نقف اليوم بتهيب أمام النجاح الذي حقّقه الاعلامي مالك مكتبي طيلة هذه السنوات ضمن برنامجه الاجتماعي "احمر بالخط العريض". إنه محطة تستدعي التقدير على جهود فريق عمل كامل متكامل أبى أن يرضى إلا بالكثير ليس على حساب الضحية إنما على حساب المضمون المتقن بأداء محترف لاعلامي أقل ما يقال فيه إنه باحث اجتماعي محترف من الطراز الرفيع.
لم يعد برنامج "احمر بالخط العريض" مجرد برنامج اجتماعي عابر للقضايا الاجتماعية التي يعانيها المجتمع اللبناني والعربي على حد سواء، إنما أصبح نقطة تحول في نظر المشاهد وثقافته. فمالك مفاتيح النجاح لم يقف يوماً أمام الاستعراض الباهت لحالات متفشية في المجتمع على حساب السبق الاعلامي، بل تخطاها إلى المضمون الذي يستعرض المعضلة من خلال حالات يطعّمها بالأراء المتخصصة في علم النفس.
هذا البرنامج بالتحديد لم يكن يوماً في منأى عن النقد الحاقد من بعض السفهاء مع احترامنا الشديد لحرية الرأي والتعبير. فالبعض ينتقد الحالات التي يستقبلها مالك والتي تعتبر مستفزة إلى حد كبير للمشاهد، فيردد عبارة: "شو هالمستوى ويا عيب الشوم" أو "اي صورة سلبية يعكسها مالك عن المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع اللبناني"... القافلة تطول إنما الحقيقة تكمن في أن مالك تمكن من تعرية المجتمع على حقيقته فأزال "ورقة التوت" بكل احترام ليظهر عورات مجتمع، اختبأ خلف اصبع التابوهات والمحرمات. فما يقدمه مكتبي ضمن برنامجه إنما هو انعكاس جلي لحقيقة المجتمع ولحالات لطالما خشيت المواجهة. جاء هذا البرنامج على مدى سنوات واضعاً الاصبع على نزف اجتماعي لم يحتج يوماً إلى تبهير أو تضخيم أو بهرجة.
ولعلّ أجمل ما في هذا البرنامج التجديد والتنوع في البحث عن حالات فريدة ونادرة تستوجب وتتطلب مجهوداً كبيراً من فريق عمل كبير يعمل بجدية للخروج بهذا القدر من الاحتراف.
وهنا لا بد من توجيه تحية إلى رئيس تحرير البرنامج جورج موسى على جهوده وهو الذي يعتبر الدينامو الفعال في عملية الاعداد.
إن هذا النوع من البرامج الذي لا يبغى الاتجار بمشاكل الناس وأمراضها، يجب تعميمه اليوم في وجه البرامج السطحية التي تحولت إلى منابر لتصفية القلوب المليانة.
وكم بتنا في أمس الحاجة إلى مالك وأمثاله في الاعلام الضائع والفاقد لهوية عظماء جعلوا من الاعلام اللبناني ريساً لا بل رائداً عبر الفضائيات العربية كافة.
وإلى من يقف على عتبة النقد العبثي المستلقي على ضعف في النظر لا يخوله التحديق أبعد من أنفه، نكتفي بدعوته إلى التصالح مع الواقع الذي يحيط به من كل جهة.
ما يفعله مالك مكتبي غاية الصواب فهو يوماً لم يخلق حالة وهمية إنما ذهب إلى البحث داخل مناجم البشر مظهراً معادنهم التي أفسدها الزمن بسبب ظروف معينة، علّها تعود وتبرق من جديد تحت شمس التصالح مع الذات لتقبل الحقيقة مهما كانت مريرة.
اخيراً لا بد من حث مالك إلى المضي قدماً في مواسم جديدة ولا بد من إدارة الـ LBCI أن تساهم في توفير الدعم الكامل للبرنامج الذي يعتبر إضافة راقية للمحطة وللاعلام اللبناني. هنيئا لنا بمالك وهنيئاً لمالك النجاح الذي بات حليفه الاوفى في السراء والضراء.