الجملة التي تقول إنه لا يوجد نبيّ مكرّم في وطنه باتت غير صحيحة على عهد وزارة الثقافة الحالية في لبنان بشخص الوزير ريمون عريجي التي تقوم بنشاطات ثقافية عديدة من شأنها أن تقدّر أهل الثقافة والحضارة والفنّ في وطن فقد كل مقوّمات الوطن.
إنطلاقاً من حرص الوزارة على تقدير المثقّفين والفنانين والأدباء وتكريمهم، تمّ تنظيم مسابقة الرواية عن فئة الناشئين للفوز بجائزة قيّمة تقدّمها مؤسسة أنطوان شويري على أن تطبع الوزارة 2000 نسخة من الرواية الفائزة.
فكانت رواية "أسبوع في أمعاء المدينة" الفائزة بالجائزة هي الرواية الأبرز في المسابقة وقد كتبتها الصحافية والشاعرة باسكال صوما. هي الشابة المندفعة والمثقّفة والأديبة الحائزة دراسات عليا في اللغة العربية وآدابها والتي تعمل صحافية في أعرق الصحف اللبنانية "السفير". لها في الشعر ديوانان "تفاصيل" و "فاصلة" والآن رواية "أسبوع في أمعاء المدينة".
إن باسكال صوما مثال الفتاة الأديبة التي تتحدّى مجتمعاً غارقاً في الجهل والذكورية، لتثور عليه ثورة صادقة شعراً ونثراً وصحافة تشبهها إلى حدّ لا نعود نعرف إذا كنا نقرأها أو نقرأ كتاباتها. أما أنوثتها فتعكس صورة جلية عن قلب وقّاد بالعشق والتمرّد والواقعيّة نحتاج إليها في مجتمعنا لكي ننهض به.
وفي هذا اللقاء مع موقع الفن نتحدّث مع الشاعرة باسكال صوما عن روايتها التي فازت بجائزة من خلالها وعن ديوانيها الشعريين..
من موقع الفن مبروك الجائزة التي حصلت عليها. حدثينا أكثر عن رواية "أسبوع في أمعاء المدينة" وكيف حصلت على الجائزة وماذا تعني لك هذه الجائزة من وزارة الثقافة؟
صدفة علمت أن هناك جائزة ستعطى عن رواية من وزارة الثقافة فقررت أن أكتب هذه الرواية في مدة لا تزيد عن الشهر. فهي فكرة لمعت وترجمتها. اخترت عنوان "أسبوع في أمعاء المدينة" لأن أحداث الرواية تدور خلال أسبوع فتبدأ الخميس وتنتهي الخميس بعده. أما عن أمعاء المدينة لأن الأحداث تدور حول الحياة الداخلية للمدينة. الرواية فيها الكثير من الخيال الذي يعبّر عن الواقع وفيها أيضاً أحداث غريبة فالقارئ أثناء قراءته يكتشف الحياة الداخلية للمدينة. ولم أكن أتوقع أن أفوز بالجائزة.
ماذا تعني لك هذه الجائزة خصوصاً أنها من قبل وزارة الثقافة؟
من الجميل أن يشعر الإنسان في بلده بأنه مكرّم ومقدّر وبأن هناك من يرى أعماله وموهبته. وهذا الأمر مهم جداً وأتمنى أن تجد المواهب كلها من يدعمها ومن ينتبه إليها. مشكورة وزارة الثقافة التي لا تأخذ حيزاً كبيراً من ميزانية الدولة إلا أنها تقوم ببعض النشاطات.
انتقلت من الشعر إلى الرواية. في أي من الشعر أو النثر تستطيعين أن تعبري أكثر؟
هذا سؤال كبير جداً. لكنني لا أحصر نفسي بنوع أدبي واحد. أنا صحافية أكتب المقالات والمواضيع والمتابعات. في كل من هذه أجد جزءاً مني. والذي أثبت لي أنني لست محصورة بنوع أدبي واحد هو هذه الرواية. فشعرت من خلالها أنه لدي الكثير لأقول وأنا مستمتعة. هناك الكثير من الأدباء الذين لم يحصروا أنفسهم مثل محمد الماغوط.
أين تلتقي الصحافة بالأدب؟
بصراحة لا يلتقيان كثيراً. فشخصية الصحافي تختلف عن شخصية الأديب. هي شخصية الإنسان الدقيق الذي يلاحق ويتابع الموضوع والذي يسأل كثيراً ويقوم بعلاقات عامة لكن الأديب لا يحب هذه الأمور بل يود لو يختلي بذاته أو يختبئ في زاوية. ومن مثلي يشعر بهذا التناقض، ففي عملي أعيش شخصية وعندما أكتب أعيش شخصية أخرى.
ما هي الإضافة التي قدمتها لك جريدة السفير؟
من دون شك أن جريدة السفير هي مدرسة في الصحافة والمعرفة الصحافية والمهنية. وفي السفير فسحة للصحافي كي يعبّر في أي قسم يريد خصوصاً أنني عملت في قسم الإقتصاد لكنني كنت أكتب في قسم الثقافة.
بعد الأخبار التي تم تداولها عن إغلاق جريدة السفير والنهار وتحوّلهما إلى صحف إلكترونية، هل تؤيدين هذا الإنتقال من الورق إلى الموقع الإلكتروني؟
نعم أشجّع هذا الأمر فهذه حركة الزّمن ويجب ألا نعترض هذه الحركة إذ إننا لا نستطيع أن نقف في وجه الزّمن. علينا أن نتأقلم مع الوضع خصوصاً أن أهم الصحف العالمية قد انتقلت من الورق إلى الإنترنت. وعلى الصحف الوطنية أن تواكب العصر وأن تنتقل إلى الإنترنت. لا ننسى أن الأمر صعب بالنسبة إلى الجيل القديم الذي بينه وبين الورق علاقة لا يمكن أن ننسفها فجأة.
بالإنتقال إلى الشعر. أخبرينا أكثر عن ديوانك "فاصلة" ولماذا اعتمدت فن الهايكو؟
عندما بدأت بقراءة هذا النوع الادبي لاحظت كم أن شعرنا العربي مملوء بالحشو وهذا الزمن الذي نعيشه هو زمن الإختزال وزمن السرعة. من هنا في الأدب يجب أن ننتبه إلى هذا الأمر. فنعطي للقارئ خميرة نزوّده بها من دون أن نتعبه. فكي نكتب فكرة نريد إيصالها يجب ألا نكتبها في مطوّلة فيملّ القارئ. فبكل تواضع ليس هناك من قارئ قرأ كتابي وشعر بملل. فهدفي أن أكون ممتعة ومسلية وخفيفة على نفس القارئ.
إلى أي حدّ يشبهك شعرك؟
شعري يشبهني إلى حدّ مضحك. كم أنا حقيقية. فمرة كنت في أمسية شعرية وقلت مقطعاً شعرياً جاء فيه "أحاول أن أفهم العالم بلا نظارتين" فهذه الجملة بسيطة لكنها بالحقيقة قصة واقعية جرت معي حين انكسرت نظارتي فشعرت بالإنزعاج وقررت أن أكتبها. فإلى هذه الدرجة أنا حقيقية.
يعني أنك تجدين أن القارئ بحاجة إلى أن يقرأ شعراً صادقاً وحقيقياً وليس بينه وبين القارئ مسافة؟
نعم بالتأكيد. فالقارئ ليس غبياً بل هو انتقائي خصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من الكتاب اليوم. وهذا أمر مهمّ لكن القارئ بات يعرف ما هو متصنّع وما هو حقيقي.
هل يمكن أن نجدك في تجربة شعرية باللغة المحكية؟
لا فقد حاولت أن أكتب بعض المحاولات إلا أنني وجدت أنني لا أستطيع أن أعبر بها لكنني لا أجزم شيئاً.
أين يستطيع القارئ أن يجد رواية "أسبوع في أمعاء المدينة"؟
وزارة الثقافة ستطبع من الرواية 2000 نسخة. وقريباً جداً ستوزّع في المكتبات لأنني قدّمتها إلى المسابقة وهي لا تزال مخطوطة .