخيّلته وفي طبقة صوته وعينيه وجلده حتّى.
هل يشبه تحضير الدور شخصيات تعيش بيننا أم أنها من مخيلتك؟
نصفها من حياتنا الواقعية من أفكارنا وخيباتنا وأملنا وحزننا وفرحنا، أما نصفها الآخر فمن الخلق والإبداع الشخصي فعلى الممثل أن يرى الشخصية وإلى أي حد تشبهه ولا تشبهه ثم يدخل إلى عقله الباطني ليستحضر الكثير من الافكار والمواقف ليعود ويحققها كما يريده هو.
الممثل فيليب عقيقي قال لي مرّة: في إحدى المرات كنت أقوم بدور شخص سيموت ولأنني تقمّصت الدور إلى درجة كبيرة خفت أن أموت فعلاً على المسرح. هل تصل إلى هذه الدرجة من تقمّص الادوار؟
سأخبرك شيئاً، عندما كنت في بداية عملي، أخرجت معه عملاً تحت عنوان "مين بدو يقتل مين" كما شاركت معه بأعمال أخرى. فلا شك أنه عندما أنهي الدور أعود إلى شخصيتي الطبيعية وأتابع حياتي بشكل عادي. فالتمثيل مهنتي والسّرّ في صعوبة هذه المهنة وسهولة تأديتها بين الخروج من الدور والدخول إليه.
لقد عملت بالمسرح الغنائي وغيره ومسلسلات وسينما. أين تجد التفاعل الأكبر مع الجمهور؟
التفاعل الأكبر طبعاً في المسرح لأنه مباشر لكنني أعبد السينما وإلى اليوم مثلت في 9 أفلام سينمائيّة. الأول عام 1975 مع مارون بغدادي مع ميراي معلوف وعزت العلايلي. وآخر فيلم قبل بداية الحرب اللبنانية. إلى الفيلم الأخير الذي اديت فيه دور شرف في فيلم عرقتنجي وأعتبر أن هذه الأفلام السينمائيّة هي رصيدي الأساسي. أنا أحب المسرح وقد أديت أدواراً مسرحية عديدة واخرجت أيضاً مسرحيات لكنني أكون أكثر سعادة عندما أمثل فيلماً سينمائياً.
هل تشاهد أفلام السينما اللبنانية اليوم؟
نعم لقد شاهدت الأفلام كلّها. هناك أفلام أحببتها وأخرى لا.
في مسلسل الشقيقتان حتى الأدوار الثانوية أداها ممثلون محترفون وكبار مثل ختام اللحام المحترفة.
هذا يعود إلى الكاتبة كلوديا مرشيليان التي تختار الممثلين بالتعاون مع المخرج وأحياناً مع المنتج ايضاً. في السينما المخرج هو الذي يختار الممثلين وفي بعض الأحيان يفرض المنتج الممثلين لأنه يريد نجماً معيناً لفيلمه. في لبنان الثلاثة يتعاونون فيما بينهم وفي الشقيقتان كلوديا مرشيليان وسمير حبشي والمنتج جمال سنان تعاونوا معاً واختاروا حتى للأدور الصغيرة أبطالاً وكل الممثلين في المسلسل أبطال.
كيف نكتشف الدور الأهم في مسلسل حتى لو كان ظهوره في المشاهد أقل؟
هذا يعتمد على التمثيل وماذا يقول وعمره .
ماذا يعني ضيف الشرف ؟
يعني أن الدور الذي أديته في هذا الفيلم كان صغيراً لكنني أحببت الدور وقبلت به وليس لدي مشكلة بهذا الشأن. يعني هناك شخصية مثلاً في قصة المسيح هي شخصية يهوذا توازي بالأهمية شخصية المسيح. يمكن لدور صغير أن يغيّر مجرى الأحداث. فما يهمّني هو عمق الدور.
من تجد من الكتاب اليوم الأكثر عمقاً؟
أكثر كاتبين عملت معهما هما كلوديا مرشيليان وشكري انيس فاخوري وعملت مع منى طايع ومروان نجار وطوني شمعون وأحب نصوص الجميع لكن أكثر من أشعر بأنهم يستدعونني لأدوار خاصة وأحبها هما مرشيليان وفاخوري لأنهما يعرفان ماذا يعطيانني.
أي بطلة تحبّ أن تقدم معها دوراً ولم تقدّمه؟
أحب أن أقدم دوراً مع الجميع لا استثني أحداً ولا أطالب بأشخاص معينين.
إذا أعطوك دور جندي هل تقبل به؟
لم لا طبعاً.
البعض يقول إن نهلا ونادين الراسي متقاربتان في السن فكيف تؤدي نهلا دور والدة نادين؟
لا يهمني هذا الموضوع أنا شاركت معهما التمثيل وكنت مقتنعاً بأدائهما. ومقتنع بأداء كل من شاركته المسلسل وتعلمت منهم كلهم.
هل تحضر شيئاً للمسرح؟
لا ليس للمسرح بل للتلفزيون فلدي دور لا علاقة له بدوري في الشقيقتان ولا في وأشرقت الشمس ولا في نضال.
ما هو هذا الدور؟
دور عكس أدواري تلك فأؤدي دور المهضوم واللذيذ والذي يتمتع بحس الفكاهة والمرتاح.
أنت صحافي متمرّس في النهار وكاتب وناقد لكنك لا تكتب المسلسلات لماذا؟
هذا ليس عملي. فأنا أشطر بكتابة الأفلام الوثائقية من المسلسلات الدرامية. خصوصاً ان هناك الكثيرين يكتبون ونحن نريد أن نمثّل.
هل ما زلت مسؤولاً عن الدليل في جريدة النهار؟
أنا منذ بداية السنة لم أعد مسؤولاً عن دليل النهار فقد توقف عن الصدور لكنني ما زلت صديق النهار وأذهب إلى مكتبي وأزور الأصدقاء. وبما يتعلق بانتقال الصحف من الورق إلى الإنترنت أخاف أن يأتي يوم نسأل فيه شاباً عن الكتاب ويجيب ما هو الكتاب لأنه سيكون قد انقرض. وأنا أعتز بمعارض الكتب التي تقام في لبنان وهي أربعة أساسية عندما أصل ولا اجد مكاناً لأوقف سيارتي وهذا ما يسعدني حقاً.
ماذا تقرأ اليوم؟
منذ ثلاث ساعات أنهيت قراءة كتاب لسلام أنطون وهو كاتب عراقي عنوانه "وحدها شجرة الرّمان". وقد أثر فيّ كثيراً وفرحت به لكنني حزنت في الوقت عينه لأن الموضوع قاس جداً.
كيف تجد مستوى نقد الدراما؟
على السوشيل ميديا هناك أمور لم يبق لها معنى فكل شخص يريد أن ينتقد لمجرد الإنتقاد يكتب رأيه بأي شيء حتى بشيكسبير.
يعني أن مواقع التواصل هي سيف حاد؟
هذا الأمر يخيف نعم. ففي لحظة "بيولع التويتر". فأنا صراحة لا أتأثر بالنقد لأتوجه نحو عمل ما فأنا اشاهد الأعمال لأنني أريد مشاهدتها فقط. فعلى الناس ألا يتأثروا بما يقرأونه سلباً أم إيجاباً بل عليهم أن يقرروا.
كلمة لسمير حبشي...
شاطر جداً ومخلص كثيراً لعمله وأنا أحب العمل معه ودقيق جداً.
كلمة أخيرة لموقع الفن...
أحب من يقف وراء موقع الفن فهم ناس يعملون كثيراً ويتعبون جاهدين من أجل الأفضل.