في ميناء البترون كان موعدنا ليل السبت الماضي مع الفنان مارسيل خليفة وعوده، ضمن مهرجانات البترون الدولية لعام 2016.. مزيج من الأحاسيس تختلط لديك قبل بدء الحفل، تتأمل في وجوه الناس المنتظرة في الخارج، فترى الماضي والحاضر.
المدرجات إمتلأت قبل بدء الحفل بدقائق، الحاضرون يتبادلون أطراف الحديث ويعودون بالذاكرة الى أيام الحرب اللبنانية، فأغاني مارسيل تمثّل لهم الأمل بالبقاء ومواجهة بشاعة الحرب وصوت الوطن الجريح، في المقابل ترى شباباً يأخذون مقاعدهم وحماسهم يبدو واضحاً ليحلموا مع مارسيل بمستقبلهم، والوطن الذي يبحثون عنه.
دخل مارسيل مع فرقته الموسيقية المؤلفة من 6 أشخاص من بينهم نجليه "رامي وبشار"، فعلا تصفيق الحاضرين وبعد ذلك إنطلق مارسيل الى فسحة من زمن جميل توقّف مع أوتار عوده.. بين "ركوة عرب، بين ريتا وعيوني بندقية، منتصب القامة أمشي، تانغو لعيون حبيبتي، خلي الكاس، يا حادي العيس، وجواز السفر، وغيرهم"، لم نعد نميّز من أين يخرج اللحن، وقد وصل إلى القلب من دون إستئذان فذاب مع خفقات موج بحر تائه وحائر.
بين أغنية وأخرى تذكّر مارسيل طفولته في مدينته الثانية البترون، وفاجأ الجمهور بأغنية "ع صخرة المينا" التي قام بتحضيرها خصيصاً لهذه الليلة، بالتعاون مع صديقه الممثل جورج خباز، الذي كان حاضراً في الحفل، كما قدّم مارسيل مقطوعة "أندلس الحب" من ألبومه الجديد، فيما إستراح هو وأعطى الدفة لنجله "رامي" على البيانو في مقطوعة موسيقية.
الجمهور لم يكن يشاهد فقط بل ردّد كل أغنية ولحن، وبدوره مارسيل كان يمازحهم ويحلم معهم بالوطن المفقود، ووجّه رسالة بأن هذا الحفل يجمع كل اللبنانيين، في إشارة منه إلى وجود وزير الخارجية جبران باسيل، ووزير السياحة ميشال فرعون، ووزير الإعلام رمزي جريج، ومازحهم أيضاً بالقول: "فيهم السياسيين كمان يغنوا معنا مش بس الناس!".
مارسيل لم يترك البحر يموج لوحده، غنى على نافذة مفتوحة على صخرة الميناء في ختام مهرجانات البترون، للقمر الذي وقع في حلم ليلة صيف على الشاطئ، لنجتاز الألم الذي نخرنا من سنين، وللحب كي لا ندخل حرباً.