صحيح أن الراديو هو ثاني أقدم وسيلة إعلامية في الوجود، إنما يحمل في هوائه نكهة خاصة، لأنه يخاطب السمع والفكر والروح. هناك من يعتقد أن عصر الإعلام المسموع قد إنتهى، بعد القفزة المهولة التي حققتها السلطة الرابعة مع الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، لكن بدعم من هذه الوسائل، نجح الراديو بأن يستعيد له مكانة بين وسائل الإعلام.
يوم أمس الجمعة 22 نيسان، شهد على "عصرنة" جديدة ونفحة شبابية بجرعة كبيرة، أضيفت على سجل الإعلام المسموع في لبنان، وهي عبر برنامج صباحي جديد أطلقته إذاعة "جرس سكوب"، بفكرة مبتكرة خارجة عن رتابة الإستديوهات، وملل الكلام المنمّق الملحّن بإثارة الصوت. الفكرة هي عبارة عن بوسطة متنقلة بين المناطق اللبنانية، تحمل معها كلاً من "مادلين زيتوني"، "ماري جو مكرزل" و "جوني الصدّيق"، يقوم كل واحد منهم بالتفاعل مع المواطنين في كافة المواضيع، الإجتماعية، الأمنية، السياسية، التربوية ... بجو من المرح والتفاؤل، نقلوا إلى اللبنانيين عبر هواء الإذاعة، عناصر دعم معنوي كبيرة. إنهالت عليهم الإتصالات من كل حدب وصوب، شاركهم الجميع لحظات زحمة السير بفرح، وهو أمر يحصل للمرة الأولى في لبنان.
تمكّن كل من ماري-جو، مادلين و جوني من التواصل مع الناس بطريقة محترفة جداً، ولم يستثنوا أحداً في المناطق المختلفة من الحازمية، إلى الدورة، جونية، نهر الموت وبعبدا. تنقّلوا في البوسطة وخلقوا جواً من السعادة المتواصلة على الهواء، كل ذلك مترافق مع إخراج إذاعي ذكي جداً في إختيار الأغاني. كان للبصارة حصة، كذلك للدركي، والأم المتبضعة، الموظف المتجه مسرعاً إلى عمله، الطالب الهارب من مدرسته... لكل مار على الطريق حكاية، سردها بعفوية على هواء جرس سكوب. فكرة البرنامج خلاّقة، وتنفيذها حرفيّ بإمتياز.
لقد أعادت "جرس سكوب" الأمل بإعلام متجدد، ينفض عنه غبار التملّق والتزلّف على هواء، يتوقّع لبرنامج الجرس أن يحصد المراتب الأولى للبرامج الصباحية، طالما أن هناك إذاعات لا تزال تعيش على فتات أمجاد التسعينات، تكرر ذاتها وتمدح نفسها فقط، لا تتواصل مع الناس إلا مع حاملي فراشي التبييض والتبخير.
إنجاز كبير لـ"جرس سكوب"، على أمل أن يبقى جرس الإذاعة يصدح بصوته دائماً.