بشغف واهتمام، يتابع المهتمون بعالم صناعة السينما كل ما تعرضه الدورة الثالثة من فعاليات مهرجان قمرة السينمائي، والذي يقام في العاصمة القطرية الدوحة. ويستقطب المهرجان حشداً كبيراً من محبّي وعشاق السينما وخصائصها الذين يشاركون فيه للتزوّد من المعارف والخبرات ونهل الثقافة الأوسع في هذا المجال من خلال الندوات والمحاضرات واللقاءات التي تجمعهم مع خبراء "قمرة" في هذه النسخة وهم من أبرز وأهم صنّاع السينما العالميين.
وضمن فعاليات النسخة الثالثة من المهرجان، شارك السينمائي الشهير برونو دومونت في ندوة دراسية حثّ خلالها صناع الأفلام الواعدين على تخطي حدود الواقع، وذكّرهم بمدى أهمية معالجة السينمائي للواقع المحلي لينطلق بفيلمه إلى العالمية. وتطرّق دومونت في حديثه إلى الأحداث الفلسفية والروحية التي شكلّت المحور الأساس لحياة وأعمال صنّاع الأفلام الفرنسيين الكبار، وأكد على أن دراسة الفلسفة اليونانية والألمانية عامل مساهم في تمكينه كصانع فيلم. وقال: "الفلاسفة أشخاص أسبغوا من أنفسهم على الطبيعة البشرية، ولهذا أرى في السينما تجربة روحية وفي الفيلم فناً طبيعياً". أما عن الاستعانة بممثلين محترفين في أعماله بعدما اعتمد في السابق على ممثلين غير مدربين، فأشار دومونت إلى أنه عند دخوله عالم صناعة الأفلام الروائية وجد أنه من المستحيل العمل مع ممثلين معروفين، وأضاف: "عملت مع ممثلين غير محترفين ووجدت العمل معهم أسهل بكثير. إن المفتاح الرئيس في العمل مع الممثلين المحترفين هو "إظهار إنسانيتهم ودفعهم إلى الغوص في أعماق أنفسهم ليصبحوا شخصيات حقيقية، ولهذا يمكن دائماً توجيههم على أساس أنهم غير محترفين فنحصل على النتائج الممتازة".
تحدث دومونت خلال الندوة عن رحلته الطويلة مع السينما بدءاً من مراحل دراسته وتعليمه للفلسفة وتصوير الأفلام للشركات، ومن ثم تعلّم فن التصوير السينمائي والمونتاج وكتابة النصوص، كما شرح كيفية قيامه بمونتاج الأفلام واستخدامه أدوات المونتاج للحصول على لقطات فورية وإعادة منتجتها، خصوصاً عندما لا يكون فريق العمل مرتاحاً لبعض المشاهد.
ولفت دومونت إلى أمر بغاية الأمر، وهو أن الأفلام لا يجب أن تناسب الجميع، إذ لا يمكن صنع فيلم يرضي كل الأشخاص، وبالتالي يجب تقبّل الفكرة بأن البعض قد لا يحبذ الفيلم، لذا: "دع الأمر بكل بساطة".
والجدير بالذكر أن فيلم "ليل كوين كوين" (فرنسا / 24) للمخرج برونو دومونت قد عرض خلال المهرجان كجزء من عروض خبراء السينما، كما عرض فيلم "الصورة المفقودة للمخرج ريثي بان والذي يوثق فظائع ومعاناة السجناء وحياتهم المرعبة في ظل حكم الخمير الحمر في كمبوديا.
ومن جهة أخرى، جمعت جلسة خاصة إجتمع خلالها مديرون وممثلون عن مهرجانات سينمائية دولية مثل: كان، البندقية، روتردام، بوسان، أدنبره ودبلن مع المواهب الواعدة وأشادوا بدور "قمرة" في توفير مساحة مهمة للأعمال الجديدة من المنطقة. وأكدت الجلسة على الطبيعة التنافسية لمهرجانات الأفلام الدولية حيث يجب على المبرمجين متابعة مئات الأفلام قبل إنجاز عملية المونتاج النهائي. ومن المفترض أن تتواصل جلسات صناعة السينما طيلة "قمرة" إلى جانب الجلسات التوجيهية الفردية للمشاريع المختارة واستشارات المونتاج وجلسات التوجيه الجماعية.
وتجدر الإشارة إلى أن فعاليات "قمرة" 2017 ستستمر لغاية الثامن من شهر آذار الحالي، على أن تتوزّع بين سوق واقف ومسرح المتحف الإسلامي.