كالأكاليل المغروسة على رأسي حبيبين، يُخمرُ صوتها بأناشيد السماء طرباً، كالخواتم الملتفّة حول أصابع نذرت الحب أبدياً، تلفّ أرواحنا بكلمات أنجيليّة الكبر. هي كارلا رميا، أستاذة الموسيقى والغناء الشرقيّ، المرنّمة، العاشقة لفنّ الحياة وإبنة حريّة المسيح.
عند ذهابك إلى أيّ حفل زفاف، تكون بحالة إستعدادٍ و ترقّبٍ لمراقبة الحبيبين اللذين سيقولان نعم أبديّة، تعيش نهارك منذ بدايته بوضعيّة الفرح والأمل رغم كل شيء، تشعر كأنك أنت جزء من هذا الإكليل، لأن الفرحة كما الحزن، معديان بعلم النفس الجماعي. لكن عندما تتواجد في الكنيسة وتسمع صوت كارلا رميا ترنّم فرحاً من وحي سيّد الأفراح، ناصري البداية واللا نهاية، ترتفع في نفسِك نسبة السعادة إلى أعلى درجات نشوة الروح، ويتضاعف في داخلك كل شيء، الحنين، الحب، العشق، الخضوع، الوجل، دقات القلب، خجل الأجفان، وصحوة العيون. كارلا التي حصدت نجومية كبيرة في برنامج ستار أكاديمي كأستاذة في الموسيقى والغناء، إنتشرت نجوميتها في مراسم الزفاف في لبنان. أمست حاجة ماسة لثقل الإرادة عند المتزوجين و تقوية الحماسة عند الأحباء الداعمين.
الجدير ذكره، كمستمتعة وعاشقة للترانيم، أن كارلا لا تحضر الزفاف لعرض عضلات الصوت ولا لإستعراضٍ أوبرالي يستعطف النظر ويشحذ إنتباه الإصغاء. فهي مدركة تماماً لأصول الترنيم وممتهنة بطبقاتها الصوتيّة لقواعد الأغاني الدينية ولجماليا التسبيح والتهليل في الكنيسة، و في كل مكان. هي من قال عنها الكبير الراحل وديع الصافي إنها من أجمل الأصوات في الشرق الأوسط، وكان له معها تجربة غناء رائعة في جامعة الروح القدس الكسليك، الصرح الأكاديمي العريق التي هي جزء منه كأستاذة في الموسيقى والغناء الشّرقيّ.
بترانيمها الخاصة، والترانيم الشهيرة، طغى صوتها على الزينة المعلّقة على الجانبين في الكنيسة، فصوتها لا يزيّن أطرافاً وزوايا، صوتها يسبح في فضاء لا يعرف حيطاناً أو نوافذ، تدخل العروس بخطىً ممشوقة على نغمات الترنيمة، تصل إلى حبيبها ملتزمةً وعد الحلو والمرّ، وبرصانة الخشوع تتركّز المسامع على صوتها الذي يغلب المايكروفون ويصل بسرعة الموهبة الغنائية إلى وجدان الحاضرين، فيسرحون بخيالهم إلى أبعد من هذه الدنيا، إلى حيث يطيب اللقاء.
كارلا رميا، باتت نكهة جمَعة الفرح، تُعطي الزفاف طابعه الحقيقي، ليس طابع المبالغة والإفراط بالبزخ والمظاهر الخادعة، لكن روحية الزواج الحقيقية، وهي سرّ في الكنيسة ومكمن أسرار في حياة إثنين. في الترنيم لا حاجة أيضاً لهذه المبالغة والإفراط كما يفعل البعض، في الترنيم يشدو الصوت حباً وإنتماءً لمدرسة إبن الناصرة.
إسم كارلا فُرض بفعل الروعة في مراسم الزفاف، على أمل أن تعي المسامع الغائبة في لجان مهرجانات بعلبك والأرز وغيرها، التي تُكرر الأسماء نفسها كروتينِ الزواج القاتل.
كارلا، بصوتها الزفاف جميلٌ كالحب، بصوتها الزفاف كعرس قانا الجليل، أجاجين ممتلئة، وأعجوبة حبٍّ تتحقق.