"الست بديعة" أسطورة بيروتية في جعبتها أسرار وحكايات تختصر سنوات طويلة من الحب والنضال والعشق والجنون ... وفي ليلة رأس السنة، بديعة العجوز تتعرّى أمام الجمهور وتكشف أسرارها في الساعات الأخيرة لها على قيد الحياة .. هذه الحياة التي أنهكت بديعة ولكنها لم تنل منها ولم تتغلّب عليها بالرغم من الضعف والتجاعيد والألم ..
"أسرار الست بديعة" التي حاكها جيرار أفيديسيان بطريقة أقل ما يُقال عنها إنها آسرة، تجذب المشاهد منذ اللحظات الأولى للعمل ... وكل هذا الإبداع كان ليبقى على الورق فقط، لو لم تجسده فنانة محترفة وعالمية مثل ندى أبو فرحات التي أبدعت بالفعل بدور "بديعة".
ندى فجّرت مواهبها التمثيلية على خشبة المسرح، وقدّمت عرضاً لا يقلّ أهميةً عما يُقدم عالمياً.. أضحكتنا، أبكتنا، أحزنتنا .. لعبت وتحكمت بمشاعرنا كما تريد .. فكانت صادقة ومقنعة في الأداء.
موقع "الفن" التقى ندى بعد المسرحية وكان لنا معها هذا اللقاء المميز والعفويّ.
ندى أهلاً وسهلاً بك عبر "الفن".
شكراً جزيلاً لكم وأهلاً بكم.
ندى أبو فرحات هل تركتِ التلفزيون لصالح المسرح ؟
انا بطبعي مقلة في أعمالي التلفزيونية، ولا أجد في الآونة الأخيرة ما يناسبني كممثلة من أدوار ونصوص. المسرح والتلفزيون والسينما كلها مجالات فيها لذة للمثل اذا كانت منفّذة بطريقة صحيحة. ولكن للمسرح ميزته وهي التفاعل المباشر مع الجمهور. أنت تعرق على المسرح وتأخذ الطاقة من الجمهور الموجود، وهذا هو السحر الذي لا تجده سوى في المسرح.
إلى أي مدى وجدتِ أن ما كتبه جيرار في هذا العمل، يليق بندى أبو فرحات كثيراً ؟
جيرار كتب العمل قبل أن تبدأ عملية الكاستينغ. هو كتبه بهذه الطريقة التي تعبر عنه. وعندما التقينا اعتبر أنني قادرة على القيام بهذا العمل كما يريد هو. هو مرتاح في التعامل معي وأنا كذلك. انا بكل صراحة وثقت بجيرار منذ البداية ولم أقرأ النص بل اكتفيت بما أخبرني اياه عن العمل فقط. انا شاهدت مسرحية "الست لميا" التي قدمها جيرار سابقاً وأحببتها كثيراً.
هذا العمل يتطلب مجهوداً جسدياً كبيراً على المسرح، وخصوصاً في الانتقال من شخصية بديعة العجوز" و"بديعة الشابة". هل كنت مستعدة لتقديم هذا الجهد الكبير في مكان واحد؟
جسمي كان مستعداً وطاقتي كانت جاهزة والتقنيات المسرحية المطلوبة مكتسبة عندي من هنا كنتُ مستعدة. ولكنني تفاجأت في العرض الاول للمسرحية لأنني بذلت جهداً كبيراً وتصببت عرقاً بشكل كبير وهذا علماً أنني أمارس الرياضة باستمرار.
ما الذي اختلف بين العرض الأول والعرض اليوم ؟
اختلفت أمور كثيرة. في العرض الاول كانت "الست بديعة" قاسية قليلاً وتميل أكثر إلى التراجيديا ولاحظت أن الجمهور يخرج من المسرح مخنوقاً من هنا حوّلتها إلى امرأة عجوز مهضومة، خفيفة، تضحك، وتتواصل مع الناس .. .وأعتقد أن هذا العمل شجّع الجمهور على حضور العمل لأنهم كانوا يضحكون ويبكون في الوقت نفسه. وصدّقني نحن لا نستطيع أن نوقف عرض العمل، فقد كان العرض الأخير في 25 نيسان ولكننا بسبب الحجوزات قررنا أن نمدّد العرض حتى شهر أيار، أي للشهر السادس.
يلفتنا هذا الاقبال على مسرحية "الست بديعة" في ظل الوضع الحرج الذي يمرّ به المسرح. كم تسعدك نتيجة المسرحية التي تقدمينها ؟
في الفترة الاخيرة كان المسرح في لبنان ناشطاً. وأنا أرى أن السينما والمسرح في مرحلة نهوض في لبنان وهذا الأمر يسعدني كثيراً . أضف إلى ذلك وجود منتجين كثر أصبحوا يؤمنون بالأعمال المسرحية ويقومون بإنتاج المسرحيات وأتمنى أن يستمرّ الوضع هكذا.
لاحظنا وجود تشابه بين "الست بديعة" وندى أبو فرحات في بعض الأمور، كالحرية الشخصية، وتقرير المصير والاستقلالية ..
نعم هناك شيء مني في شخصية بديعة. وكل دور أقدمه يكون فيه جزء من شخصيتي. ورغم الاختلاف بيني وبين بديعة الا أننا نتلاقى في التحرر والإصرار وأننا أصحاب القرار في حياتنا.
وجدنا أن حركتك على المسرح كانت في كثير من الأماكن عفوية.
نعم عملية التنقل على المسرح لم تخضع لاخراج محدد بل تركت لتكون وليدة اللحظة. فأنا في كل عرض أتحرك بطريقة مختلفة وأعتمد الطريقة التي أشعر فيها بلحظتها. من هنا هذا الشق في العمل ليس محدداً بل يتبع احساسي. لا أستطيع أن أقوم بأي شيء من دون إحساس.
"بديعة" و"بيروت" حال واحدة .. هل ستكون نهاية بيروت برأيك مأساوية هكذا ؟
بيروت كما هي اليوم حالتها مأساوية ... عاصمتنا كانت متحررة وتحب الحياة والسهر.. وعلى التواصل مع اوروبا والدول العربية .. بيروت كانت بعزها كما كانت بديعة ... بديعة لا تريد الموت وفي الوقت نفسه تريده. أصبحت بديعة عجوزاً تعيش على ذكرياتها.. وبيروت كذلك، فنحن نتذكر دائماً بيروت القديمة كيف كانت.. كان يسودها النظام .."يا ريت بعدن الفرنسوية حاكمينا".. اليوم بيروت على شفير الإنهيار.
اذا كان لديك الخيار لإضافة سر أو خبر إلى قصة بديعة وأسرارها، ماذا تضيفين ؟
ما أحب أن أضيفه إلى قصة بديعة هو سر سياسي له علاقة بالتركيبة السياسية التي دخل فيها لبنان والمرتبطة بالمافيات وباسرائيل. اذا خيرت بالطبع أضيف سراً لا يعرفه أحد، فاستطاعت هذه المرأة فقط أن تعرف من خلال حياتها.
وهل من فكرة تستبعدينها من حياة بديعة؟
حذفنا أموراً عديدة، منها مقطعاً لا يقدم ولا يؤخر في أحداث العمل، ولكنه يجعل الجمهور ينفر من العمل ومن الشخصية.
وهل كان الأمن العام متساهلاً معكم؟
الأمن العام لم يحذف أي شيء من العمل. خصوصاً أن ما ذكرناه في العمل هو معلومات حقيقية وكل الناس يعرفونها.
بعد مسرحية "أسرار الست بديعة". هل ترغبين في العودة إلى المسرح أو التلفزيون ام الاستراحة ؟
الأكيد أنني لا أفكر بالراحة لأنني أرغب بالمزيد من الأعمال التي تساعدني على تفريغ طاقاتي التمثيلية .. قريباً لدي فيلم سينما "يلا عقبالكن" مع نيبال عرقجي. ولدي مسرحية جديدة أحضرها للعام 2016 وأخرى للعام 2017 ولكنني لا أستطيع الغوص في التفاصيل الآن.
كيف أثر زواج ندى على عطائها الفني ؟
زوجي أُعجب بي كما أنا واذا غيرت نفسي فلن يحبني. أنا وايلي لا نحسب الأمور. أنا وايلي نؤمن بحرية الرجل والمرأة. وهو لا يقبل أن أتغيّر !
وعندما تكبر الأسرة ويأتون الاولاد ؟
يتغير إيقاع الحياة وليس الشخصية أو الحرية. ونحن مستعدان لهذا التغيير الذي سيطرأ.
هل أنت مستعدة للإنجاب ؟
حالياً لست مستعدة لهذه الخطوة. ولكن بالتأكيد نفكر بهذه الخطوة ولكن ليس الآن.
شكراً جزيلاً لك ونتمنى لك كل التوفيق في المسرحية والأعمال الاخرى.
شكراً لكم.