لأن هامش الفرح في بلادنا العربية يتقلص، رحل اليوم الممثل المصري سيد زيان عن عمر يناهز الـ73 عاماً بعد فترة مرض طويلة أبعدته عن التمثيل في السنوات الأخيرة.
زيان صاحب الروح الفكاهية والصوت القوي، في أدواره الكوميدية إسمه الحقيقي سيد زيان عطية سليمان، وولد عام 1943 حيث ترعرع في حي الزيتون بالقاهرة.
لم يدرس زيان المسرح ولا حتى تخصص بأحد معاهد التمثيل، بل التحق بمعهد الطيران حيث تخصص في هندسة الطائرات ثم عمل بالقوات الجوية في القوات المسلحة المصرية، وبحكم عمله شارك في فرقة المسرح العسكري وهي الفرقة التي قدمت العديد من المسرحيات العالمية والعربية لكبار المؤلفين المصريين والعرب، فاكتشف موهبته، وبرعت شخصيته الكوميدية، فاستقال من عمله في الستينات، وانضم الى فرقة الهواة مع الفنان عبد الغني ناصر الذي أسند إليه أول دور كوميدي في مسرحية "إعلان جواز".
وبعد النجاح الكبير الذي حققته مسرحية "إعلان جواز" لمع نجم سيد زيان فتعرف إليه المخرج نور الدمرداش، وأسند له دوراً بارزاً في مسرحية "حركة واحدة أضيعك".
بعد العروض المميزة التي قدمها في مسرحية "حركة واحدة أضيعك" فتحت له أبواب النجومية على مصرعيها حيث جاءت انطلاقته الحقيقية بعدما رشحه الممثل فؤاد المهندس عام 1969 للمشاركة في مسرحية "سيدتي الجميلة" بطولة المهندس نفسه وشويكار وهما الثنائي الذي اجتاح المسرح في ذلك الوقت.
زيان خرج من مسرحية "سيدتي الجميلة" نجماً مسرحياً كبيراً فانهالت عليه العروض الا أنه قرر التعاقد مع فرقة الفنانين المتحدين في كل أعمالها ليصبح نجم الشركة التي قدم من خلالها المسرحيات التالية:
"بمبه كشر"، "برغوت في العش الذهبي، "زنقة الستات"، "قصة الحي الغربي"، "مأساة جميلة"، "المغفلين الثلاثة"، "زقاق المدق"، "سنة مع الشغل اللذيذ"، "أولاد على بمبه"، "يا حلوة ما تلعبيش بالكبريت"، "زوبا المصري"، "لعبة زواج"، "القشاش"، "مين ما يحبش زوبة"، "باي باي كمبورة"، "العسكري الأخضر" و"الفهلوي".
الى جانب التمثيل المسرحي إشتهر الممثل سيد زيان بالصوت القوي والجميل، فقدم في أعماله العديد من الأغنيات والمواويل و"اللزمات الشعبية" التي يستذكرها الجمهور الى اليوم، لكنه لم يحترف الغناء وبقيت قدراته الصوتية مجرد موهبة يستمتع بها الجمهور الى جانب أدواره الكوميدية، التي كان يخرج فيها عن النص كثيراً ليفاجئ الجمهور ويضحكهم، فانطبعت شخصيته المحورية في ذاكرتهم وأصبح وجوده في أي عمل إضافة كبيرة له.
شهرته الواسعة وروحه الخفيفة جعلتا منه هدفاً لمنتجي الدراما والسينما، فقام بالاشتراك في العديد من المسلسلات التلفزيونية، كما اختطفته السينما ليقدم البطولة المطلقة لأول مرة في أفلام: "دورية نص الليل"، "حظ من السماء" و"كيف تسرق مليونيراً".
من ثم عاد زيان وقدم الأفلام الآتية في السينما: العتبة جزاز، أرملة ليلة الزفاف، مدرسة المشاغبين، شيء من الحب، آنسات وسيدات، بنت اسمها محمود، وأريد حلا، بدون زواج أفضل، وكالة البلح، والمتسول، عفوا أيها القانون، البيه البواب، المزيكاتي والجراج.
اضطر زيان للتوقف عن التمثيل عام 2003 وذلك بعد تعرضه لجلطة في المخ أدت إلى إصابته بالشلل النصفي، وبعد صراع دام 9 سنوات استطاع زيان أن يعود ويمشي على قدميه مرة جديدة، لكن سرعان ما داهمه المرض من جديد وأجبره على دخول المستشفى على نفقة الدولة المصرية التي تكفلت بعلاجه، الى أن غادر عالمنا اليوم تاركاً خلفه أرشيفاً يرسم الضحك على وجوهنا كلما أردنا الخروج من واقعنا الكئيب، الملطخ بالدماء من المحيط الى الخليج.