(طنّة ورنّة) سادت الأجواء... ضجّة إعلامية فارغة كقرع الطبول في الهواء... (تطبيل وتزمير) لما اعتبره البعض إنجازاً غير مسبوق... (عنتريات) و(بابازات) أمام الكاميرات، وفي النهاية استعانة بالوجوه السياسية والفنية والإعلامية والإجتماعية لجذب الانتباه واستقطاب الأنظار... وعلى الرغم من كل ما سبق، باءت محاولة لجنة جوائز مهرجانات بيروت الدولية، أو ما يعرف بـ"بياف"، بالفشل في كسر الرقم القياسي المسجّل في كتاب غينيس لأطول سجادة حمراء في العالم، وذلك لأسباب عدة في مقدمتها: الإهمال!.

فعلى ما يبدو، لم يدرك القائمون على المشروع أن مرور السيارات الفارهة، التي تقلّ المدعوين من كبار الشخصيات، على السجادة الحمراء، وارتداء الملابس الفاخرة و(التمتخر) ذهاباً وإياباً لإلتقاط (السيلفي) ونشر الفيديوهات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي على طريقة (شوفيني يا منيرة)، والغمز من قناة المنافسين وما يسمّى "أعداء الكار" بالتحدي والإعلان المسبق عن الفوز بتحقيق الإنجاز العالمي... ليسوا سوى فقاعات في الهواء لا تحقق إنجازاً بل تشكّل إخفاقاً!.

للأسف، أبدت لجنة جوائز مهرجانات بيروت الدولية "بياف" إهتماماً كبيراً بالترويج الإعلامي لسعيها تحقيق رقم قياسي جديد أكثر من حرصها على تنفيذ الشروط المطلوبة منها، فاعتلى رئيسها د. ميشال ضاهر المنابر وجاهر برفع اسم لبنان عالياً وأعلن عن توفيرهم الإمكانيات المطلوبة لكسر الرقم القياسي السابق ووضع طاقاتهم القصوى في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود... إلا أن (حسابات الحقل مش متل حسابات البيدر)، فلم تكن الـ5,50 كيلومتراً كافية لكسر الرقم القياسي الذي حققته ألمانيا عام 2014 بعدما فرشت سجادة حمراء بطول 5,35 كيلومتراً بإتقان واحتراف وانتظام واضح، وذلك ببساطة لأن نتائج الإهمال وخيمة على الدوام ومَن لا يلتزم بتأمين التفاصيل سيفقد بلا شك... المحاصيل.

وعملاً بالمفهوم السائد "للنجاح ألف أب وللفشل أب واحد"، تغاضت وسائل الإعلام بمعظمها، والتي سبق وأن ملأت الدنيا بالعناوين الطنّانة، عن الإعلان عن نتيجة المحاولة البائسة، واقتصر الأمر على منبر أو إثنين على الأكثر، في حين تعمّد القائمون على لجنة بياف اعتماد (التطنيش) تارة أو سياسة (الأملية) طوراً في محاولة منهم للملمة الفضيحة ومنع انتشار الخبر. وعليه، كان لا بد من التواصل مع الممثلين الرسميين لـ غينيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحديداً مع رئيس فريق إدارة الأرقام القياسية السيد سامر خلوف الذي أكد لنا أن "محاولة بياف لكسر الرقم القياسي لأطول سجادة حمراء كانت غير ناجحة"، وأنهم قاموا بتبليغ المعنيين بالنتيجة عن طريق الرسائل الالكترونية قائلاً: "في غينيس للأرقام القياسية لا يتم إرسال كتاب وإنما يكون التواصل عبر الطلب المقدم على موقعنا وتصل النتيجة بصيغة بريد إلكتروني".

وأشار خلوف إلى أنه "من شروط نجاح محاولة كسر الرقم القياسي أنه يجب أن تتم خياطة أجزاء السجادة المختلفة بإحكام وعدم ظهور غرز الخياطة على السجادة من الخارج وكان هذا سبب عدم نجاح المحاولة"، وأضاف: "لم يتم الحكم على السجادة بعد تعرّضها للتمزّق أو من الصور المعروضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولم تكن نوعية القماش سببًا كذلك. التقييم كان وفقًا للأدلة المرسلة من مقاطع فيديو تتجاوز مدتها الـ4 ساعات أثناء عملية المد. تمّ استخدام العديد من بكرات القماش وكان المطلوب خياطة القماش من كل بكرة بالتي تليها، وهذا ما لم يقم المنظّمون بعمله وعلى أساسه لم تنجح المحاولة".

ولدى سؤالنا عما إذا كان المعنيون قد تعرّفوا بشكل كافٍ إلى الشروط المطلوبة ليتحضّروا جيداً، أجابنا خلوف: "لقد تم إرسال شروط الرقم القياسي للمنظمين وتمّت مناقشتها قبل بدء العمل ولكن لم يتم تطبيق ذلك على أرض الواقع وبالتالي أدى إلى فشل المحاولة".

بعد كل هذا، يتضح أمامنا أن القائمين على المحاولة كانوا يعلمون تماماً تفاصيل الشروط المطلوبة ولم يلتزموا بتنفيذها، بخاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها سجادة حمراء لتسجيل رقم قياسي بل هي محاولة لكسره، وبالتالي فإن الصورة واضحة أمامهم والطريق معبّدة للسير وفقها اللهم إلا إذا ما ألهتهم قشور المظاهر المخادعة وأبهرتهم الأنوار البرّاقة، وضاعوا في متاهة رسموها لأنفسهم عندما قرروا تنظيم حدثين ضخمين على مدى يومين متتاليين، بدلاً من إيلاء كل حدث حقه من الاهتمام والرعاية، فوقعت البطيختان وانكسرت اليد الواحدة.

وللتذكير فقط، لسنا ضدكم ولا نحمل ضغينة أو حقداً عليكم ولم نكن يوماً من أعداء النجاح الذين لطالما جعلتموهم شماعة تعلّقون عليها أخطاءكم أو (دعساتكم الناقصة)، لكننا لن نقف صامتين ومكتوفي الأيدي أمام من يحاول استغلال إسم لبنان من دون أن يقوم بالسعي الدؤوب ويبذل أقصى جهده وإمكاناته في سبيل الإيفاء بالتزاماته، فلبنان ليس بانتظار سجادتكم الحمراء ليدخل من خلالها أبواب النجاح فقد سبق وأن سجّل أبناؤه أرقاماً قياسية عدة بتفانيهم وتكاتفهم وترفّعهم ومجهودهم فتزيّنت الموسوعة بالإنجازات اللبنانية من التبولة، والحمص، إلى الليموناضة البترونية وغيرها.

وختاماً نقول للقائمين على "بياف"، ومن يحذو حذوهم: دعوا إنجازاتكم تتحدث عنكم، ولا تأخذكم الأنفة إلى الهاوية فتقدمون على خطوات غير مدروسة وتسيرون خبط عشواء نحو التهلكة... هنيئاً للبنان بطعم التبولة ونكهة الليموناضة وبئساً لـ"بياف" وسجادتهم الحمراء!.