بعد سنوات من الشغف والعشق المهني تم اصدر قرار بحق الاعلامية دوللي غانم...الاقصاء القسري، بما معناه المنفى لكل من تصلبت شرايينه حباً وولعاً بمهنة المتاعب.
إنه ألق الشاشة الغشاشة التي تستهوينا سارقة منا هيبة شبابنا وبريق ربيعنا الزاهر...لوهلة قد نصدق أن ما بيننا وبينها أي الشاشة صداقة عمر وخبزاً وملحاً "وعشرة عمر"... وما أدراكم بنيوبها فهي كالليث واللبيب يفهم.
شغف الشاشة واستهواؤها الايقاع بالوجوه الشابة حولها إلى ماكينة استهلاكية مضرة، لأنها ستتحول إلى مواد سامة تفتك بمتابعيها... هذا لا يعني اننا نعاكس الوجوه الجديدة، على الاطلاق، إنما ينبغي الانصياع إلى المثل القائل "حافظ على قديمك جديدك ما بيدوم".
نتوجه من خلال هذا المقال إلى فخامة القيمين على وسائلنا الاعلامية المرئية علّ وعسى في الكلمة نفع.
في البداية لا بد من حذف نهائي مع الاستعانة بخدمتي البلوك والـDelete لمفهوم "الجمهور عايز كده". فالجمهور يوما لم يتطلب شفاهاً منفوخة ووجنتين مرفوختين ورموشاً مستعارة تكاد ان تناطح السحاب وتضاريس بارزة... هذا التعميم الشائع والسطحي بات القاعدة في وطن الاستثناء. هذا التعميم الذي يساهم في تسطيح الادمغة، صعق المشاهد بهشاشة البرامج التي نتابعها، وفراغ الأصنام التي يتم توزيعها خلف الشاشة مصبرة... يكفي أن تكوني عزيزتي A la Mode "وتركي الباقي ع...".
المشكلة اليوم تكمن عند معظم القيمين على المحطات التلفزيونية بالاستغناء العشوائي عن القيم الاعلامية بحجة أنها ما عادت تصلح للشاشة. وهنا لا بد من السؤال عما اذا كان للتلفزيون مدة صلاحية؟ فان صح ذلك فنحن امام معضلة لا بد من التحرك الفوري لوضع حد مقيت لها. وان كنا على حق بمعنى انه ما من صلاحية للمذيع على التلفزيون فهذا يعني انه على القييمين على البرامج اعادة النظر في سياساتهم المتهورة وغير المسؤولة.
الشكل المقبول حاجة ملحة، إنما الشكل المبالغ فيه سرعان ما سيتحول كرغوة صابون...
دعونا نقوم بجولة اليوم على ابرز الاعلاميين الذين تركوا بصمة في الاعلام وواصلوا الظهور عبر الشاشة حتى مراحل متقدمة من عمرهم بدون ان تستغني عنهم أهم المحطات العالمية.
لاري كينغ الذي وصف بأنه أشهر مذيع في تاريخ الإعلام بالولايات المتحدة، وحقق نجاحاً لافتاً ببرنامجه" لاري كينغ لايف" جعله يلقب "بسيد الميكروفون" داخل بلاده. استمر في الظهور على التلفزيون حتى ايلول عام 2010 حين بلغ عامه الثمانين حينها قرر كينغ التوقف عن تقديم برنامجه الشهير. ثم أطلق في 2012 سلسلة جديدة من الحوارات على الإنترنت تعرضها عدة قنوات فضائية.
أوبرا وينفري الاعلامية التي صنعت مجداً عالمياً فتحولت الى نهج وجمهورية اعلامية بحد ذاتها.
ايلين ديجينيرس التي وعلى الرغم من تقدمها في السن ما زالت مواظبة على تقديم برنامج يحقق نسبة مشاهدة عالية جداً.
كلير شازال التي عملت حتى الستين من عمرها كمذيعة اخبار عبر قناة TF1 الفرنسية وعلى الرغم من اقالتها ستطل من جديد على الشاشة على قناة France 5 لتقديم برنامج Entrée Libre بدلاً من الصحافي لوران غومار من الساعة 8 والربع إلى الثامنة والنصف مساءً.
هذا النموذج من كبار الاعلاميين في العالم الذين بلغوا مراحل متقدمة من عمرهم استمروا في عملهم على الشاشة ويوما لم نسمع ان لاري او اوبرا او كلير لم يعودوا يصلحون للظهور على الشاشة.
من هنا كان لا بد من دعوة المسؤولين عن المحطات التلفزيونية إلى المحافظة على القيم الاعلامية لانها اضافة إلى البرامج ونشرات الاخبار... ومن جديد نشدد على اهمية التجديد إنما ليس على حساب القيم الاعلامية الفاخرة التي تعتبر مكسباً لاي محطة تلفزيونية. لذلك فالشاشة ما زالت تتوق شغفاً لحضور جورج غانم ودوللي غانم ويولا سليمان ويولاند خوري ومي متى وعادل مالك وزينة فياض وغيرهم من أعمدة الاعلام اللبناني والعربي .