حالة من الذهول والصدمة أصابت الجمهور اللبناني والأجنبي قبل بدء السهرة الثالثة من مهرجان بيبلوس ليلة الخميس الفائت في تمام الساعة 9 مساءً الجميع كان يجلس باتجاه المسرح في انتظار عازف الساكسفون العالمي Kenny G ليطل للمرة الأولى على المسرح اللبناني ولم يكن عندها الحضور مكتملاً فقد اعتادوا أنّ يتأخر الفنان ليطل على المسرح.
وفجأة التفت الجميع إلى الوراء "هل هذا KENNY G ؟ ماذا يفعل في الوراء؟"، هكذا تساءل الجمهور عن سبب تواجد الفنان بينهم وبدا يلقي نظرةً، وكأنه من الحضور لا نجم السهرة.
ألقى التحية على الجميع بدون الميكروفون وحمل آلته الموسيقية وبدأ بالعزف. الجميع مذهول ولا أحد يصدّق ما يحدث، ترجّل الجمهور عن مقاعده وحملوا هواتفهم الذكية لتصوير هذه اللحظة التي لا تتكرر في المهرجانات. لدقائق تساوى أصحاب المقاعد الخلفية مع الأمامية، الغني مع الفقير. لا فرق بينهم فـ Kenny يعزف الموسيقى التي عشقوها على بُعد سنتيمترات عنهم.
لم يكن بحاجة الفنان العالمي لحارس يحميه من تطفّل الجمهور الذي كان راقياً بالتعامل مع الضيف، واكتفوا بالتصوير، فيما هو كان يقترب منهم ويلقي التحية عليهم. عشرُ دقائق وهو يعزف إلى جانب الجمهور، تحوّل المهرجان لحفلة خاصة، لينهي هذا اللقاء القريب بعزف متواصل لأكثر من دقيقتين بدون أن يلتقط أنفاسه، نفس الجمهور كاد أن ينقطع وهو لا..يا له من فنان!
صعد KENNY G على المسرح إلى جانب فرقته الموسيقية التي حضرت معه من الولايات المتحدة الأميركية، وواصل العزف على الساكسفون بشغف الطفل للعب، الموسيقى التي عزفها بدت من عالم ثانٍ، تلامس الحواس، تجعل القلب والعقل يرقصان معاً بدون كللٍ ولا ملل. للوهلة الأولى لا تتوّقع أنّ هذا الحضور الكبير جاء ليستمع لعازفٍ لا يجيد الغناء، خصوصاً أنّه في العالم العربي عازف الموسيقى لا يصل إلى جميع شرائح المجتمع، لكن في هذه الحفلة بالتحديد لا صوت يعلو على الموسيقى إلاّ تصفيق الجمهور الذي بدا منسجماً مع هذا الصوت الساحر الذي يخرج من آلة Kenny.
بعد أن عزف لأكثر من نصف ساعة، وقف إلى جانب المايكروفون الغائب الأكبر في هذه السهرة، وراح يرحّب بجمهوره اللبناني على طريقته مشيراً إلى أنّه لم يكن يتوقّع يوماً أنّ يقدّم حفلاً في لبنان، ثمّ بدأ يتذكر الكلمات العربية التي تعلّمها قبل صعوده على المسرح، ليخاطب الجمهور بالعربية المكسورة قائلاً: "مساء الخير لبنان، أنا سعيد جداً أنّني معكم اليوم في مهرجان بيبلوس إن شاء الله أن تكونوا أنتم أيضاً سعداء"، وبين الكلمة والأخرى كان يصمت لثوانٍ متذكراً ما حفظه، فيما الجمهور حاول أن يلقنه الكلام ويضحك على عفويته. وكان لافتاً أنّه حاول التحدث باللغة الفرنسية لكي يفهم عليه الجمهور، لعلّه اعتقد أنّ اللبناني لا يفهم إلاّ العربية والفرنسية ويجهل الإنكليزية، لكنه مازح الحضور بعفوية قائلاً إنّه يعرف اللغة الفرنسية كمعرفته باللغة العربية.
وفي ختام السهرة شكر كل من حضر اليوم خصيصاً لمشاهدته، وأعلن أنّه سيوقع ألبومه الأخير بعد الإنتهاء من وصلته، طالباً من الجميع أن يشاركه هذه اللحظات، وقد لفتنا أنّه خلال توقيعه الألبوم كان يتعامل مع الجمور بكلّ تواضع وبساطة ولم يرفض أي عرض لإلتقاط صورة "السيلفي" معه رغم كثرة الأعداد.
Kenneth Bruce Gorelick المعروف باسم Kenny G ولد عام 1956 أي منذ 60 عاماً في واشنطن لأبوين يهودين، بدأ مسيرته الفنية عام 1973 مع فرقة غنائية، قبل أن يقدم ألبومه الخاص عام 1982 الذي حمل إسمه وحقّق له نجاحاً كبيراً، ومن بعده تتالت النجاحات مع ألبوماته ليصبح رقماً صعباً في عالم الموسيقى على الصعيد العالمي، ليصبح العازف الأكثر مبيعاً حول العالم بأكثر من 75 مليون نسخة ونال جوائز عديدة أهمها جائزة الغرامي.