ممثل وكاتب لبناني يختار أعماله بدقة وعناية ، ويجعلنا نترقبها بشغف كبير .

في وقت لا زال يحصد أصداء نجاح مسرحية "بنت الجبل" ، ها هو اليوم يحصد نجاح مسلسل "مش أنا".

إنه هو ، بديع أبو شقرا ، المحترف والراقي ، والذي يحل ضيفاً على صفحات "الفن" في هذا الحوار .

تطل اليوم في بطولة مسلسل "مش أنا" الى جانب كارين رزق الله ، كيف راهنت على أن ينال المسلسل أعلى رايتنغ هل تيمناً بـمسلسل "قلبي دق"؟

بالدرجة الأولى المفتاح هو كارين لأنها تناضل وحدها بالكتابة وهي تجرب أن يكون في كتاباتها تشويق وأن تقترب من الواقع أكثر فأكثر لأنك تعرفين أن هناك غربة بين الواقع والدراما، فأشعر بأنها كانت تحاول التقرب من الواقع وكنا نحاول أن نكون طبيعيين.

لم نجد الكثير من الكوميديا لكننا وجدنا دراما وقصة محبوكة بشكل جيد.

لأن مفهوم الكوميديا عندنا مختلف قليلاً عن المفهوم الذي أعرفه، الكوميديا بالنسبة لي هي حس الفكاهة بالـ"sitcom" حين تشاهدين sitcom لا تضحكين كثيراً لكن تشعرين بحس الفكاهة يدخل إلى القلب لأنها تمر ضمن الدراما والمشاكل، لأن أبشع شيء عندما يضحك الإنسان على مأساته وهو أكثر ما يضحك، نحن كنا نضحك على مسرحيات زياد الرحباني بقدر ما فيها من مأساة "بتوجع".

على قدر ما أنت وسيم ونحبك لا نشعر بأنك فعلاً هذا الإنسان الشرير الذي يريد الإنتقام؟

لأن هناك مفهوماً خاطئاً في التمثيل لبعض الأمور وهو أن الشرير هو الذي يضحك مثل الساحرة والكوميدي هو الذي يهرج، لا ليست القصة هكذا، الشرير يمكن أن يكون شخصاً جيداً بشكله وتصرفاته وحركاته ولائقاً، لكنه شرير لأن لديه مشكلة تجعله هكذا، لا تستطيعين أن تقولي إن هذا الشخص شرير بشكل عام، هناك إنسان تكون لديه مشكلة أو عقدة تجعله يتصرف بطريقة معينة تكون بشعة لكن في الحقيقة ليس كله بشعاً، الإنسان ممكن أن يكون جيداً لأنه إنسان وجربت ألا أتبع stereo type أي من تبكي على شيء يجب أن تبكي وتصرخ، لا ليست الأمور هكذا لأنها قد تجمد وتكون ملامحها جامدة، بالمبدأ ما يفاجئني أو يلفتني كيف خطر ببال الممثل أن تكون ردة فعله بطريقة معينة، كل الناس يتوقعون ردة فعل متوقعة لكننا نريد أن نقوم بردة فعل غير متوقعة بطريقة سلسة لأن هذا تلفزيون لكل الناس، ودرسنا هذا الأمر وعملنا عليه وجربنا أن نقدمه للصناعة الدرامية.

شاركت بمسرحية غنائية وهي "بنت الجبل" والدور لا يستطيع أن يؤديه أنطوان كرباج لأنه تقدم في السن، هل تأثرت بدوره بالمسرحية؟

أنا لم أشاهد المسرحية قبل أن أقوم بالتمارين، أنا أذكر ما تابعته فيها حين كنت صغيراً حتى أجرب أن أقدم رؤيتي الخاصة، لأجرب ماذا أفعل بالشخصية لأن الأزمنة تختلف وطريقة استيعاب الناس للأمور وأذواقهم تختلف. لكن هناك قاعدة وهي الدراسة الأكاديمية التقنية للشخصية لا يستطيع أن يحيد عنها أحد.

من أي معهد أنت متخرج ؟

من الجامعة اللبنانية إخراج وتمثيل وكانت الشهادة اسمها ديبلوم دراسات عليا في الإخراج والتمثيل.

أنت عملت على التقنيات الأكاديمية لتقدم الشخصية.

ارتكزت على القاعدة الأساسية وانتقلت منها.

ألم تشاهد القصة الأساسية "ماي فير ليدي" وتركز عليها ؟

بلى شاهدتها من قبل فهي قصة إنسانية تنطبق على الأمور كلها وعملنا هو أن ندخل ثقافتنا وحضارتنا عليها لتصبح مناسبة.

ألم تجرب أن تغني؟

غنيت ديو أنا وألين وهو من المفروض أن يغنيه أستاذ الابجدية.

هل وجدت نفسك بالمسرح الغنائي؟

أنا ممثل، أجد نفسي في كل مكان أحبه.

كمخرج مسرح غنائي يكون هناك توجيه مختلف للممثل .

طبعاً مختلف لأن ما ركزت عليه جربت أن أسرقه من روميو لحود وهو يعرف بسبب خبرته الطويلة كيف يتفاعل الناس مع كل شيء ، أنا أقوم بدوري على المسرح ولا أعرف كيف يتفاعل الناس وليست لدي الخبرة الكافية لأعرف.

غير التعبير الجسدي..

هذه أمور تقنية يحددها بحسب رؤيته وكيف يرى التوازن على المسرح ، أنا مثلت مع مهرجانات قرطاج، المهرجان الملكي الأردني، مسرح تونس، بفرنسا مع جاك مارون، عملت في عشر مسرحيات.

عملت في مسرحية غنائية في الماضي، كنت في أول سنة بالجامعة على صعيد نواة الجبل قدمت مسرحية غنائية لكنها قديمة وهي أول مسرحية غنائية لي وكنت فرحاً بأن المسرحية لم يتغير بها شيء لأن هذه المسرحية تعتمد على ذاكرة وحنين الناس ، وهذا أمر أساسي ، لعبنا عليها فتغيرت أمور تقنية لكن المسرحية بقيت كما هي وهذا الأمر شجعني أكثر.

كيف وجدت نفسك مع ألين ؟

ألين صديقتي وأنا أعرفها منذ زمن، لهذا فإن العمل معها مريح، وألين في هذه المسرحية بالذات كان لديها شغف إذ كانت تتعب كثيراً وتأتي باكراً وتذهب متأخرة وهذا يعطيني حماساً أكثر.

هذه المسلسلات والمسرحيات، هل جعلتك تعدل عن رأيك بالهجرة، مع كل ما نمر به لأنك سابقاً قلت لي إني أريد أن أهاجر ولا أود أن أعود إلى لبنان ؟

تخطر الهجرة دائماً ببالي و"أنا عارف انو آخرتي هون"، العملية خطرة لسبب واحد لأن القرار ليس قراري الشخصي لا أستطيع أن آخذ القرار وحدي لأن معي شريكة ولدي أولاد فالقرار يكون مشتركاً ولا أقول "يلا قوموا نفل، ما في منا عنا انو الرجال بيقرر وبتلحقو العيلة" هناك قرار بالمناصفة ويفكر كل واحد منا بحسب الظروف.

"مش أنا" حقق رايتنغ 20 لم يحققه أي مسلسل ، هل يخيفك هذا الأمر أم يطمئنك أم يشعرك بالغرور؟

لا بالطبع يطمئن ولو كنت سأشعر بالغرور كنت شعرت به من قبل، لكن لا، يحمسني كثيراً لأننا عندما جلسنا قبل المسلسل وكنا نتباحث بالأمور ونتحدث بالشخصيات والقصة كان الذي تحدثنا به وتناقشنا حوله صحيحاً وكانت هواجسنا صحيحة، لأنه عندما يحصل أمر يبرهن لك أنك نجحت بأمر معين أو استطعت أن توصلي اللازم، كنت أفكر وأعمل بطريقة صحيحة لذا يجب أن أكمل بهذا الأمر، هذا ما يشجعني ، ووجهة نظر كارين العفوية بطريقة الكتابة والتحضير للعمل لم أكن معتاداً عليها فهي كأنها بشكل غير مباشر لفتت نظري إلى أمور كنت أشعر بها لكن لم يكن لدي جواب واضح عليها ، وهي بخبرتها التي اكتسبتها مؤخراً استطاعت أن تفهم الأمور ووجدت الخيوط الصحيحة وهذا أمر مشجع جداً.

ماذا تتابع من مسلسلات رمضانية لزملائك؟

ليس لدي الوقت لأنني أنهيت التصوير مؤخراً، تابعت فقط حلقة من "وين كنتي" لأن هذا المسلسل يهمني بالشخصيات الموجودة فيه وبالمخرج ولأنه لبناني يهمني لذلك تابعته، وودت أن أتابع ماذا تفعل ريتا حايك.

هل لاحظت كم أن الناس متعطشون للدراما اللبنانية ولم يعد يهمهم الخليط، يهمهم الدراما اللبنانية والقصة الجيدة والممثل الجيد، لانهم يحققون أعلى رايتنغ .

ليس عندنا فقط في العالم العربي هناك نكهة مختلفة للبناني ليس إنتقاصاً من النكهات الأخرى، لكن يجب أن يكون للناس نكهات متعددة ، وأود أن أقول أمراً مهماً هو أنه يا جماعة، لدينا المقومات ومتطلبات الدراما موجودة كلها.

هم يقولون إن تطعيم الدراما يحقق إنتشاراً أكبر .

التطعيم من أجل الانتشار ليس خطأ وهناك الكثير، لكن الأساس عندما انتشر السوريون انتشروا من بيئتهم من حضارتهم من ثقافتهم، وعندما انتشر المصريون انتشروا بنفس الطريقة، وعندما انتشر الفرنسيون بأفلامهم انتشروا بنفس الطريقة أيضاً، نحن ليس لدينا سوى أن نعود لنعتمد على واقعنا 100% ونتصل بحضارتنا وعلى ثقافتنا وعلى واقعنا من هنا ونعود لننتشر من الأساس، من هنا يحصل الانتشار الأساسي ، التطعيم امر اضافي وجميل وليس اساسياً في الانتشار.

هناك صحافي إنتقد الممثلين يوسف وورد الخال وطوني عيسى لأنهم يمثلون في مسلسل "خاتون" الذي يُظهر الإنتداب الفرنسي على أنه قام بجرائم ، هل يُلام الممثل على إختياراته أم القصة هل من الضروري أن تكون وثائقية؟

لا يلام الممثل أبداً، الله يعطيهم العافية فهم يقومون بواجبهم على أكمل وجه، فإذا جسّد أحدهم قصة هتلر هل يصبح هتلر؟ هذه قصة يخترعونها من أجل 6 ب 6 مكرر إذا تحدثنا عن هذا الموضوع يجب أن نتحدث عن ذلك؟ على العكس.

ما رأيك بـ يوسف الخال وطوني عيسى؟

هذان ممثلان قويان بغض النظر إذا قلت أنا هذا أو أحد غيري فهذان نجمان، أنا في بعض الأحيان أقول أنا عملت عملاً أندم عليه وأقول "ما زبطت معي خاب ظني" طبيعي هذا يحصل مع كل الناس ولا يستطيع أن يقوم الممثل بكل الأمور بشكل جيد، في بعض الأحيان يكون هناك عمل موفق فيه أكثر من عمل آخر ، بعض المرات هناك كاراكتير ينجح أكثر من غيره فهو ممثل وليس آلة، وحين يُنتقد الممثل ليس على أدائه ولكن على رؤيته للشخصية، تستطيعين أن تنتقديني انه لم يعجبك دوري ولا تستطيعين ان تقولي لم يعجبني تمثيلك ، تستطيعين أن تنتقدي طريقة رؤيتي لتأدية هذا الدور إذا لم تكن مناسبة ، يجب أن نفهم كلنا، فحين يصبح الشخص ممثلاً يعني أنه أصبح ممثلاً، لا أستطيع أن أكون ممثلاً ماهراً أو لا، بل طريقة رؤيتي قد تكون خاطئة أو صحيحة وهذا أمر طبيعي جداً لأن التمثيل تجرية ولا أحد يضمن النتيجة.

ما هي أعمالك المستقبلية؟

لدي فيلم "يلا عقبالكن شباب" إنتهينا من تصويره وسيعرض في كانون الأول ، كتابة نيبال عرقجي إخراج شادي حنا ، ولدينا مجموعة كبيرة من الممثلين إضافة إلى طلال الجردي ، فؤاد يمين ، نضال عرقجي ، ندى أبو فرحات ، ريم حمزة ، مي سحاب ودوري السمراني ، هناك مجموعة كبيرة لأن الفيلم لا يعتمد على بطل واحد بل على أبطال، وفيه حس الفكاهة لكنه لا يضحك بالمعنى الكوميدي للكلمة أي التهريج، نفس المبدأ الكوميدي الذي ينتشر بالبلد ليتغير المبدأ الكوميدي عندنا، كما ستعرض مسرحية فينوس في باريس ، وسأتابع في المسرح في 20 أيلول/سبتمبر.

هل نلت جائزة تقديرية؟

لا ، لم أنل أية جائزة.

ما رأيك بهذا مع أنك تمثل .

ليس مطلوباً أن أحصل على جائزة، الجائزة بالنسبة لي هي أعداد الناس التي جاءت لتتابعنا.