وصلت سوزان نجم الدين إلى مراحل متقدمة في "الموركس دور" قبل أن تفاجئ الجميع وتنسحب بقرار شخصي، لكنها صعدت إلى منصات التتويج وكانت من بين المكرمين.


الممثلة السورية تبدو دائماً كالذهب العتيق الذي يزداد قيمة مع مرور الأزمان، فتتألق كل عام على أكثر من صعيد وتسجل الإنجاز تلو الآخر، وتشع نجومية كبريق الألماس.
سوزان نجم الدين حلت ضيفة على "الفن" وكان الحوار الآتي.

ما الذي دعاكِ للموافقة على مسلسل "أيام لا تنسى"؟

بصراحة، هي المرة الأولى في حياتي التي أوافق فيها على عمل قبل أن أقرأه، لأن هذا المشروع يخص شريك الدرب أيمن زيدان، فهو بداية لن يختار لي ما لا يليق بي، وأحببت في دوري أن أكون جزءاً من مشروعه، كما أن ثقتي كبيرة بالمنتج عدنان حمزة الحريص دائماً على تقديم الأفضل بالتعاون مع مؤسسة الإنتاج.
وقد ساعدني الأستاذ أيمن في توضيح الحالات الإنسانية التي لم تكن مكتوبة في الدور كي نبرر لها تصرفاتها وكي لا تبقى أحادية الجانب كما فعل مع كل شخصيات العالم.

إعتذرت عن عدة أعمال واكتفيت بهذا المسلسل، فهل هو جرأة أم مجازفة؟

نعم كان قراراً جريئاً، لكنني لم أندم على اعتذاري عن عدة مسلسلات لأن إحساسي كان بمحله نتيجة ما رأيته على الشاشة، وما تابعته عبر الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي.

لا يهمني عدد المشاركات في الأعمال بقدر ما يهمني النوعية التي وحدها تؤثر سلباً أو إيجاباً على استمرار النجومية.

كيف تقيّمين ظهورك بشخصية "ملك"؟

"ملك" هي المرأة المتجبرة والقاسية، التي تقدّس العمل والمال، وتستولي على كل ما يملكه زوجها وتستغل نزوته مع خادمة العائلة، وترفض مسامحته عليها، مبقية إياه تحت سيطرتها.
ورغم قسوة تركيبة الشخصية، إلا أني عملت جاهدة مع المخرج على تقديمها بعيداً عن الصورة النمطية للمرأة المتجبرة، وإبراز عمقها الإنساني، النابع من معاناتها الحقيقية خلال أحداث العمل، إذ لا يوجد خير أو شر مطلقان.
وأعتقد أن العمل مختلف من حيث الإيقاع التلفزيوني المعهود، والدفء المسيطر على الجو العام لأحداثه.

كيف تصفين وقوفك أمام كاميرا أيمن زيدان بعد غياب؟

العمل معه ممتع دائماً، إنه فنان كبير وإنسان حقيقي ومخرج متميز يجمع بين الصلابة والمرونة بتوازن عبقري ينعكس من خلاله دفء روحه على المشهد الدرامي والعلاقات الإنسانية أيضاً.

أيمن زيدان يفرض الإحترام والحب والإلتزام الشديد في كواليس عمله إلى جانب صلابته التي تأتي من باب الخوف على الممثل وكل تفاصيل العمل، أما مرونته فتحفز الجميع للعطاء بحب كبير رغم التعب الشديد أحياناً.

هل استطاعت الدراما السورية الارتقاء إلى مستوى الأزمة؟

لا لم تستطع أبداً، وبرأيي لم تستطع أي دراما عربية الارتقاء إلى مستوى أزمتها لأن ما حدث ويحدث في الواقع أكبر وأكثر عمقاً وألماً مما يكتب.

من يمتلك العصا السحرية لكل ما تعانيه الدراما؟

تبدأ العصا السحرية مفعولها الإيجابي من قرارات حاسمة وحازمة من الدولة السورية من خلال التعاون بين وزارات الثقافة والإعلام والتعليم العالي، كي يصبح للمهنة قوانين تنظمها وتشذبها وتهذبها كي لا يتطفل أي مدّع أو أي حامل لحقيبة نقود الدخول في هذه المهنة الخطرة جداً، باعتبارها صناعة مصدرّة إلى الخارج وتحمل رسالة وطن إلى كل العالم.

لكني في الوقت نفسه، أشكر ربي أن الدراما السورية مع هذه الحرب الكونية لا تزال موجودة وهذا كافٍ، وتمكنا من إنتاج أعمال مميزة رغم الضغوطات ورغم الصراعات ورغم الحرب ورغم الظروف الصعبة التي نعيشها، ولكني كنت أتأمل في فترة ربما يأت وقتها أن تكون أعمالنا أكثر عمقاً خلال السنوات القليلة الماضية، وأكثر تعاطياً مع الروح البشرية.

كيف تقيّمين حضور المواهب الشابة في الدراما السورية؟

أراه جيداً ويبشر بمستقبل لجيل واعد، لكني أخاف عليهم من الغرور، فإن لم يؤسسوا بشكل جيد ولم يقفوا على أرضية صلبة سيؤثر ذلك على استمراريتهم بالتأكيد.

وماذا تقولين عن الدراما العربية المشتركة؟

الدراما العربية إلى الآن قدمت استعراضاً درامياً لامس السطح من دون الغوص في العمق ومن دون أن يقدم دراما حقيقية للأسف، وأعتقد أن هذه السنة كانت أكبر مثال لما أقول، لأنها بالأساس بنيت على مخلفات الحروب وهجرة الفنانين من أوطانهم مما خلق فوضى درامية وليس دراما حقيقية.

وقدم هذا النوع من الدراما الكثير لبعض الفنانين السوريين، وظلم بعضهم الآخر من خلال سطحية المواقع ربما، أو عدم الغوصفي أعماق الشخصيات أحياناً أخرى.

كيف تقارنين بين الدراما العربية؟

لا نستطيع المقارنة بين الدرامات العربية بالخطوط العريضة، فكل له عيوبه وكل له حسناته وتميزه، وفي كل دراما يوجد الغث ويوجد الثمين، لكنني متفائلة بعودة قوية للدراما السورية قريباً، بخاصة أننا ما زلنا نتعامل مع المهنة بحب وجدية واحترام رغم كل ما مر علينا من صعوبات وحرب طاحنة كادت تجرف معها كل شيء.

بالعودة إلى الوراء قليلاً، تسلمت جائزة في "الموركس دور" رغم انسحابك، فكيف تفسرين ذلك؟

نعم، هذا ما أعلنه القيمون على الجائزة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته في بيروت بإعلان انسحابي من الترشح لجائزة أفضل ممثلة عربية لعام 2015، وذلك حفاظاً على مصداقية كل الأطراف كوني الوجه الإعلامي للراعي الأساسي في الحفل.

وقد إحترم القيمون على الجائزة هذا القرار وتلك المصداقية وأعلنوا تكريمي عن مسيرتي الفنية رداً على هذا الانسحاب لأن التصويت على اختياري كان الأعلى حسبما قالوا.

إذاً، قررت الانسحاب مع تأكيدي حضور الحفل، وكان القرار صائباً جداً ويتضمن إحتراماً كبيراً للجميع، والاحترام هو الأساس في العلاقة وأنا أعتبر نفسي كأنني حصلت على الجائزة.

لكنني في الحفل كُرمت تقديراً لعطائي ومسيرتي الفنية، وعلى الناس التفريق بين الجوائز والتكريم، لأنني انسحبت من جائزة أفضل ممثلة رغم وصولي لمرحلة متقدمة.