بعدما جال على العديد من المهرجانات العربية والعالمية، حطّ أخيراً فيلم "على حلة عيني" للمخرجة التونسية الشابة ليلى بوزيد في بيروت حيث عرض لمدة أسبوع في صالة متروبوليس أمبير في بيروت. موقع "الفن" التقى المخرجة التونسية وتحدث معها عن العمل والمراحل التي مرّ بها والرسائل التي يتضمنها. وكان لنا معها هذا اللقاء المميز، واليكم التفاصيل .

أهلاً وسهلاً بك عبر موقع "الفن".

شكراً جزيلاً.

طرحتِ أخيراً فيلمك الجديد "على حلة عيني" في الصالات اللبنانية. بداية أخبرينا عن السبب الأساسي الذي دفعك إلى القيام بهذا العمل "الثوري" والمتمرد على التقاليد ؟

عندما حصلت الثورة في تونس أخيراً كان الجميع متفاجئاً. وكان هناك عدد كبير من الاشخاص الذين صوروا أفلاماً وثائقية حول الثورة بينما أنا قلت إنه لا بد من تصوير مرحلة الرئيس بن علي هذه الحقبة السياسية التي دامت سنوات عديدة كنا نشعر فيها بالخوف وكنا مخنوقين بسبب النظام الأمني. ولم يكن باستطاعتنا التحدث عن ذلك في السينما لأن الأمر كان مستحيلاً. ومن هنا ولدت لدي رغبة في تنفيذ هذا العمل انطلاقاً من شخصية فتاة تختبر أموراً كثيرة للمرة الأولى في حياتها.

وما الذي أردت أن تتحدثي عنه في الفيلم ؟

الفيلم مقسّم إلى 3 أقسام. القسم الاول متعلق بالعائلة ومعارضة فرح لأهلها لكي تقوم بما تريد. من ثم المجتمع الذي ستخرج إليه فرح وأخيراً القسم المتعلق بالنظام الامني والسياسي للبلد. يهدف العمل إلى البدء من نقطة خاصة ثم تتوسع أكثر وأكثر لنظهر كيف تقوم السياسة بالتأثير على الأمور الخاصة للأفراد وحتى تدمير الانسان. الفكرة كانت بوصل كل هذه الخطوط ببعضها من خلال شخصية فرح والموسيقى.

لماذا اخترتِ أن تكون فتاة هي التي تقود هذه "الثورة" اذا صح التعبير ؟

في بداية التحضيرات للعمل، كنت أفكر إذا يمكن أن تكون فرح صبياً. واذا كانت فرح صبياً وتحب الموسيقى ستواجه المشاكل نفسها التي واجهتها كفتاة، فعائلته لن تقبل أن يدخل عالم الموسيقى والنظام السياسي لن يدعه يتحدّث بحرية. ولكن بمجرد أن تكون فتاة فالمعارضة ستكون أقوى لها في العائلة وفي المجتمع. ولكي تقوم بأحداث العمل على الفتاة أن تكون أقوى من الرجل. الصبي يمكن أن يقوم بما قامت به فرح ولكنه لن يكافح بهذا القدر. أضف إلى أنني رغبت في الحديث عن نظرة المجتمع إلى فتاة تتمتع بهذا القدر من الحرية من هنا كان موافقاً أكثر للعمل أن تكون البطلة أنثى وليس ذكراً، فصحيح أنها ستتكبد المزيد من العناء ولكن الأمر سيجعلها أقوى.

لماذا اخترتِ أن تعبري من خلال الشباب، مع العلم أن الجيل الأكبر سناً هو الذي عانى من قسوة النظام الامني ؟

الفتاة أي فرح ليست أبداً في المعارضة السياسية للنظام ولكنها ترغب في أن تعيش حياتها بدون رقابة. هي فقط فتاة حرة وليس لها أي وعي سياسي. ولكن في العالم العربي وفي عمر 18 سنة يكون الشاب اذا أردت مجبراً على اتخاذ مواقف سياسية. أنا أردت فقط أن أظهر فتاة حرة تريد أن تعيش حريتها وليس لديها أي وعي سياسي ولكنها تجبر في مرحلة ما أن يكون لديها مواقف ضد النظام. النظام حاول قمعها وهي كانت تفكر أن كل شيء مسموح لها وأن عائلتها تخاف عليها من لا شيء.

لقد ذكرتِ أنّ تغيير النظام السياسي في البلد كان دافعاً لكِ لكتابة هذا العمل. لماذا اخترتِ أن يكون الفيلم عن الحقبة الماضية وليس عن التغييرات التي حصلت وعن المرحلة المستقبلية؟

بالنسية الي يجب أن نقوم بتقييم للماضي .. لا يمكننا أن نحلّ مشاكل اليوم من دون المرور على الماضي. وأنا أجد في الفيلم أموراً كثيرة تشكّل خطراً على تونس الجديدة. اليوم هناك أمور كثيرة لا تزال موجودة. الفيلم يلعب على ذهنية الناس وعقليتهم التي لم تختلف كثيراً عن الماضي. كما أنني أجد أنه من الضروري أن نظهر لماذا حصلت هذه الثورة ومن اين أتت وعندها يمكننا أن نحلّ المشاكل.

لماذا اخترتِ الموسيقى كأداة للتعبير عن الحرية في هذا الفيلم ؟

الموسيقى هي جسد هذا الفيلم. هي وسلية تجسد حكاية الفيلم، الموسيقى تسمح للمشاهد بالاستمتاع بالعرض، وعندما حرمت الشخصية ألاساسية من الغناء، الجمهور سيشعر بأنه حرم منها أيضاً. أن تكون بطلة الفيلم مغنية أقوى بكثير لموضوع العمل من أن تكون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، خصوصاً أن الأغاني تبقى في ذاكرة الناس وهي بالفعل تخيف النظام السياسي لأنها تنتشر بسرعة كبيرة. من هنا وجدت أن الموسيقى هي الطريقة الفضلى لتقديم مشروعي وقصة العمل لكي لا تكون الأمور نظرية فقط. وبالعودة إلى سؤال سابق، الفيلم بالنسبة لي هو بجملة واحدة "عملية تدمير طاقات الشباب العربي".

ما هي العقبات التي واجهتِها خلال تنفيذ العمل ؟

عندما تخرّجت في مدرسة السينما بدأت أكتب سيناريو الفيلم وكنت أعرف حينها أن هناك مخرجين عرب يمضون سنوات عديدة في محاولة تنفيذ أفلامهم. ولكن كانت لدي رغبة كبيرة بأن أنجز أفيلمي الأوّل بسرعة. من هنا استغرقت عاماً في التحضير للعمل. وكنت أقابل بعض المنتجين وأقول لهم إنني مستعدة لتنفيذ العمل بميزانية بسيطة ولكن المهم أن نقوم به.

ما هي المهرجانات التي شارك فيها الفيلم ؟

انطلق الفيلم أولاً في مهرجان البندقية وحصل على جائزتين: جائزة الجمهور وجائزة أخرى. جال الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية وحصل على أكثر من 25 جائزة في 6 أشهر فقط. وبدأ عرضه في فرنسا وحصد 90 ألف مشاهدة في أول عرض، وطرح في تونس وحقق إقبالاً كبيراً ونال نصيبه من النقاش.

ماذا تنتظرين من طرح الفيلم في لبنان ؟

انا كنت متحمسة جداً لهذا الأمر لأنه كان لدي فضول كبير لأعرف نظرة الجمهور اللبناني، خصوصاً أن الفيلم قريب من الشباب اللبناني بمضمونه. أنا سعيدة جداً لأن الفيلم عرض لأسبوع كامل في لبنان خصوصاً أنني أشجع التبادل الثقافي بين البلدان.

هل بدأتِ التحضير لفيلمك الجديد ؟

نعم بدأتُ التحضير له وسيكون مختلفاً تماماً عن هذا العمل، وسيكون رومنسياً.