في خضم المنافسة الرمضانية الشرسة، والتي تشتد وتيرتها عاماً بعد عام، كان لا بد أن يسطّر تاريخ الدراما العربية تميّز بعض الأسماء، تقدّم البعض الآخر، وانخفاض أسهم مَن لم يجتهد ومَن لم يجهد.
.. وباختصار... مَن لم يمثل!.
هذا العام، ومن خلال الجزء الأول من مسلسل "خاتون"، الملحمة الدرامية التي تحمل روح البيئة الشامية خلال فترة الانتداب الفرنسي، وعلى الرغم من أهمية الأسماء المشاركة وتعدّد مواهب أصحابها ونوعية أدائهم وأدواتهم المختلفة، إلا أن الممثل يوسف الخال كان الحصان الرابح في حرب دارت رحاها في ساحات غصّت بمعارك الحب والثأر والخيانة.
يوسف الخال، فتى الشاشة ومعشوق الفتيات، أغوى "خاتون" وأغراها بالحب والكلام المعسول فانتقل غرامهما من داخل شاشة جامدة إلى قلوب تخفق بشغف وتتلهف لسماع مفردات العشق من "كريم" يجود بها.
وما بين رحلة الهرب من الانتقام والأخذ بالثأر والتعمّق في خيانة الثقة والحب والأرض والعرض من جهة، والقيام بواجب يعتبره وطنياً دفاعاً عن بلده وذوداً عن بذته العسكرية من جهة ثانية... تحوّل يوسف الخال إلى حرباء تتلوّن بتعابيرها وأقوالها وألفاظها وأعمالها وحتى... وميض عينيها!.
نعم، قد لا تصدقون هذا الوصف لكن بالفعل كم كان من الاستحالة عدم تصديق لمعان الحب في عينيه العاشقتين وهو كاذب... كم كان من الصعب علينا التأكد من خيانته وهو ينتقي ألفاظاً فيها من العِبَر والكِبَر ما يرتقي بالروح ومضامينها، ويبدّل أقنعته في المشهد الواحد مرة تلو الأخرى وبسرعة وجدارة ومهارة حتى يتماهى معها ويضاهيها، فيقنعنا وأحياناً من الصدق... يبكينا.
يوسف الخال، في شخصية "كريم" تحديداً، خائن مع مرتبة الشرف وشكّل حالة فنية استثنائية تحفر باحتراف مكانتها ويليق بها مكانها، واخترق ذاكرتنا ليطبع فيها واحداً من أهم أدواره التي أغرقنا من خلالها في عشق أقنعته التمثيلية حتى الثمالة.