بيروت... ست الدنيا، منارة الشعوب، وقبلة أنظار العالم... أما "رواية بيروت" فهي حلم الأمس واليوم والغد الذي أضحى واقعاً تجسّد بعمل فني سمعي- بصري ذي إمكانيات وتقنيات عالمية، وشكّل شعلة الانطلاق للدورة الأولى من مهرجانات بيروت الثقافية.
وكانت مهرجانات بيروت الثقافية قد انطلقت أمس مع العرض الأول لـ"رواية بيروت"، وذلك خلال حفل ضخم جمع حشداً من الوجوه السياسية والإعلامية والفنية داخل القبّة العملاقة التي اتخذت من الواجهة البحرية للعاصمة اللبنانية مركزاً لها. وقد جاء العرض بمثابة ذاكرة تأريخية لأهم الأحداث التي عاشتها هذه المدينة العريقة وتذوّقت خلالها طعم السلام والازدهار والعمران والحضارة، كما تجرّعت مرارة الحرب والعدوان والدمار والخيانة.
العرض، الذي استمرّ على مدى ساعة من الوقت، أقيم داخل قبة دائرية عملاقة بمساحة 3600 متر مربع تمّ شحنها من الولايات المتحدة الأميركية، وتشكّل من جهتها الداخلية شاشة بنطاق 360 درجة بانورامية لعرض المؤثرات البصرية، ويعود الفضل في فكرة استخدامها إلى شركة Backstage Production التي تتولى عملية التنظيم. ويتضمّن العرض، الذي يرافقه تعليقاً صوت الفنان المبدع جوزيف بو نصار، سيلاً من المحطات الهامة في تاريخ بيروت منذ عهد الفينيقيين مروراً بالعثمانيين والانتداب الفرنسي بما يتضمّن من ثورة ضد الاستعمار وانتهاءً بالاستقلال، لتحلّ من بعدها لعنة الحرب بما خلّفته وراءها من دمار، وصولاً إلى مرحلة إعادة البناء والحياة والأمل... كل ذلك وغيره ضمن بوتقة إبداعية من الموسيقى والمؤثرات البصرية في وقت واحد. وقد اختتم العرض الأول بأغنية خاصة بعنوان "أجيال" وهي من كلمات جاد الرحباني، ولحن وتوزيع المؤلف الموسيقي غي مانوكيان الذي أبدع بتقديم عمل أقل ما يقال عنه إنه هوليوودي.
وبُعيد انتهاء العرض، ووسط أجواء الانبهار والفخر في آن، إلتقى موقع "الفن" عدداً من الشخصيات الهامة، وكان في طليعتها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي عبّر عن سعادته بالقول: "شاهدنا الليلة الصورة الأجمل عن بيروت بإذن الله... بيروت تستحق أن تبقى محتفظة بجمالها وألقها وأن يعمد كل من ينوي تصويرها إلى إبراز عناصر الجمال فيها. ما رأيناه الليلة هو تعبير عن كل ما يتمناه أبناء بيروت وأبناء هذا الوطن الغالي لهذه الجوهرة المسمّاة بيروت". وأضاف: "أقول للمى وفريق العمل الكبير: (يعطيكم العافية) على هذا المجهود الكبير والعمل المميز الذي فاجأني كما فاجأ الجميع... أتمنى لهم التوفيق وأن (يبيضوا) وجه بيروت دوماً".
أما رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة فأشاد بالعرض قائلاً: "بالفعل عرض (بيكبّر القلب)... هذه هي بيروت التي يتمسك أهلها بالحياة، وقد أعادنا العرض إلى الدور الحقيقي الذي لعبه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في إعمار بيروت، وإلى شعور أهل بيروت بالفخر في عودة الحياة إلى مدينتهم التي دمّرت على مدى عشرات السنين".
بدورها، نوّهت رئيسة لجنة مهرجانات بيروت الثقافية لمى سلام بجهود فريق العمل وبالنتيجة الرائعة التي توّجت العرض الأول، وقالت: "لقد أبدعوا وقاموا بعمل رائع جداً أبرز بشكل واضح مدى مقدرة الشباب اللبناني على تقديم أعمال مبهرة وما علينا سوى إفساح المجال أمامهم ومنحهم الثقة. سقفنا عالٍ جداً وأتمنى الأفضل دوماً". بينما اكتفت السيدة منى الياس الهراوي بالقول: (شي بيطيّر العقل... ما بقى يصير أحلى).
وزير الإتصالات بطرس حرب بادرنا بالقول :"إنه عمل فني رائع ووطني بإمتياز، يعمل على إحياء الذاكرة وبث الأمل في إعادة لبنان أجمل مما كان". ومن ثم أثنت رئيسة مهرجانات "ليالي أرز تنورين" مارلين بطرس حرب على الانطلاقة القوية لمهرجانات بيروت الثقافية وأكدت أن لا منافسة بين المهرجانين وأن السيدة سلام بمثابة شقيقة لها وإن اعتبرت أن المنافسة تشكل حافزاً وتمنح قوة أكبر لتقديم الأفضل.
أما عضو اللجنة المنظمة وعضو جمعية مهرجانات بيروت الثقافية وضاح الصادق فقال: "ثمة مجموعة من اللبنانيين أثبتت أن بإمكاننا تقديم عمل بمستوى عالمي. وبشهادة الجميع، فإن ما تمّ تقديمه لم يسبق لأحد مشاهدته لا في لبنان ولا في الخارج ويظهر إمكانيات بيروت الضخمة. وبوجود هذه الجمعية، وعلى رأسها السيدة الرائعة لمى سلام، قررنا أن نثبت للجميع أن بإمكان اللبنانيين تحقيق المعجزات، كما أن هذا العمل تطلّب مجهوداً على مدى أكثر من عام لكن ما أسعدنا هو التعليقات الإيجابية التي تردد صداها في أسماعنا ومنها أن هذا العمل أفضل مما يقدّم في لاس فيغاس وأنه يجب تقديمه على مدى عام كامل".
وكان الختام مسكاً مع نجم الحفل ببساطة ألا وهو المؤلف الموسيقي غي مانوكيان الذي لفت إلى أن التحضير بدأ منذ أكثر من عام تقريباً لتقديم عمل عالمي وذلك بهدف إبراز عنصر الكفاءة والتميّز لدى اللبنانيين. وأضاف: "لدينا كفاءات عالية وشبابنا أذكياء وبلدنا من أجمل البلاد لكننا للأسف لا نثق بمقدرتنا... الحمدلله هذه المرة النتيجة فاقت التوقعات. أشكر جميع من شاركنا في هذا العرض، خاصة المايسترو إيلي العليا وإميل عضيمي الذي أبدع بالعرض البصري إلى جانب فريق عمل ضخم من لبنان والخارج. وهنا لا بد من التنويه بأن الإيجابية التي تتمتع بها السيدة لمى سلام والحماسة التي لديها من النوع المعدي، الأمر الذي منحنا دفعاً كبيراً". وختم قائلاً: "سنقدم العرض مرتين بعد للأسف لأنه يستحق أن يستمرّ على مدى شهر كامل نظراً لضخامة العمل وآلاف الساعات التي أهدرت لتقديمه. لقد بيعت البطاقات بأكملها، وبالتالي سيشاهد العرض 5000 شخصاً خلال الأيام الثلاثة، ولي الفخر بالقول إن هذا العرض من المستحيل الوصول إلى متابعته عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالطريقة نفسها التي تشاهدينه فيها بداخل القبة فهو مختلف جداً ولا يشبه أي عمل آخر".
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغط هنا .