ما بين غزارة الأحاسيس المتدفقة في ألحانه وعمق المشاعر المنسكب عشقاً في صوته.
.. يخرج الفنان والملحن عادل عبد الله زبدة أعماله الفنية إلى النور، سواء من خلال صوته أو بتعامله مع باقة من أهم النجوم العرب. وبعد نجاح عمله الأخير مع الفنان كاظم الساهر "غمازتك" واستعداده لافتتاح شركة إنتاج جديدة... كان لموقع "الفن" معه هذا الحوار...
تعاونك الأخير مع الفنان كاظم الساهر "غمازتك" يحصد النجاح الكبير. ماذا تخبرنا عن كواليس هذا العمل؟
بعد المجهود الذي بذله الشاعر علي الخوّار في التواصل مع أطراف العمل، قمت بتلحين القصيدة التي لاقت إستحسان جميع الأطراف، ولله الحمد، ومن ثم تمّ اختيار محمد صالح لتوزيع العمل موسيقياً. إلتقيت الفنان كاظم الساهر في الاستوديو أثناء قيامه بتسجيل صوته على اللحن. هذا اللقاء منحني الكثير، فقد تعلّمت منه أسراراً عدة في تقنيات الغناء والتي لا شك بأنها ستضيف لمسات على ألحاني وغنائي في المستقبل، علماً بأن القيصر أعجب جداً باللحن وقال لي باللهجة العراقية: "عاشت إيدك... اللحن كلش كلش حلو... وراح أغنيه بالحفلات".
أبدى الناقد العراقي كرم نعمة ملاحظة فنية إذ اعتبر أن لحن "غمازتك" لا يرقى إلى دلالة وروح النص، وذكر أنك لم تنجح في الغوص إلى عمق مقام (اللامي) العراقي الناضح بالحزن. ما قولك؟
صوت واحد مختلف لا يضرّ، فالاختلاف أمر صحي للحالة الفنية، ومن حق الكاتب أن يرى ما يشاء، وأقدّر له- بالمناسبة- أنه أرسل لي رابط مقالته عبر "تويتر". عموماً، أنا أتفهّم أنه كمستمع ربما لم يصله اللحن... هذا أمر يرتبط بالذائقة وليس بالنقد، لكني كفنان أرى الأمر من منظور مختلف. نحن أمام حسّ فني، ولسنا أمام عملية حسابية ثابتة تفرض عليّ الغوص في المقام حتى عمق معيّن!. المقام ليس كل شيء، هو عنصر من عناصر فنية متعددة يجب موازنتها بحساسية عالية، وقد جاء لحن "غمازتك" بهذا الشكل ليستوعب حالة العشق الطاغية على القصيدة، حيث لا مكان للحزن والألم اللذين يطالب بهما الناقد العزيز. من جهة أخرى، هل ترين أنه من المنطق أن أتجاهل رأي الفنان كاظم الساهر الذي ورد في إجابتي السابقة، ورأي مليون ونصف المليون مستمع (عدد مشاهدات الأغنية على يوتيوب حتى الآن) لأقف عند رأي واحد؟!. مع ذلك، أنا أحترم رأي الكاتب، ومؤمن أنه ليس بالضرورة أن يعجب الجميع بما نقدم ليكون جميلاً.
عندما تتعامل مع فنان وملحن من الدرجة الأولى بحجم ومكانة كاظم الساهر، ما الذي تضعه في أولوياتك؟
الموضوع بالنسبة إليّ كان تحدياً مع النفس، وهذا الشعور دائماً ما ينتابني عندما أبدأ بتلحين النصوص الغنائية والقصائد لأي فنان، ولكن عندما يكون اللحن لهرم موسيقي وغنائي مثل كاظم الساهر فالشعور سيكون مضاعفاً بطبيعة الحال. أما بالنسبة إلى أولوياتي في جميع ألحاني، فتكون من خلال منح المفردات الإحساس الذي تستحقه ويناسبها من وجهة نظري، واختيارالمقام والإيقاع الملائم للكلمات، ودراسة مكامن القوة في صوت الفنان الهادف للحن ومحاولة إبرازه بصورة مختلفة عن أعماله السابقة باقتراح لمسات من إحساسي الخاص.
ثمة مَن يعتبر أن الملحن- الفنان يمنح نفسه أفضل الأعمال. كيف تتعامل مع هذه الفكرة؟ وعلى أي أساس تختار لنفسك ما يناسبك؟
مهمة الملحن صعبة ومعقدة، إذ عليه أن يخلق التناغم بين عوامل عدة ذكرت بعضها سابقاً، وهي: موضوع القصيدة، إحساس الكلمات، إيقاع اللحن، المقام، الجمل اللحنية للكورال، مكامن القوة في صوت الفنان، بل وحتى مكامن الضعف التي إما أن يقوم بتجنّبها أو خلق ما يجعلها تبدو أقوى مما هي عليه، وغيرها الكثير حسب ظروف كل أغنية وعناصرها. إذا كان الملحن يعمل بهذه الطريقة، فلا أعتقد بأنه سيقوم بمنح الألحان الأفضل لنفسه، إلا إذا كان يعرف صوته فقط، ويجهل أصوات الفنانين الذين يتعامل معهم، بمعنى أن اللحن الذي يكون الأفضل لصوت قد يتسبّب بكارثة مع صوت آخر.
من يلفتك اليوم من الفنانين-الملحنين سواء الخليجيين أو العرب؟
عربياً، أطرب لأعمال الفنان والملحن اللبناني مروان خوري، وخليجياً تشدّني أعمال الفنان والملحن الكويتي مشعل العروج.
تعاونت مع عدد كبير من أهم الأسماء على صعيد الألحان ونذكر منها: محمد عبده، عبد المجيد عبدالله، راشد الماجد، أحلام، حسين الجسمي وغيرها. كيف تصف لنا علاقتك بهؤلاء النجوم؟ وهل ثمة تعاونات جديدة معهم؟
علاقتي بهم علاقة احترام متبادل، فهم أساتذة كبار تتلمذت على أعمالهم التي أثروا بها الساحة على صعيد الأغنية وفي المجال الموسيقي بشكل عام. وهناك عدد من المشاريع التي يتم ترتيبها مع كبار النجوم لكني لا أفضّل الحديث عنها الآن، وعندما يكتمل أي منها سيكون موقع "الفن" أول المطّلعين عليها.
ما السر وراء انسجام ألحانك مع كلمات الشاعرة جموح؟
الشاعرة جموح لديها إحساس عذب وانتقاء عجيب للمفردات منسجمان معاً في قصائدها، وأنا دائماً ما يكون تركيزي دقيقاً وعالياً على إحساس المفردات بشكل مفصّل عند تلحين القصائد، لذلك تجد ألحاني ضالتها في هذا النوع من القصائد.
الشاعر حسين لوتاه والملحن مروان المزروعي، إسمان ارتبطا بانطلاقة عادل عبدالله. ألا تزال هذه العلاقة الفنية قائمة؟ وما المشاريع التي تربطكم مستقبلاُ؟
حسين لوتاه من الشعراء، بل والأشخاص النادرين جداً، فعلاقتي الشخصية معه تقوى كل يوم فما بالك في الأعمال الفنية. هناك مفاجآت فنية قوية نعدّ لها معاً بإذن الله وسترى النور قريباً. أما عن أخي وصديقي الملحن ورجل الأعمال الإماراتي مروان المزروعي فقد بدأنا فعلاً بتأسيس شركة إنتاج فني مجهّزة باستوديوهات صوتية حديثة وعالية التقنية، وسنعلن عن إنطلاقتها خلال الأيام القليلة القادمة.
لماذا اخترتم هذا التوقيت للقيام بمشروع ضخم من هذا النوع في وقت يضمحل فيه عدد شركات الإنتاج؟ وهل ستكون الشركة خاصة بأعمالك أم ستعملون على ضمّ أو إطلاق أسماء جديدة؟
الفكرة موجودة منذ فترة، لكني تأخرت في تنفيذها. حالياً، أصبحت الظروف مناسبة لتأسيس الشركة، ولن تكون مقتصرة على أعمالي أو أعمال الملحن مروان المزروعي بل سنسعى إلى تبنّي مواهب جديرة بالاهتمام.
إرتبطت معظم أعمالك السابقة بشركة الخوّار للإنتاج الفني، فهل ستصبح منافساً لها بعد إطلاق شركتك الجديدة؟
التنافس الشريف لا بد من وجوده في كل المجالات، وحتى بين الإخوة أنفسهم، وهو حق مشروع، ولكن هناك قيماً ومبادئ يجب مراعاتها في التنافس بشكل عام، كما أن علاقتي بالشاعر الكبير علي الخوّار لها خصوصيتها، فهي علاقة أخوّة وصداقة قوّتها تفوق تصوّر البعض، وهذا ما أحرص دائماً على المحافظة عليه، فلك أن تتصوّرين ما تعكسه هذه العلاقة على الصعيد المهني. و"أزيدك من الشعر بيت" أن الخوّار قد بدأ بالفعل دعمه للشركة حتى قبل إطلاقها، وذلك من خلال نصائحه وتوجيهاته بحكم خبرته العريضة في مجال الإنتاج الفني.
ماذا عن مشاركتك في أوبريت "وتبقى المعجزة" وكذلك في الحفل الغنائي الوطني الذي أحييته في جامعة الجزيرة ؟
المشاركات الوطنية في كل المجالات واجب وطني وتشريف لمن يسهم فيه، وأقل ما نقدمه كفنانين لشعوبنا أن نشاركها أفراحها، واحتفالاتها الوطنية. في ما يخص أوبريت "وتبقى المعجزة"، فهو من كلمات عارف الخاجة وألحان خالد ناصر وابراهيم جمعة والموسيقار الراحل عمار الشريعي، وقد عُرضتْ نسخته الأساسية بعنوان "المعجزة" عام 1996 بمناسبة اليوبيل الفضي لدولة الإمارات بأصوات الفنانين غريد الشاطئ، ميحد حمد، أحلام، والراحلة رجاء بلمليح. تمّ تجديد العمل من قبل بلدية العين بعنوان "وتبقى المعجزة" ليعرض في اليوم الوطني الخامس والأربعين، حيث تمّ اختياري من قبل الأستاذ خالد ناصر لأداء النسخة المحدّثة منه بصحبة الفنانة أروى أحمد. أما بخصوص الحفل الغنائي في جامعة الجزيرة بمناسبة اليوم الوطني الـ 45 لدولة الإمارات، فقد كان من تنظيم وإنتاج شركة الخوّار للانتاج الفني، وكانت فرصة جميلة للالتقاء بالجمهور والتزوّد من معين حماسه الذي لا ينضب، وخصوصاً الشباب، وهم الشريحة الأكثر أهمية واهتماماً بعالم الأغنية، ومن المفيد للفنان التعرّف إلى ردود فعل هذه الشريحة واستقراء ذائقتها بين وقت وآخر.
أتشعر بأنك مغيّب عن المهرجانات الضخمة والمنتشرة في عدد من الدول العربية؟ وهل ستشارك في أحدها خلال المرحلة المقبلة؟
للأمانة، قلة إصداري لأعمال غنائية خاصة بي، وتركيزي على التلحين في الآونة الأخيرة، لهما الدور الأكبر في غيابي عن المهرجانات العربية، ولكنّي الآن في طور إعداد خطة زمنية سأطرح خلالها عدداً من الأغاني الخاصة بي وسيجعلني ذلك مرشّحاً للمشاركة في المهرجانات بإذن الله.
شغفك بالرياضة، هل هو الدافع وراء تقديمك أعمال للأندية الرياضية؟
الرياضة بالنسبة إليّ على الصعيد الشخصي هوس لا يفارقني، فإذا لم أمارسها في الأسبوع 4 مرات على الأقل أشعر بأن ثمة شيئاً ما ينقصني. أما بالنسبة إلى الأعمال الفنية للأندية الرياضية فهي نوع من الدعم والتشجيع، خاصة أننا على أبواب بطولات قارية وإقليمية.
هل ثمة نية للتعاون مع أحد النجوم اللبنانيين؟
النية موجودة، وأتمنى أن تتحقق قريباً، فأنا من المؤيدين لتمازج التجارب الموسيقية العربية وتقارب مبدعيها، ولبنان زاخر بالنجوم وفيه العديد من الأسماء التي يسعدني التعاون معها.
كلمة أخيرة لقرّاء موقع "الفن"...
كل الشكر لموقع "الفن" ولمتابعيه، وأتمنى أن أقدم دائماً ما يليق بذائقتكم.