مسيحي الديانة يحمل ثقافة إسلامية واسعة أهلته لكتابة الملحمة الدينية "محمد رسول الله"، انه الكاتب كرم بولس النجار الذي يكره التعصب بكل أشكاله ويدعو في أعماله الدرامية الى الحب والتآخي، كما يستنكر الأوضاع التي سادت المنطقة العربية من الموجات التكفيرية في السنوات الأخيرة.
لبنان إستنكر تصرف الجماعة تجاه أقباط مصر في عهد الرئيس مرسي قبل عامين .
ليس جديداً على لبنان بلد الانفتاح والحضارة مثل هذا الموقف تجاه الاشقاء العرب، سواء كانوا مسلمين او مسيحيين، وعلى فكرة عام 1975 عندما إندلعت الحرب الأهلية وعانى الشعب اللبناني كثيراً، لكنه ظل محباً للحياة، وفي حرب الطوائف بقي شعباً متعايشاً رغم كل الظروف التي مر بها، زمان مصر كانت وطناً يعيش فيه الفراعنة ثم أتت المسيحية كدين وبعدها الإسلام، وظلت أم الدنيا تنعم بالإستقرار الفكري وكل فرد من شعبها يشعر بأنها مُلكه، ولا يُمكن تقسيمها البتة، بينما للأسف تم تقسيم لبنان إبان الحرب لكن الشعب بقي موحداً ولو بالباطن بدليل انه لا يوجد عائلة لبنانية ليس فيها خليط من الأديان والمذاهب، لذا من الطبيعي على اللبنانيين أن يستهجنوا الهجمات التي تعرض لها الشباب القبطي والمسلم والجيش المصري على السواء من الجماعة، انا أنتمي لقرية كل سكانها عائلات مسلمة ونحن كنا الأسرة المسيحية الوحيدة فيها، وعندما ولدت كتب أبناء القرية مجاملة لوالدي كونه أنجبني بعد سبع بنات عبارة "يعيش كرم بولس النجار"، والعبارة ما زالت محفورة على الحائط بالقرية حتى الآن، ووقتها كانت الحرب العالمية الثانية حيث التهجير وكل العوامل التي تساعد على حدوث الفتنة الطائفية، ومع ذلك لم تحصل في مصر فتنة أبداً، ومن المستحيل أن يحصل يوماً تقسيم جغرافي في مصر ، معظم أصدقاء والدي كانوا مسلمين، وكنا كلنا في القرية نتّبع تقاليد وعادات موحدة، فعند بناء جامع يجتمع الكل ونساعد العمال ونلم التبرعات، وكذلك الأمر لدى بناء كنيسة، الشيخ أبو الفضل نفسه كان يقول في خطبة الجمعة للمصلين "لابد أن تضعوا من عطيات الرب للكنيسة"، وعلى فكرة مسجد عمرو إبن العاص في مصر بناه رجل مسيحي وسجل في التاريخ على انه من أبرع المساجد الموجودة في القاهرة.
شتمت الدكتور السياسي محمد البرادعي علناً .
الناس كانوا بين مؤيدين ومعارضين له، وحين حصلت الإشتباكات إبان إعتصام رابعة ودعاً للتفاوض مع الجماعة، كنت أول من شتمه علناً، لأنه تغافل عن القواعد التي تريد الجماعة تعزيزها بغية تفكيك مصر، وعلى فكرة ثورة 30 يونيو/جزيران كانت من أهم الثورات التي قام بها الشعب المصري، الفتنة تدعو المتعصب للقتل، وكل مواطن شريف في مصر يستنكر القتل وسفك الدماء وهذا الموقف ليس غريباً على مصر التي تحب السلام ،العلاقة بين المسلمين والمسيحيين رصدها الشارع المصري عندما نزل الكل إلى الشارع ودقت أجراس الكنائس مع الأذان.
ما رأيك بخروج مبارك من السجن؟
هناك حكمة تقول "البكاء على الماضي لا يجدي نفعاً"، لكن في النهاية يجب قول كلمة حق رغم كل أخطائه الا انه لم يكن خائناً لمصر، بدليل عندما طلبوا منه أن يفرط بجزء من الوطن رفض، وقال لأميركا ما من حاكم مصري شريف يقبل أن يفرط بشبر من أرض مصر.
لبنان يمر بظروف صعبة .
لكنه سيتجاوزها بإذن الله ، أعلم طبيعة الشعب اللبناني وأفهم جيداً العقلية اللبنانية، لطالما زرت لبنان وأجمل ما في شعبه تمسكه بجذوره الفنيقية، ففي العام 1975 ذهبت الى بيروت كانت الحرب على أشدها، واستغربت كيف أن الشعب يتقاتل طوال النهار وفي الليل يسهرون معاً، لذا لا يمكن ان تتزعزع سيادة هذا الوطن المقاوم، والفضل يعود لشعبه القوي الذي يستطيع أن يتغلب على الازمات كما عودنا دائماً.
متفائل بالرئيس عبد الفتاح السيسي؟
أكيد، مصر بحاجة لقوة تسنده والرئيس السيسي قابض على تلك القوة وعلى فكرة سبق أن قلت علناً إني فخوراً بالخارجية المصرية في الرد على بعض الدول العربية، عندما حاولت أن تستبيح الشأن المصري وتتدخل في أمورها متجاهلين ان مصر أكبر دولة في الشرق الأوسط وتحمل تاريخاً عريقاً ومعروفاً، ولا يجوز لأية دولة أن تملي عليها تصرفاً معيناً مهما كانت الظروف.
الدراما ما رأيك بها؟
بصراحة سيطرت عليها مواضيع مثل الخيانات والقتل والبلطجة، وللأمانة أفتقد للأعمال الدينية كما كان يُعرض في السابق في شهر رمضان الفضيل، أذكر قبل سنوات طويلة كيف طلبني الاستاذ سعد لبيب سكرتير الإذاعة والتليفزيون عام 1986 وكلفني بكتابة مسلسل "محمد رسول الله"، فقلت له " أنا مسيحي"، فرد عليّ" العقاد كتب عبقرية المسيح وهو مسلم، وأنت درست الشريعة الإسلامية لأربع سنوات وتفوقت فيها، فكرة العمل كانت مؤسسة على كتاب لتوفيق الحكيم بعنوان "محمد رسول الله"، وبدأت كتابة الحلقات وصرت أرسلها واحدة تلو الأخرى للأزهر فتعود مختومة بالموافقة، وكان عمري آنذاك 22 عاماً، وخرج مسلسل "محمد رسول الله" الى النور ليتحول بعدها الى ملحمة تعرض كل سنة.
تعتبر نفسك مسلم الثقافة مسيحي العقيدة ومتأثراً بنهج البلاغة للامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه؟
ما يجعل المسلم والمسيحي يتوحدان معاً هو صفاء النفس الإنسانية، فهما على علاقة ما بالله عز وجلّ، وانا حافظ لنهج البلاغة عن ظهر قلب، وأجزاء كثيرة من القرآن الكريم بحكم دراستي الفقة الاسلامي الذي نلت فيه إمتيازاً، الاسلام ليس ديناً يدعو للقسوة بل دين محبة ويقول تعالى "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة"، وغيرها من الآيات التي تؤكد رحمة الاسلام وتقبله للآخر، المسلمون والمسيحيون شاركوا معاً في الكفاح ضد الاحتلال منذ سنوات طويلة وإختلطت دماؤهم كشهداء في الحروب دفاعاً عن تراب الوطن.
وماذا عن تشدد بعض الجماعات المسيحية؟
انا ضد التشدد بكافة أشكاله، وأظن أنهم لا يمتون بصلة للتسامح المسيحي أو الاسلامي، تماماً مثل زكريا بطرس الذي يشتم الإسلام عبر قناة تبث من قبرص يومياً، وهو مستبعد من مصر وأنا أكرهه، لأني أحب الإسلام وأحترمه ودرسته بمزاجي، وللأسف الشديد من أنجز فيلم "برأة الأسلام" المسيء للنبي أعتبره رجلاً منحرفاً، وتفكيره ليس مصرياً، وشخصياً لم ولن أشاهد هذا العمل الحقير، وأتساءل ما الهدف من وراء هذا الفيلم المسيء؟ هل سينزع مليار بني آدم من دينهم؟ أيضاً قُدمت أفلام تسيء للمسيحية قبل ثلاث سنوات وبالطبع الإسلام بريء منها، وتلك الأعمال لا تعطينا الحق لأن نتقاتل ونختلف.
ما هو جديدك للدراما؟
أحضر لمسلسل بعنوان "وطن" وسيكون جاهزاً خلال الفترة المقبلة، حتى يتم ترشيح كل الأبطال المشاركين فيه، ومن المقرر عرضه فى شهر رمضان المقبل، وقد رشحت ليلى علوي ومحمود عبد المغني لتقديم الأدوار الرئيسية بالعمل، لكن لم أحدد كافة التفاصيل إلا بعد الانتهاء من كتابة باقي الحلقات، وتدور أحداثه ضمن إطار إجتماعي سياسي في القاهرة والإسماعيلية والمحلة.
مسلسل "بابا نور" شارك ببطولته كل من كارمن لبس وجيهان قمري اللبنانيتين أمام حسين فهمي؟
في هذا المسلسل تناولت الحياة السياسية والحزبية في مصر، بدون أن أغفل عن التيارين الإسلامي والمسيحي السياسي وقضية زواج المصري من الأجنبية في إشارة لمن لهم علاقة بإسرائيل بطرق ملتوية، بالنسبة لكارمن لبس فهي ممثلة رائعة وقد أدت دور الأرستقراطية بتلقائية مميزة، وجيهان قمري ممثلة جميلة جداً وقد جسدت حينها دور كلثوم لفتاة عادية تملك "مطعم فول وطعمية" ورغم طلاقها الا انها تبحث عن الرجل الذي تتمناه فتلتقي بحسين فهمي وهو الرجل الارستقراطي وتتزوجه ويبدأ الصراع بين الطبقتين.
كانت تربطك علاقة وطيدة بالممثل الراحل نور الشريف الذي قدمته بدور الاخرس بفيلم "الصرخة".
هذا الفيلم كتبته عن قصة حقيقية لشاب يعمل في محطة بنزين إسمه عمر وكان أخرساً، وكان يجيد تقليد كل الفنانين وكنت أمر يومياً الى محطة البنزين والتقيه ونشأت بيننا صداقة جميلة، وقررت أن أكتب قصة يكون هو بطلها، وذهبت الى نور الشريف وعرضت عليه الفكرة فأعجب بها وطلب مني أن أبني قصة تليق بالشاب عمر الذي تعرف اليه بدوره، كتبت العمل وظل حبيس الادراج طيلة أربعة أعوام، وفي يوم فوجئت باتصال نور بي يطلب مني أن أحضر السيناريو وأوافيه الى أحد المكاتب، وهناك عرفني إلى المنتج الذي أعطاني ثمن قصة العمل، وبدأ نور تدريبات في مراكز الصم والبكم ليتعلم لغتهم، وبدأنا تصوير الفيلم الذي دارت أحداثه حول الميكانيكي عمر الذي يتزوج فتاة (لعبت دورها نهلة سلامة) تطمع بأمواله، ويقوم بجمع المال كي يجري عملية حتى يستطيع أن يسمع ويلتقي بخبيرة بلغة الاشارات (جسدت دورها حينها الراحلة معالي زايد) فتُعجب بعمر وتحاول ان تقيم معه علاقة فيرفض، وعندما يُتهم بقضية اغتصاب تشهد ضده ويقرر ورفاقه الصم والبكم الانتقام منها ، شارك بالفيلم مجموعة من شباب الصم والبكم وايضاً البطلة كانت من ضمنهم، ويومها كتبت للفيلم نهايتين قبل عرضه، الاولى يظهر فيها عمر وهو يسامح الخبيرة على ظلمها له وهنا غضب مني شباب الصم والبكم، فكان أن كتبت نهاية ثانية وهي الانتقام منها وجعلها تفقد حاسة السمع لتصبح مثلهم ليصرخ عُمر صرخة الانتقام وهنا صفق الشباب وأصروا بالابقاء على هذه النهاية وكان لهم ما أرادوا ونال الفيلم جائزة ونور الشريف نال جائزة أفضل ممثل، وايضاً معالي زايد برعت بدور الشر، كما لا أنسى أني استعنت بالممثل يحيى الفخراني ليطل ضيفاً بشخصيته الحقيقية بالفيلم وكيف يلتقي وهو النجم الكبير بالشاب عمر بمحطة البنزين ويعمد الى تقليده بفيلم "الكيف" ويومها ضحك يحيى بالمشهد من قلبه، وصور معنا لمدة ثلاثة أيام في الشارع من دون أي مقابل مادي،(ويعلق بعد ان تدمع عيناه) نور الشريف كان مثقفاً جداً وظلت صداقتنا قائمة حتى آخر لحظة من حياته، أما معالي زايد فعندما علمت برحيلها كنت في دبي عند ابنتي ولم اتمالك نفسي وبكيت بحرقة.
أيضاً لا أنسى دموعك على رفيق عمرك الكاتب أسامة أنور عكاشة .
أسامة كان من أقرب الناس الى قلبي، ولن يجود الزمن بمثله ولا بقيمة أعماله التي تتضمن كل القيم المصرية، رحمه الله كان موسوعة ثقافية ومعلوماتية ضخمة، ومرة لم يُزيف نفسه وكانت أفعاله تتطابق مع أقواله، كما أنه في كل أعماله ناقش مشاكل الأسرة المسيحية المصرية لأنه يؤمن بالوحدة الوطنية قولاً وفعلاً، (ويضيف وهو يغص) من رحمه الله عز وجل ان أسامة توفي قبل وفاة وحيده المخرج هشام عكاشة الذي كان صديقك ايضاً.
بصراحة هل غمزت بمسلسل "الاصدقاء" للعالم المصري يحيى المشد الذي قتله الموساد؟
هذا المسلسل أمضيت بالتحضير له مدة ثلاث سنوات مع المخرج اسماعيل عبد الحافظ، والعمل به إشارة إلى تاريخ جهاز الموساد الإسرائيلي الأسود في قتل وتتبع علماء مصر البارزين في مجال علوم الذرة فقد سبق لهم اغتيال يحيى المشد وسعيد بدير وسميرة موسى وغيرهم من كبار العلماء، وتدور أحداثه حول ثلاثة أصدقاء في مواقع علمية مهمة فالأول عالم ذرة والثاني رجل أعمال والثالث رئيس محكمة الاستئناف، وتتطور الأحداث وتتشابك علاقاتهم بعد أن يتزوج كل منهم وتنشأ علاقات وطيدة بين زوجاتهم ثم تنقلب الأمور رأساً على عقب عندما ينجح الموساد عن طريق عملائهم في اغتيال عالم الذرة المصري د. عزيز محفوظ أثناء وجوده في فرنسا، وحتى يخفوا معالم جريمتهم يروجون لشائعة تقول أن عالم الذرة المصري قد أنتحر نتيجة لفشله في قصة حب مع فتاه فرنسية ثم تبدأ الأحداث تأخذ زاوية أخرى تقود إلى عدة مفاجآت، وقام ببطولة العمل حينذاك صلاح السعدني وفاروق الفيشاوي ومحمد وفيق ونيرمين الفقي التي برعت بدور الشريرة.
دائماً تتندر بمسرحيتك "الحصان" التي قامت ببطولتها سناء جميل؟
هذه المسرحية عرضت في كل الدول العربية، وسناء كانت عملاقة بتمثيلها لشخصية المرأة وعلاقتها بزوجها المقعد والعالم الخارجي المهترئ، ونص المسرحية ينتمي للممثل الواحد الذي فجرت فيه سناء كل طاقاتها.
الممثل المصري العالمي جميل راتب يذكرك دائما بالخير .
هو من أعز أصدقائي وأقرب الناس الى قلبي، وعندما كرمه قبل فترة المهرجان الكاثوليكي تسلمت نيابة عنه الدرع، ورغم أن ملامحه الحادة جعلته أشهر شرير على الشاشة الا أنه في الواقع صاحب أطيب قلب وهو فعلاً لورانس العرب عن جدارة طبقاً للإسم الفيلم العالمي الذي شارك في بطولته قبل سنوات طويلة.