لا يختلف اثنان على ابداع الموسيقار ملحم بركات خلال مسيرته الفنية أداء ولحناً واحياناً توزيعاً. فقد حفل تاريخه بالعديد من الأعمال الفنية التي شكلت مدرسة في المكتبة الموسيقية الحديثة. ملحم بركات واحد من زمن العمالقة وآخر عناقيد الفن الجميل الملتزم والمحترم.
ومما لا شك فيه أن الموسيقار يشكل مادة دسمة للإعلام، فهو يهوى إثارة البلبلة الإعلامية والإثارة التي تستقطب المشاهد والقارئ على حد سواء. فقد حل الموسيقار اخيراً ضيفاً على برنامج "الشريان" الذي يقدمه الإعلامي داوود الشريان وانزلق الموسيقار كعادته إلى تصريح لا يحمد عقباه.
فالموسيقار يعتبر واحداً من الشخصيات العامة التي تؤثر في المشاهد إلى حد كبير نظراً إلى تاريخه الموسيقي ما يجعل كلامه على محمل الجد والمسؤولية.
الهفوة هذه المرة وهي بمثابة غلطة الشاطر أن الموسيقار اعتبر أن الفلكلور الغنائي اللبناني من أصل فلسطيني وهذه غلطة لا تغتفر جاءت على لسان الموسيقار. هذا الخطأ الكبير الذي وقع في شركه بركات حفّزنا على وضعه تحت المجهر لعلّ وعسى الموسيقار في المرة المقبلة أن يتجنب الحديث في أمور يجهلها. فالموسيقار حفظ شيئاً وغابت عنه اشياء من جملتها أن الفلكلور اللبناني ليس من أصل فلسطيني وهذا ما يؤكده المؤرخون والخبراء والكتاب والباحثون في تاريخ الموسيقى.
وكان حري بملحم قبل الإجابة على سؤال الشريان أن يفكر مرتين أو أن يمتنع عن الإجابة نظراً إلى هشاشة معلوماته عن الفلكور أو أن يطلع على الأسئلة قبل الحلقة ليعدها بشكل يضمن حضوره بدون أي انزلاقات تذكر.
وهنا كي لا نسترسل في الرد على الموسيقار قررنا رعم تيقننا بالاجابة مسبقاً أن نسأل أصحاب الإختصاص. فجاء الرد على الشكل الآتي:
المؤرخ الموسيقي فيكتور سحاب وفي معرض رده على ما قاله الموسيقار بأن الفلكلور اللبناني اصله فلسطيني قال: "تاريخيا زكي ناصيف والاب اللويس الحاج اعتبرا أن الفلكور اللبناني مستوحى من الموسيقى السريانية ومصدر الموسيقى السريانية من بلاد الشام التي تشمل لبنان، سوريا، الأردن والقليل من العراق". أضاف بأن أغنية الدلعونا موجودة في كل بلد، ويختلف لحنها من منطقة إلى أخرى وكذلك الأمر بالنسبة إلى الميجانا".
أما الكاتب السياسي أنطوان قسطنطين فقال: الفلكلور أو ما يسمى بالتراث الشعبي يرتبط بكل منطقة وثمة بعض القواسم المشتركة بين المنطقة الممتدة من سوريا إلى لبنان وفلسطين من حيث الفلكلور . فالعتابا موجودة في لبنان وشمال سوريا وفلسطين... ما في شي أصله من هونيك... الفلكلور ليس له أصل جغرافي او عرقي، فقد وصلتنا موسيقى من العراق ومن السريان ومن الإسلام... فما من أحد بإمكانه أن يقول إن الحمص بالطحينة من ابتكاره بحكم وجوده في فلسطين وسوريا والامر نفسه بالنسبة إلى الشعر والموسيقى". اضاف قسطنطين أن الكبير الراحل زكي ناصيف يخبرنا أن الدبكة ولدت من العمل الذي كان يمارسه أجدادنا على السطوح حينما كانوا يدبكون أمام المحدلة لرص طين السطح كي لا تتسرب مياه الشتاء إلى داخل المنازل.
في الختام نضع هذه المعلومات برسم الموسيقار ليس من باب المزايدة عليه، بل لتصويب الحقيقة التي يجب ألا يجهلها وهو الأستاذ والمعلم في الموسيقى والألحان التي لا تتقيد بجغرافيا ولا بعرق ولا بلون ولا برسم.