تتوارى الأنامل أمام هيبة قصة عملاق صنع مجداً للأغنية اللبنانية.
هو العاشق المجنون الذي ألهب وتريات الموسيقى وألهم شعراء العالم العربي يطبق أجفانه على أنين قلب أضنته قسوة الأيام...
ملحم بركات مشى بطريقه هذه المرة و"كتر" راحلاً من هذا العالم بعد صراع مع المرض.
إبن الـ 74 عاماً يرحل قبل الغروب شاحباً جو لبنان ليعانق وشاح أرضه في كفرشيما ملتحفاً بعلم لبنان ومفترشاً تراب الوطن الذي أحب.
بعد اليوم سيفتقد لبنان والعالم لجنون ملحم بركات وشجونه... سنفتقد ملحمة الفن تاركاً إرثاً ومدرسة ستشكل منهلاً لكل من هوى الفن.
بعد اليوم سأفتقد ملحم الصديق الصدوق الذي واكبته لسنوات ووجدت في حنوه وتواضعه كبر العالم.
ملحم بركات يرحل شامخاً كبيراً كما عهدناه... ذاك الثائر المجنون الذي يوماً لم يهادن ، يقول كلمته ويمشي في طريقه حتى لو الزهر بينحني.
سأفتقد ملحم الذي إئتمنني على أريج الكلمة... "منتزاعل ومنرضى"... إنما أحد لم يجرؤ على الزعل من قلب الموسيقار.
يغيب الموسيقار الباسل المتيم بحب الأغنية اللبنانية، التي جعل منها قضيته حتى على حساب شهرته... اليوم سنفتقد ذاك الصوت الصارخ في الزود عن تراث الأغنية اللبنانية .
اليوم يرحل عملاق آخر من لبنان ليترسخ كشموح الأرز منتصباً في رحب السماوات مخلفاً لوعة الفراق الأليم.
بئس زمن جاحد يخطف مبدعينا على غفلة من دون أن يدر علينا بتعويض. فأمثال ملحم بركات لا يعوضون بأثمان العالم وجواهره وكواكبه. وا أسفاه على وضع الأغنية اللبنانية بعد رحيلك يا "أبو مجد".
يرحل ملحم بركات الصوت الخالد مسجى باللحن السرمدي الذي أبكى قيثارة الليل ورياح ضوء القمر.
ملحم بركات الذي ردد ذات يوم "وحدي انا رح ابقى وحدي ماشي انا ماشي لوحدي، ساكن انا ساكن لوحدي ماشي انا والسما على طول..." ، ها هي السماء اليوم تنحني لتستودع جسدك الذي أضناه المرض لتحملك على أجنحة الملائكة إلى جنة الخلد... هناك لن تبقى وحيداً، بل سنشعر بيتم الفن وإن عبق بنجومه فهو حتماً سيفتقد موسيقاراً للاجيال كافة.