قل لي إلى من تستمع ، أقل لك من أنت. جملة تختصر واقع العاشق الفنّي بالمعشوق الفنان، فمن فنانك المفضل يمكنني أن أحدد لك شخصيتك وإلى أيّ فئة مشاعرٍ تنتمي، من دون أن أحتاج إلى مبادئ "فرويد" في علم النفس ولا إلى تحليلات "إيمانويل كانت" في اللاوعي المترجم بالتصرفات اليوميّة. فالفنان هو مرآة ماضينا، واقعنا، حالتنا، وعينا، جنوننا، خيباتنا وإنتصاراتنا. الفنان الذي نستمع إليه هو هذا "الأنا" بكل مضامين التراكمات النفسية وخبرات الحياة من حبٍ مخذول، أحلامٍ منتصرة، جلجلة حياة، ووسادةٍ متأهبة للضمير المرتاح. الفنان، هو روحي المركّبة بكلمات تصفني وألحان تُبسّط عليّ فهم نفسي . لهذه الأسباب دائماً ما نصنّف الفنان في خانة بأعلى التراتبية وأبهى المُخيّلة.
فكما نربط بين بعض الفنانين ، إما بقهوة صباحٍ ترتشفها خيوط الشمس اليانعة، أو فنان آخر بعالم ليلٍ يأبى النوم، أو فنانٍ بثورةِ وطنٍ وصحوة شعوب، هناك فنانون هم للحب رموز، ولأحمر اللهفة خير سفراء وقناصلة.
مروان خوري، هو الفنان الذي يحيي حفل عيد العشاق على مدار ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً، وعلى مدار كوكبٍ يجمع أهل القلوب الخافقة بلا ملل. هو الصوت المستشري نقاوة ، يسرح بين الذكريات ويمرح في كل المشاعر المستجدة على وقع الحال الغرامي. مروان خوري، هو بطاقة المعايدة الصالحة لكل مناسبةٍ تنتمي إلى الوردة الحمراء المتنقلة من يد مبادرٍ إلى يد متلقٍ للحب. هو الكلمة النابعة من فكرة على وعد الحبر ورائحة الورق الفتّاك، هو اللحن بصيغة النوتة الذوّاقة التي يليقُ بها الوتر وضربة معلمٍ على البيانو. مروان خوري ، عاشقٌ بأغنيةٍ تسمعها عيونٌ إمتهنت الرؤية، وآذان أدمنت فن الحنين.
فرضتهُ الناس أمراً واقعاً في عيد الحب، يعتلي مسرحاً يضجّ بتصفيقٍ ويعبق بأنقى الإصغاء، يحاكيهم بأغانٍ يستمتع حتى المايكروفون بنقلها، يخبرهم عن كل ما يليق بالحب أن يُقال، يسمعهم رأي البيانو بالموضوع، فتكمل أناملهُ مهمةّ الإبداع التي بدأت على ورق، وإنتهت على ذاكرة.
هذا هو مروان خوري، الذي واعد الناس بإزدواجية الموعد، في حفليه في عيد العشاق . المشهد ذاته، فالناس من نفس الصنف، صنف الروح التي تسمع قبل الأذن، الفنان ذاته، مروان المتضامن مع كل منتمٍ إلى عالم لا يُشبه مرارة الواقع، والموعد واحد بإختلاف بسيطٍ بالساعة غير الآبهة لطول الإنتظار.
جلّ ما تغيّر كان الموقع الجغرافي، أما الحب فكان واحداً. تأثر الجمهور، فجينيريك المسلسل سُمع بتأثرٍ يختلف عن ذلك المرتبط بموعد من أمام الشاشة، على المسرح إختلفت الأغنية، فهي خاضعة لسيطرة مروان الصوتية، ومشاعر الحاضرين التأثيرية، عزف مروان خوري للحضور ، غنى لهم، شاركهم لحظة العيد المتجدد مع كل إبتسامة زهرية، مع كل وعد صادق بإرتباط موعود بالبقاء أبداً.
جمهور مروان لا يشبه تكتلات "نوادي المعجبين" ولا أوهام تغريداتهم، جمهور مروان لا ينتمي إلى جماهير المصفقين بأمر والداعمين بنكاية بأحد، ولا يبالون بحروب الفنانين وجوقاتهم "الردادة"، جمهور مروان يشبههُ، بتواضع الكلمة وكِبَرِ المعاني، بفلسفة اللحن ونهجِ النغمات، جمهورُ مروان يشبهُ مسيرتهُ المتكاملة من غناءٍ و كتابةٍ و تلحين، من إبتعادٍ ملحوظٍ عن الإعلام وقربٍ ملموسٍ إلى أحاسيس المستمع إلى صوته. تفاعل الجمهور في الحفلتين كان لافتاً، شفاهٌ تُتمتمُ أغانيهِ عن ظهر قلب، وكأنهم يسمّعون واجبتاهم الغراميّة أمام أستاذٍ لقّنهم دروس الحب، لم يبالوا بالأغنية إن كانت سريعة لفعل الرقص أم هادئة لأفعال التمايل المنسجم مع قواعد اللحن، لأن أغاني مروان هي بمختلف أنواعها ، لفعلٍ واحد وهو الحب. خصوصاً في سهرات ، بعد غناء، "كل القصايد"، "أكبر أناني"، "قلبي دق"، "لو"، "كل ساعة"...وبعد "الدلعونا" و"مغرم" و هي أغانٍ من تلحينه ، لكن ما لم يتوقّعه مروان هو أن يوصل التفاعل القوي للناس إلى طلب أغانٍ لم تكن بحسبانه لأنها لم تأخذ حقها كغيرها من أغانٍ مثل "ما عندن خبر" ، "كنا إتفقنا نهار"، وحتى أغنية "ليكزوتانين" طالب الناس بأن تتناولها آذانهم الصاغية بعشق.
حفلتان موفقتان لمروان خوري في عيد الحب، هو الساكن في العيد يومياً، هو من يسبق كل مسلسلٍ بحصد الجمهور من على بوابة الجينيريك، هو من يمتهن مواهب الفن بأقفالها ومفاتيحها، هو الناجح بفعل الجدارة، هو الواقف دائماً على شفير الحب .