نجحت إذاعة "جرس سكوب" في أن تطرح نفسها رقماً صعباً في الإعلام المسموع في لبنان، وإستطاعت أن تسحب البساط من تحت إذاعات إحتكرت نسبة المستمعين لسنوات طويلة ، ها هي جرس سكوب اليوم تنقل المجال الإذاعي إلى نوعٍ جديد من المادة الإعلامية، التي تطرح الجديد في الشكل والمضمون. "بوسطة جرس سكوب" ، لأن للبوسطة في قاموسنا اللبناني أسوأ المعاني، وأكثرها آلاماً وقهراً، إستطاعت "ماري جو مكرزل" و "مادلين زيتوني" أن تحوّلا بوسطة "القتل" إلى بوسطة "النقل"، نقل الركاب من منطقة إلى آخرى ونقل المنطقة عبر هواء جرس سكوب، فكان لموقع الفن مع كل من ماري جو ومادلين هذا الحوار .
ماري جو مكرزل
مبروك "النقلة" من صوت الغد والتي كنت أنتِ من مؤسسيها إلى الجرس، هل النقلة أمر سهل؟
دائماً "النقلة صعبة"، لكن عندما حضرت للمرة الأولى في "جرس سكوب" أشعرني جميع الزملاء بأنني جزء من الإذاعة ولست بعنصر جديد، الجميع إحتضنني هنا ليشعروني بأنني في "بيتي الثاني"، فإستطعت أن أقدّم البرنامج بتناغم كبير مع الجميع.
منذ لحظةِ دخولي الأولى لم أشعر بأيّ فارق، بخاصة من ناحية الجو، لأنني أحسست وكأنني أعرف الجميع من قبل وهم أخوةٌ لي.
لمن لا يعرف، "ماري جو" حائزة ماجستير من جامعة السوربون في فرنسا في علم الترجمة، كما أنها تتحدث أربع لغاتٍ من ضمنها الإسبانية، بالإضافة إلى كمّ ثقافة كبير. هل إستطاعت جرس سكوب، وعلى عكس صوت الغد من الإستفادة من هذه المقومات ودعمها فيك؟
مما لا شكّ فيه، إستطاعت إذاعة جرس سكوب إعطائي هامش حريّة وسلطة، وبأن تخرج مني كل المقومات التي ذكرتها والتي أنت على علمٍ بها بحكم الزمالة التي جمعتنا في صوت الغد. لكن الأخيرة هي التي أسستني. وكما ودّعت المستمعين على صوت الغد أعود وأُكرر، أنا خرجت من "بيت أهلي" إلى "بيتي الزوجي" لذا خرجت إلى نضجٍ أكبر وطموحٍ أكثر. ففي بيت الزوج، يبرز الشخص قدراته ومواهبه أكثر مما إستطاع فعله في "بيت أهله". وعلى ما أعتقد، فإنني سأتمكّن من تحقيق الكثير هنا في "جرس سكوب".
هل أنتِ اليوم في منافسة مع أحد؟
لا، أبداً لم أفكّر يوماً بالمنافسة. فالشخص المحبوب من قبل الناس ليس بحاجة أبداً إلى أن ينافس أحداً. فأنا لا أحاول أن أتباهى بمستواي العلمي والثقافي على الهواء، وأقول للناس "هاي أنا هون". على كل إنسان أن يعرف حجمه، قيمته وقدر محبة الناس له والأهم هو أن يعرف مكانته. على المذيع أن يبقى على طبيعتهِ وألا ينسى أنه من الشعب ويبتعد عن وعظهم. خبراتي كلها كل ما وصلت إليه كان بفضل صوت الغد، أخذت منها الكثير من الحبوالحنين، وتسلّحت وكبّرت أجنحتي لأنطلق إلى جرس سكوب، وها أنا أعطيهم ما تعلمت كما وأنني أتعلّم منهم الكثير.
أخبرينا عن تجربتك مع "مادلين" وإلى أيّ حد هناك تجانس بينكما؟
لكل واحدةٍ منا شخصيتها، لا تحاول أية واحدة منا أن تتعدى على شخصية الأخرى، لا بل أن التفاهم بيننا خُلق على الهواء، ونحن أوجدنا فكرة الديو "النسائي" الجديد الذي يطبّق لأول مرة ضمن برنامج صباحي. إنتهى عصر المذيع الأحادي "خلص"، انتهى عصر المذيع الذي يتحدث عبر المايكروفون بمفرده ، الناس لم تعد تستمع لمذيع يعطي رأيه الأحادي. فهناك مواضيع، تكون أراؤنا فيها أنا ومادلين مختلفة تماماً، فنطرح للرأي العام وجهتي نظر، وهذا ما يميّز برنامجنا.
نريد أن نعرف كيف إبتكرتم فكرة "البوسطة" من هو المبتكر وكيف تطوّرت؟
الفكرة أتت وليدة فريق عمل متكامل، ونتيجة إجتماعات طويلة بين الجميع. أردنا أن نُقدّم مادة جديدة فكان طرح فكرة البوسطة المتنقّلة بين المناطق اللبنانيّة. أردنا أن نتواجد في جميع المناطق والتي البعض منها منسيّ، أردنا أن نستمع إلى الناس وأن نحاول أن نجد لهم الحلول لمشاكلهم أيضاً. و نحن أول إذاعة تتواجد مع الناس في كافة المناطق وتحاول أن تجد الحل لمشاكلهم مهما إختلفت.
ما هي رمزية البوسطة؟
للبوسطة رمزيتان، الأولى هي وسيلة النقل التي تقرّبنا من الناس، فتجعلنا وسيلة إعلامية قريبة منهم بالمعنى المادي والمعنوي، كذلك فهي كانت تجسّد في الماضي "شرارة الحرب الأهلية" التي شرزمت المناطق، وهنا نحن نعود ونستخدم البوسطة لربط المناطق اللبنانية بعضها ببعض وكسر الحواجز الوهميّة.
هل بعد أن أصبحتِ مذيعة صباحية في جرس سكوب، أصبح لديكِ أعداء؟
أنت تعرفني جيداً، راقية وأترفّع بصمت عن كل عدائية ضدي، وعن كل شخصٍ يعتبر نفسهُ عدواً غير منظور لي. "يلي بيكرهوني ويلي بيحبوني، بينن وبين نفسن بحبّوني .
مادلين زيتوني
كم تغيّر عليكِ الجو في الإذاعة بعد هذه التغييرات؟
التغيير واضح، فمن قبل كنت شريكة لرجل على الهواء وهو "ألان جيداي" أما الآن فهي إمرأة، كان لـ"الان" أسلوب و طريقة معيّنة في الإذاعة. لكنني أتعلّم من كل شخص أموراً جديدة. الأشخاص تغيّروا لكن الأجواء لم تختلف، أنا أتأقلم دائماً مع كل جديد بهدف تقديم الأفضل للمستمع. لم نعد بعصر المذيع الذي يلقي على المايكرفون فقرته ويرحل. نحن بعصر التجدد المستمر يجب التغيير بين الحين والآخر لإبعاد المستمع عن الملل.
إلى أيٍّ حدٍ تتحمسين عند كل تغيير في الإذاعة؟
التغيير تحدٍ بالنسبة إليّ، التعامل مع أشخاصٍ جدُد ليس بالأمر السهل على الإطلاق. خصوصاً مع أصحاب الخبرات الكبيرة مثل "ماري-جو" ، إنتابني الخوف في البداية، من فكرة "أنا الأولى" أنا "الأقدم" أنا "يلي بقرر"، أيّ من تمتلك عقدة "المذيعة"، هذا العصر قد إنتهى. فإنتابني الخوف في البداية، لكن اليوم أنا مرتاحة جداً بالتعامل معها فهي تواكب العصرنة في الإعلام المسموع.
عندما وصفت إذاعتكم بأنها "هزّت عروش" من يأكلون من فتات أمجاد الماضي، تبيّن أن ما قلته صحيحاً بسبب ردة الفعل عليّ. هل تشعرين فعلاً بأنكم هززيتم عروشهم، هم من تربّعوا على عرش البرامج الصباحيّة؟
أكيد لقد هززنا عروشهم، حتى ولو لم يعترفوا هم بهذه الحقيقة، ردات فعلهم أثبتت هذا الأمر، هم اليوم بخطر كبير. الأيام التي مرّوا بها من تبجيل وغيره قد ولت إلى غير رجعة. أمجادهم إنتهت، نحن في عصرٍ يجب أن تكون فيه بين الناس ومعهم. البرامج اليوم هي للمستمع فهو من يجب أن يكون الملك، وليس المذيع الذي يتحدث عن نفسه وذاته وأفكاره. المستمع هو الخبر والحدث.
هل حصلت على حقك في هذا البرنامج؟
أنا في جرس سكوب، دائماً حاصلة على حقّي، فهي الإذاعة التي فتحت لي الفرصة وكنت من قبل لا أمتلك أيّة خبرات في المجال الإعلامي، صحيح أنا خريجة كلية إعلام، لكن إذاعة جرس سكوب هي من فتحت أمامي أبواب المجال.
ما هو سر نجاحك؟
أنا لا أركض وراء الشهرة، ولا أعتمد الإعلام وسيلة للمعارف والأضواء، ولا أعيش دور "المذيعة"، هذا أبرز ما يميّزني كشخص ناجح في هذا المضمار. أنا أحب هذا العمل وأمتلك رسالة لإيصالها. عالم الفنانين والسهرات عالم وهمي كاذب.
هل تطمحين لبرنامج تلفزيوني؟
المكان الذي أتواجد فيه حالياً يكفيني وأنا راضية. ماذا يمكن أن يفاجئني به القدر في المستقبل لا يمكن أن أتوقّعه من الآن. أترك الأمر للغد.
في النهاية (ماري جو و مادلين)
الشكر الكبير للإعلامية هلا المر التي تدعمنا، شكراً لك، وشكراً لكما لأنكما تنتميان إلى صحافة نادرة تدعم مواهب الوسائل الإعلامية الأخرى من دون مقابل .