في زمن تعصف فيه الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في عالمنا العربي، برز إسم مفيد الرفاعي كأحد أهم المنتجين على صعيد الدراما العربية ورسّخ مكانته في طليعة المناضلين لرفع شأن اللبنانية منها بالأخص، إيماناً منه بمستقبل هذه المهنة وثقة بمقدرته وتطلّعاته وإمكانياته. ومن خلال شركته Media Revolution 7، قدّم الرفاعي باقة من أهم المسلسلات التي حققت نسبة مشاهدة مرتفعة وعرضت على أكثر من شاشة وفي أكثر من بلد ومنها "جذور"، "إتهام"، "بنت الشهبندر" و"جريمة شغف"... وها هو اليوم يزيد من تشويقنا بانتظار انتهاء تصوير وبدء عرض "فخامة الشك".
المنتج مفيد الرفاعي، يطل عبر "الفن" في لقاء ارتقى فيه الحوار إلى قمة الصراحة والصدق والجرأة...
أليست مصادفة إيجابية أن يتزامن تصوير "فخامة الشك" مع انتخاب "فخامة الرئيس" في لبنان؟
(يضحك ويقول): (شفتي... استعنا بفخامته وانشالله منشكّل الحدث).
هل أنت متحمّس لهذا العمل؟
الحماسة موجودة بالتأكيد كما في أي عمل ندخله، لكن الفكرة الأساسية تكمن في أنها المرة الأولى التي يكون فيها الممثلون لبنانيين بأكملهم، وأنا في خدمة الدراما اللبنانية مهما كانت النتائج. سقف المنافسة جيد بين الأعمال اللبنانية حالياً، وسيدخل "فخامة الشك" حيّزها خلال شهر شباط من العام المقبل، وكالعادة نحن نسعى لنكون من ضمن الأفضل.
بات بإمكاننا القول إن المنافسة لم تعد محصورة في السباق الرمضاني؟
ليس بالضرورة أن تكون كذلك فالسوق يحتاج إلى أعمال درامية طوال العام. التقصير كان من قبل المحطات التي لطالما أولت اهتماماً أكبر بالبرامج، ومن جهتنا كنا نعمد إلى جدولة أعمالنا ليصار عرضها في رمضان كونها تتطلّب ميزانية مرتفعة. من وجهة نظري، إكتشفت المحطات أخيراً أن البرامج لم تعد توفّر لها المصاريف الإنتاجية التي تتكبّدها عليها، في حين تحقق الدراما، خارج رمضان، نسبة مشاهدة عالية تضعها في خانة المنافسة ناهيكم عن أن لها سوقاً إعلانياً أفضل من ذلك الخاص بالبرامج. البرامج ليست ناجحة بمعظمها بل هي كالبطيخة إذ لا يمكن التكهّن برد فعل الجمهور حولها إلا بعد بدء عرضها، والدليل أن ثمة برامج رُصدت لها ملايين الدولارات لكنها لم تحقق نسبة متابعة جيدة.
على أي محطة سيعرض "فخامة الشك"؟
العرض الأول سيكون لصالح قناة الجديد.
يقال إنه من المفترض أن يكون "فخامة الشك" مسلسلاً عربياً مشتركاً سيتمّ تصويره في أكثر من بلد وإنكم عدّلتم الأمر ليصبح لبنانياً بهدف تخفيض تكلفة الإنتاج. هل هذا صحيح؟
لم يحدث أي تعديل ولم نخفّض التكلفة الإنتاجية فنصوص الدراما الاجتماعية مستقاة من الواقع وتحاكيه وبالإمكان تقديمها بأي طيف أو لون وتصويرها في أي مكان في العالم. على العكس، نصرف على المسلسل كأنه عربي مشترك وليس لبنانياً بحتاً وبإمكانكم زيارة أماكن التصوير بأنفسكم، كما أن العمل يجمع نخبة من النجوم مثل يورغو شلهوب، وسام حنا، سابين، يوسف شرف الدين، ويوسف حداد الذين سبق وأن حمل كل واحد منهم على عاتقه بطولة مسلسل أو أكثر، كما أننا نتابع تصوير هذا العمل اللبناني معتمدين التقنيات الحديثة وفي ظل الظروف والإمكانيات الإنتاجية نفسها.
أنعتبره إيماناً منك بالدراما اللبنانية؟
شخصياً، ومنذ أكثر من خمس سنوات، وعدت وأوفيت إذ أوصلت الدراما اللبنانية إلى الوطن العربي. رسالتي وصلت وأوصلت أشخاصاً كثيرين معي إلى الوطن العربي من ناحية الدراما سواء كمسلسل كامل، فريق عمل، صورة أو شركة إنتاج لبنانية تنافس بشدة. بكل فخر، أنا الوحيد الذي تجدين صور مسلسلاتي اللبنانية أينما توجهت في شوارع القاهرة، وقد تمّ وضع حوالي 150 بانوهاً لمسلسل "جريمة شغف" في القاهرة، وهذا ما أعتبره انتصاراً لي كشركة إنتاج لبنانية ودراما لبنانية أيضاً. لقد حققت المعادلة التي أردتها وأسعى إلى سواها إذ لكننا لا نزال بحاجة إلى بعض الدعم والأمور الأساسية في صناعة الدراما المحلية.
ماذا تقصد بذلك؟
طريقة الإنتاج... الأستاذ مروان حداد اعتبر أنه المنتج اللبناني الوحيد وصانع الدراما اللبنانية وأنا أحترم ذلك لكن علينا رفع سقف هذه الدراما لناحية النوعية، الكاميرات، الإنتاج، اللوكيشن، العمل على الممثلين أكثر، البحث عن النص المناسب والكاتب "الشاطر". للأسف، هناك نصوص جيدة قدّمت ضمن إنتاج سيئ، وفي المقابل هناك إنتاج ضخم لنص سيئ الأمر الذي يضعف العملين. هدفنا الرئيس خلال الأعوام المقبلة العمل على السوق المحلي لرفع السقف، كما سبق وأن فعلت منذ ست سنوات حين رفعت سقف المنافسة. تركيزي اليوم منصبّ على رفع سقف المنافسة المحلية فلنرَ ماذا سيفعلون!.
ترفع سقف التحدي إذاً؟
أنا في حالة تحدٍ دائم مع نفسي أولاً ومع أي أحد آخر.
من هو منافسك؟
كل شخص ينافس نفسه. من قواعد اللعبة النظيفة أن ينافس كل واحد منا نفسه فيخرج الجميع بأفضل النتائج، لكن إذا ما التهينا بأعمال غيرنا فستصبح اللعبة شخصية أكثر من دراما وصناعة.
بالعودة إلى "فخامة الشك"، ما سبب اختياركم سابين للقيام بدور "نور"؟
سابين، وفي أولى تجاربها الدرامية، لعبت دور البطولة وكان ذلك من خلال "أحمد وكريستينا"، كما أنها فتاة هادئة ويعجبني فيها إصغاؤها للطرف الآخر، وهي لا تزال طبيعية ولم "تنفصم" بعد... بمعنى آخر، (ما كبرت الخسة براسها) لأن الفنانين عادة ينفصمون بعد نجاح مسلسلهم بخاصة إذا ما كانت أولى تجاربهم على الشاشة وبدور البطولة. من خلالكم، أتمنى على سابين الممثلة الحفاظ على هويتها الخاصة وعدم التشبه بأي أحد، وهذا ما تتميّز به اليوم بالفعل، فالطريق طويل أمامها ولا يزال هناك الكثير لتتعلمه من كل شخصية تلعبه، وها هو الممثل يوسف حداد يردد دوماً أنه لا يزال يتعلّم من تجاربه على الرغم من خبرته الطويلة.
ثمة تصريح للممثل يوسف حداد يتحدث فيه عن المسلسل بأنه يجمع فخامة الإنتاج والنص والتمثيل والإخراج. ما رأيك بهذا القول؟ وما هي توقعاتك؟
أشكره على كلامه هذا وأعتبره شهادة أعتزّ بها، كما أنني سعيد لشعوره بالراحة مع الإنتاج ونص كلوديا مرشليان والمخرج أسامة الحمد، إلى جانب زملائه الممثلين طبعاً. على العكس من المنتجين اللبنانيين، أتعاطى مع عملي بتوقعات متدنية قليلاً. أسعى إلى تقديم العمل الجيد والأفضل لكن كل إنسان معرّض للوقوع في الخطأ. عندما سئلت عن "جريمة شغف" قلت إنه ليس طموحي ولم يكن كما أريد لكن ظروفاً طرأت وهذا أمر عادي، وعلى سبيل المثال تعرّض مسلسل "متل القمر" لظروف صعبة جداً لكنه على الرغم منها نجح جماهيرياً وحقق نسبة مشاهدة مرتفعة وهذا ما يطلبه المنتج والمحطة.
بما أن العمل درامي لبناني، لماذا اخترت مخرجاً سورياً؟
سأقول الحقيقة كما هي كي لا نكذب ولا نتفلسف على بعض: نحن لا نزال نفتقر إلى العوامل الرئيسة في الدراما اللبنانية، وفي مقدّمتها الكتّاب الجيدين. للأسف، لا يوجد في لبنان سوى عدد قليل وأبرزهم منى طايع، كلوديا مرشليان، طارق سويد، وكارين رزق الله (اجتهدت وبرافو عليها) وهذا لا يكفي لصناعة دراما محلية. ثانياً: الممثلون... كلمة ممثل أمر عظيم فعلاً وهناك من لا يفهم عمقها فليس من الضروري أن يكون كل شاب جميل أو دونجوان ممثلاً. فعلياً، لدينا 3 أو 4 نجوم ونجمات ونحن ستة منتجين...
هل تجرؤ على تسميتهم؟
لا أخجل من تحديد أسمائهم... نجمات الباب الأول هن سيرين عبد النور، نادين نسيب نجيم، نادين الراسي، وتلحق بهنّ تدريجياً ريتا حايك (برافو عليها مبسوط فيها عم تشتغل على حالها وانشالله بعد كم سنة بتصير بالصف الأول). أما بالنسبة إلى الشباب فهناك يوسف الخال، يوسف حداد، طوني عيسى ويورغو شلهوب... صناعة الدراما تحتاج إلى جيش من النجوم ولا يمكن أن تقوم على عدد قليل منهم.
ألا تعتقد أن إجابتك ستثير غضب ماغي بو غصن؟
على المستوى الشخصي ماغي صديقتي وأحبها كثيراً، وأردّد رأيي بها أمامها فهي ممثلة جبارة لكني أعتقد أن دراسة خطواتها ستصبح أفضل خلال الفترة المقبلة. أعتقد أن ما أتعب ماغي بالفعل كان سرعة القفزة التي قامت بها، وهي اليوم تدرس خطواتها بشكل أفضل للمحافظة على تواجدها في المراكز الأولى.
لماذا لم تتعامل مع سيرين لغاية اليوم؟
سيرين صديقتي وصديقة عائلتي وهي أول من أطلعه على أي مشروع جديد، لكنها لم تجد ما يناسبها بعد. هي تقرأ كثيراً وتدرس النصوص جيداً وأتمنى أن تجد ما يلائمها وأن يكتب الله لنا بأن نعمل معاً.
ماذا تخبرنا عن التقدير الخاص الذي حصلتم عليه أخيراً من جائزة بيروت الذهبية عن أفضل مسلسل للعام 2015 "بنت الشهبندر"؟
أعتبر "بنت الشهبندر" من أفضل الأعمال التي أنتجتها وفخور به وبأننا كنا أول من تحدث عن بيروت في تلك الفترة الزمنية، أي عندما كانت تحت حكم ولاية الشام، وسعيد بأنني خدمت الدراما اللبنانية من خلال عمل كهذا. لن أتكلم عن نفسي، ولكن وردتني إتصالات من الكاتب الكبير شكري أنيس فاخوري، الأستاذ مروان نجار من أميركا، ومن عدد كبير من أبرز صنّاع الدراما اللبنانية الذين شكروني على الأجواء الحقيقية التي طغت على العمل. سعيد أيضاً بأنني رفعت سقف إنتاج الأعمال الخاصة بالفترات الزمنية والتي لا تقتصر على إحضار سيارتين وملابس (موديل الـ60) وإنما هي حالة وجو عام ومحيط طبيعي على الأرض. هذا المسلسل عذّبني وكلّفني كثيراً، لكنني فخور به وذلك على الرغم من أن عرضه الأول على تلفزيون المستقبل لم يحظَ بالنجاح المتوخى إلا أنه المسلسل الوحيد الذي عرض تباعاً على أربع محطات لبنانية وهي المستقبل، Otv، الجديد والـ LBCI.
ما رأيك بمسلسل "أمير الليل" الذي يعرض حالياً؟
برأيي الشخصي هذا النص هو من أجمل ما كتبته منى طايع لكنهم لم يستفيدوا من قوته. إنتاجياً وإخراجياً المسلسل عادي وأقل من عادي. سأعترف (وعلى رأس السطح)، مع أنني ومنى لسنا صديقين، كنت أتمنى لو أنتجت مسلسل "وأشرقت الشمس"... أشعر بالغيرة على هذا المسلسل لأنه لم يكن عملي.
لمَ لا تطلب من منى طايع التعامل معك؟
(زعلانة مني شوي... في خلاف بسيط بيننا وبينحلّ). مع أنني لا أعرفها شخصياً ولكن ثمة خلافاً بيننا وسيصار إلى حلّه.
هل من رسالة توجهها إليها من خلال موقع "الفن"؟
أقول لها: إستمرّي بعطائك الجميل من خلال النصوص الرائعة التي تكتبينها.
ختاماً، ماذا في جعبة مفيد الرفاعي بعد "فخامة الشك"؟
لدينا مشروع آخر وهو مسلسل يحمل عنوان "بلحظة" من كتابة نادين جابر وسيكون من إنتاجنا وإنتاج شركة الصدى. هذا العمل من أجمل ما كتبت نادين جابر ومن المتوقع أن يدخل حيّز المنافسة بقوة. التصوير سيبدأ مطلع العام المقبل لكن عرضه لم يتحدد بعد إذا ما كان داخل أو خارج السباق الرمضاني، وسنطلعكم على أسماء أبطال العمل ما أن يتمّ الاتفاق معهم رسمياً.