لم تكن المرة الأولى التي يختفي فيها نجوم كبار عن الساحة الفنية، ولم تكن المرة الأولى التي يستبعد فيها مخرجو لبنان ممثلين من الطراز الأول، والمضحك المبكي أن حضورهم في بعض الحفلات أصبح غير مرغوب، كل هذه الأمور أصبحت اليوم رهن عشاق الفن الجميل، وكل هذه الأمور تبقى بصمة سوداء في تاريخ فننا الجميل..
عبد المجيد مجذوب، الذي أعطى معظم الممثلين دروساً تقنية وفنية في عالم التمثيل والإلقاء ، هو من أجيال المدرسة القديمة التي لا تنسى، وهو الذي عاشر جيلين، فوجد أن من يصغره سناً أصبح يتقدم عليه بأدواره.
فخلال هذا العام مكث عبد المجيد مجذوب في منزله ، حيث شارك خلال العام السابق 2015 في مسلسل عين الجوزة، وفي السنة 2014 في مسلسل الإخوة عام 2014 بدور صغير وبمسلسل "الغالبون".
لكن هذه ليست المرة الوحيدة التي يكون فيها المجذوب بعيداً عن الأضواء، ففي العامين 2013 – 2012 لم يظهر في أي دور، بل سكن الجفاء قلبه من دون أن يلتفت أحد إلى فقدان هذه القيمة الفنية الكبيرة لعامين...
أعوام مرت ولم ينظر أحد إلى من كان له بصمة في عالم الدبلجة والإلقاء والتمثيل، 3 سنوات تبعدنا اليوم عن رؤيته، هو من قدم العديد من الأدوار بلونه الخاص وحفر في ذاكرتنا أياماً لا تنسى، إرتقى بعالمنا من خلال بسمته، الممثل جهاد الأطرش ، الذي نفاه بعضهم، غير مكترثين بتأثير التمثيل على حياته، عام 2013 شارك الأطرش في مسلسل "أماليا"، لينتظر بعدها أن يبتسم له القدر، إلا أن القدر لم يفعل ذلك، بل إكتفى بوضعه أمام شاشات التلفزة ليحكي عن مسيرته التمثيلية التي تشهد حاليا ركوداً ، ورفض أن يدق أبواباً لا تفتح له، أو أن يلغي المجد الذي بناه بنظرة شفقة.
وفاء طربيه هي القديرة بأدوارها، هي التي رفضت أن تدق باب أحدهم إلى أن دق الحظ بابها منذ عامين.
فخلال حفل العشاء الخاص "بالموريكس دور" أكدت طربيه لموقعنا أنها تتلقى العديد من الأدوار التي لا تليق بها، فبعد غيابها لخمس سنوات عن الشاشة عام 2011-2016 بإستثناء دورها في فيلم "سراج الوادي" عن حياة المكرم الأب بشارة أبو مراد.
عادت طربيه لتشارك في مسلسلين هما "متل القمر"، "ووين كنتي"، إضافة إلى عمل جديد للعام المقبل وهو مسلسل "الفلاحين"، لكن السؤال الذي يجب أن يطرح نفسه في هذه الحالة، هل وجد مخرجو لبنان أن المسلسلات لم تعد قادرة على الإستمرار بدون هذه الوجوه؟ أم أنهم إستفاقوا على كابوس تدهور الدراما اللبنانية بدونهم!!
وحيد جلال، هو من دخل قلوب محبيه بطريقة طفولية حيث قدم "سانشيرو" بطريقته الخاصة و"كاتبن هادوغ" في تان تان ، إضافة الى تميزة في إلقاء الشعر والدبلجة وله بصمة إذاعية خاصة، إضافة إلى إحترافه التمثيل، هو لم يرحل عن عالمنا، إلا أنه رحل عن شاشاتنا حتى أن صوته سلبونا إياه ، عام 2005 أي منذ 11 عاماً كان آخر ظهور لجلال من خلال مسلسل "صائمون..ولكن"، وإنطبق إسم المسلسل على حياته ، صائمون عن الظهور، صائمون عن حبنا للتمثيل ، صائمون أولئك الذين يدعون أنهم يعرفون قيمتنا ، لكن يجب أن يتفقدوه قبل أن يفقدوه.
هذه الشخصيات الأربع وغيرها إختفت وغيرها رحل ولم يعد، من دون ذكرى أو تذكار، هؤلاء هم من رسموا لنا الطريق الصحيح لنسير عليه، لكن أين هم اليوم وأين غيرهم، هل سنستيقظ غداً على ألم رحيلهم ؟ أم سنجدد لهم التاريخ ونرد بعضاً من جميلهم ؟
فإذا كانت الدولة قد غابت عنهم، والنقابة، وأصبحوا يرقدون فيه سريرهم من شدة مرضهم، فالكثير من العمالقة الذين رحلوا، شدد أقرباؤهم على مقولة "حتى الدولة لم تنظر إلينا"، وكثيراً منهم تمنوا لو أنهم أبقوا على قرشهم الأبيض ليومهم الأسود، وبعد أن فقدت كل الحلول لم يبق لممثلينا سوى نحن وجمهورهم الذي أحبهم.
ولكي يكون ما ذكر منصفاً، يجب أن يتوج ما ذكر برسالة شكر إلى الممثلة ماغي بو غصن وجمال سنان، التي دعمت هؤلاء الفنانين وغيرهم كـ بيار جماجيان، وجناح فاخوري ختام اللحام مارينال سركيس وغيرهم بالعودة إلى الشاشة لكن الشاشة الكبيرة فهذا المكان الذي يستحقونه والشكر أيضاً للكاتبة منى طايع التي تستعين أيضاً بكبارنا ومنهم نجلاء الهاشم .
قد لا يكون ما كتب على نسق ما يحبه بعضهم، لكنه الحقيقة التي تؤلمهم أكثر ما تؤلمنا، وإن لم يكن هناك من ينصفهم كما أنصفونا يوماً، فالأجدر بنا أن نعتزل التمثيل على أنفسنا قبل أن ننكر فضلهم علينا.