توفى الممثل اللبناني سليمان الباشا مساء الجمعة 6 كانون الاول 2017 عن عمر 91 عاماً.
ولد سليمان الباشا في قرية دميت الشوفية (جبل لبنان) عام 1926. تعرّف إلى المسرح خلال دراسته في مدرسة "رأس بيروت العلْوي"، لكن أحوال الوالد لم تساعده على مواصلة دراسته، فإضطر إلى الالتحاق بمتجر والده خطّار في بيروت. لم يثنه العمل عن متابعة التحصيل العلمي في بعض المدارس الليلية المجانية في رأس بيروت.
تردّد بعد سنوات على فرقة محمصاني التي كانت تجري تدريباتها في ساحة البرج. بعد محاولات عديدة، وتدخّل الوالدة، وتلويح سليمان بالذهاب إلى مصر لدراسة التمثيل، وافق والده على ممارسته فنّ الفرجة، شرط أن يذهب إلى المسرح بعد العمل.
إلتحق بفرقة محمصاني، من دون أجر، وهناك تعرّف إلى موسى خاشو، وإلى وجوه أخرى لعبت لاحقاً دوراً بارزاً على الساحة الفنية في لبنان. بعد أشهر قليلة على انضمامه إلى الفرقة، مثّل الباشا في مسرحيّة "فيرجيني" المأخوذة عن رواية "بول وفيرجيني" للأديب الفرنسي برناردين دو سان بيار، وقدّمت في حينه في مناسبة الاستقلال في 22 تشرين الثاني 1943.
عام 1945، انتخب الباشا نقيباً لعمال الكوي والتنظيف، وبعدها مديراً لمغاسل فنادق "كومودور" و"كابيتول" في لبنان.
عام 1951، انتسب إلى "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وركّز عمله الحزبي على الاهتمامات النقابيّة، ما أهلّه ليصير مسؤول النقابات داخل الحزب.
بعد ثلاث سنوات على تأسيس "تلفزيون لبنان"، إتّصلت به زميلته السابقة في فرقة محمصاني نزهة يونس، وطلبت منه تأدية دور الأب في مسلسل "تحت السنديانة" للكاتب جورج طويل، وشارك فيه إلى جانب نزهة، وشقيقتها هيام، إحسان صادق، وإيلي صنيفر، وغيرهم. كانت حلقات العمل تبثّ على الهواء مباشرةً.
في هذا الوقت، كان إحسان صادق قد بدأ ببث برنامجه "صندوق الفرجة" الذي بقيت حلقاته تبث مباشرة على الهواء لأربع سنوات، وسرعان ما إلتحق سليمان الباشا بهذا العمل، وأدّى أدواراً لافتة فيه.
من مسلسل "حكمت المحكمة" (1963) للياس متى، إلى "كانت أيام" (1964) لباسم نصر، لمع نجمه تدريجياً، وخصوصاً في أدوار الأب المتشدّد، أو الرجل الجبلي المثالي المتمسك بالعادات والتقاليد. وترسّخ حضوره في ذاكرة التلفزيون من خلال مشاركته اللافتة في مسلسل "أبو ملحم" لأديب حداد وزوجته سلوى (أم ملحم)، الذي ظلّ يعرض بنحو متقطّع بين عامي 1967 و1976.
حنينه الدائم إلى بداياته المسرحيّة كما قال في مقابلة مع الزميل في صحيفة "الاخبار" كامل جابر، دفع الباشا إلى تلبية نداء رائد المسرح الجوّال جلال خوري، ومرافقته في العديد من أعماله منها "جحا في القرى الأمامية" (1972) و"القبضاي" (1973)، و"الرفيق سجعان" (1974).
كما وقف على الخشبة إلى جانب نضال الأشقر، وأنطوان كرباج، وليلى كرم، في مسرحية أخرجها برج فازليان، ووضع موسيقاها زياد الرحباني عن نصّ التركي خلدون ثائر بعنوان "أبو علي الأسمراني" (1974).
كما وضع بنفسه نصوصاً أخرجها، وجال بها على المناطق خلال السبعينيات، وصولاً إلى القرى الجنوبيّة، منها "الموظف الكبير"، "مصيبتي ابني"، و"استشهد غصب عنو".
شارك في فيلم "القناص" (1980) للمخرج العراقي فيصل الياسري، وفيلم "شبح الماضي" (1985) لجورج فياض.
من موقعه النقابي والإنساني، إنحاز سليمان الباشا دوماً إلى حقوق زملائه الفنانين، وحلحلة مشاكلهم الوظيفية والإدارية. لهذا، كان من الساعين إلى ولادة نقابة تحضنهم، فأسهم في تأسيس نقابة الفنانين وفي تنظيم أمورها. وتمكن مع العديد من زملائه من تأسيس "صندوق التعاضد" للفنانين المنتسبين إليها عام 1999، وكان برئاسة إحسان صادق، فيما تولّى سليمان الباشا مسؤولية نائب الرئيس.
رغم تقاعده عن التمثيل منذ عام 2007 بعد مروره في مسلسل "شيء من القوة" لإيلي معلوف، إلا أنّه كان يداوم كلّ ثلاثاء في نقابة الفنانين في سنّ الفيل (شمالي بيروت) لمتابعة أمور نقابية وصحية عالقة.