فنان مصري معجون بخلطة أجنبية، فهو من أكثر المُثقفين في الوسط الفني والداعين لسينما مُستقلة تُناقش أوضاع المجتمع المصري، وقد حقق نجاحاً وشهرة كبيرة في العالم كله بمُشاركته في عدة تجارب ناجحة في الأفلام الأجنبية حيث أبدع في "الأب والغريب" وفاجأ الجميع في "لوسي"، وفي الأساس فهو قد ترك بصمته في الكثير من الأعمال المصرية المميزة مثل "جنة الشياطين" و "ابراهيم الأبيض" و "تيتو" وغيرها من الأعمال.. هو الفنان عمرو واكد الذي يتحدث لـ"الفن" عن رؤيته للعالمية وموقفه من المُشاركة في الجزء الثاني من "ماركو بولو"، وعن رؤيته للمنافسة ومدى تأثير الفن على الحياة الأسرية والكثير من الأمور في هذا اللقاء .
بداية نرحب بك عبر موقع "الفن" ونسألك..هل بدأت بتصوير الجزء الثاني من مُسلسلك الأجنبي "ماركو بولو"؟
أرحب بكم.. لن أُشارك في الجزء الثاني من العمل خصوصاً أن الشخصية التي قدمتها في الجزء الأول إنتهت أحداثها بمقتله، ولكنني سعيد بهذا العمل الذي حقق نجاحاً كبيراً ونسب مُشاهدة عالية، كما أن لهذا العمل قصة معي وهو أننا كنا قد صورنا بعض المشاهد فيه مُنذ حوالى ثلاثة أعوام، وفجأة توقف حتى أنني زعمت أنهم لن يكملوا تصويره ولكننا عدنا وأكملنا التصوير وحقق نجاحاً كبيراً.
وهل لديك أعمال جديدة في الفترة المُقبلة في هوليوود؟
حتى الآن لم تتضح الأمور لي، ولدي فيلم جديد إنتهيت من تصويره وهو "الجزيرة الزرقاء" ولكنني لا اعرف متى سيتم عرضه؟ وهو فيلم تشويقي يُشارك فيه الكثير من النجوم من أكثر من دولة، ولكن كل ما أستطيع قوله هو أنني كنت سعيداً للغاية بمُشاركتي في فيلم "لوسي" والذي حقق نجاحاً كبيراً في العالم، وعلى الرغم من قلة مشاهدي في هذا العمل إلا أن ظهوري فيه كان أساسياً والشخصية تتمحور عليها الأحداث إلى جانب "سكارليت جوهانسون" و "مورغان فريمان".
ولكننا لاحظنا أن أغلب أعمالك الأجنبية التي شاركت بها كانت لشخصيات ناطقة بأكثر من لغة مثل "الاب والغريب" و"رحلة الطيور".. فكيف حققت ذلك؟
ضاحكاً.. هذا صحيح فأنا أتحدث بالإيطالية في "الأب والغريب" وباللغة الرومانية في "رحلة الطيور" وفي "لوسي" بالإنكليزية والفرنسية، والحقيقة انني أُجيد الحديث بعدة لغات أجنبية وهذا الأمر سهل لي الكثير من الأمور، ولكنني على الرغم من ذلك أعتبر أن اللغة ليست عقبة أكثر من الأداء والتمثيل والخروج بالشكل المطلوب لأنني في الأساس أُفكر كثيراً في أن أظهر بالدور كما هو مكتوب تحقيقاً لثقة مُخرج العمل بي.
ولكن البعض يرى صعوبة المُشاركة في الأعمال الأجنبية نظرا لحاجتها للتواجد في نفس الدولة التي تعمل بها لفترة طويلة قبل وأثناء التصوير؟
هذا صحيح ولكن التكنولوجيا سهلت الكثير من الأمور على الجميع حتى أصبح العالم كله كتلة واحدة ليست مُتفرقة، حيث أن الكاستينغ أحيانا يكون من خلال تصوير مقطع فيديو وإرساله للمخرج ومن ثم الحضور لو حدث القبول، وبعد ذلك أسافر للإستعداد للشخصية والبدء بالتصوير، والموضوع ليس صعباً كما يتخيل البعض.
كذلك الأفلام الأجنبية نراها غريبة على مجتمعاتنا الشرقية نظرا لتعلقها بفكرة الخيال العلمي.. فهل تتفق معي في ذلك؟
ليست كل الأعمال الأجنبية تدور في نطاق الخيال العلمي، وليس كل فيلم خيال علمي ناجح والدليل أن الكثير من هذه النوعية فشل ولم يُحقق النجاح، ولكن أبرز ما يُميز الأفلام الأجنبية من وجهة نظري هو مخاطبتها الكثير من الشرائح المُجتمعية وعدم حصر العمل والقصة على مخاطبة نوعية مُعينة من الناس، وفي النهاية القصة وعوامل أخرى هي التي تتحكم في نجاح أي عمل سواء أكان أجنبياً أو عربياً.
وكيف تختار أدوارك؟
أختار أدواري بناءً على ما يُناسبني من سيناريوهات وأهتم بتقديم أعمال في الوطن العربي تناقش قضايا مُهمة ويكون لها مغزى إجتماعي، وبالنسبة للأعمال الأجنبية أختار أدواراً مؤثرة ويكون لها دورها في العمل وهذا كله بناءً على ما يُعرض علي، فأنا لا أهتم بالكم أو المساحة التي سأظهر بها في العمل بل بالكيف وبطبيعة وتأثير الدور الذي أُقدمه، وهذا دليل على أنني قبلت أعمالاً أجنبية بمشاهد قليلة ولكنها كانت مؤثرة في السياق العام للأعمال التي شاركت بها.
برأيك.. هل المُشاركة في الأعمال الأجنبية تعني الوصول للعالمية؟
هذا غير صحيح ولا أعتبر أن المُشاركة بأي عمل أجنبي وخارج حدود الدولة التي نعيش بها أنها عالمية، بل أن الأمر له مفاهيم أخرى وقد يُحقق الفنان العالمية من خلال أعماله في نفس دولته، كما أنني أرى أن فيلم "جنة الشياطين" الذي قدمته كأول عمل تمثيلي لي كان عالمياً، فالأمر لا علاقة له بالعمل في دولة مُعينة بل مُخاطبة النفس البشرية بالطريقة التي تصل لأي شعب وتمسهم هي العالمية.
هل واجهت صعوبات في بداية عملك بالفن؟
بالتأكيد واجهت الكثير من الصعوبات، فأنا كنت أتقاضى عشرة جنيهات في بداية عملي بمجال الفن حينما كنت أقف على خشبة المسرح، ولكن هذا الأمر لم يشغل بالي ولم يكن هذا هدفي من العمل بمجال الفن بل إنني كنت سعيداً للغاية بتصفيق الجمهور لي وتحقيق أعمالي النجاحات.
وماذا تُمثل لك الشائعات؟
وفق ما يُكتب عني فهناك أشياء سخيفة قد نتقبلها وهناك أشياء لا تحتمل ذلك، وعلى الرغم من أنني إنسان مؤمن للغاية بحرية الفكر والقلم الحر إلا أن هذا لا يعني التجريح وتشويه صورة الناس من دون أي أسباب.
إذن.. فالنقد أمر مقبول بالنسبة لك؟
النقد البناء الذي يعتمد على أفكار منطقية ولها علاقة بالفن الذي أُقدمه ولكن لا أقبل غير ذلك.
وكيف أصبح عمرو واكد واحداً من بين قلائل يسعون لتقديم السينما المُستقلة لا التجارية؟
أنا في الأساس مؤمن بضرورة تقديم أعمال فنية تمس الجمهور وتعرض مشكلاتهم وتناقش قضايا إنسانية ومجتمعية، فالفنان يجب أن يكون قدوة لجمهور وغير منفصل عنهم حتى يؤثر فيهم ويتأثرون بما يُقدمه، فأنا أرى أن الأزمة تكمن في فكرة إهتمام بعض المُنتجين بالربح المادي، وأنا شخصياً أهتم بنوعية السينما التي تُناقش قضايا مجتمعية وإن كان النوعيات الأخرى مُهمة لإحداث إختلاف في السوق السينمائي المصري.
ولماذا صرحت من قبل بأن نوعية الأفلام الشعبية مازالت تحت التجربة.. هل هذا يعني أنك ضدها؟
لا لست ضدها بل أنني أقصد أن هذه النوعية قد يتم تطويرها وتقديمها بشكل جيد من خلال ضبط أدوات ومحتويات الفيلم بشكل عام والإهتمام بكل تفصيلة تخص العمل وليس التركيز على شخص واحد أو جانب معين من العمل، وعلى العكس فأرى بعض الأعمال الشعبية ناجحة والدليل الإيرادات التي تُحققها.
علي الرغم من أنك تسير في خط بمفردك من خلال نوعية أعمالك المُختلفة عن النجوم الآخرين، إلا أن الجمهور أحيانا يفرض المنافسة بين الفنانين الموجودين علي الساحة على الرغم من إختلاف الأجيال، فما رأيك؟
لم أسعَ لفكرة المُنافسة يوماً ولم أهتم بهذه الأشياء بل أهتم بتقديم أعمال مميزة تحترم عقلية الجمهور وتُخاطبهم وتكون قريبة منهم، فأنا أُفكر بمبدأ الرُقي فيما أُقدمه واعتقد أن أي شخص يُفكر بهذه الطريقة فهو يعمل للصالح العام لتحقيق سينما مصرية مميزة والعمل على تقدمها من دون التفكير في أشياء سطحية مثل المنافسة قد تتسبب في ضعف المستوى في النهاية.
وفي النهاية.. هل يؤثر عملك بمجال الفن على حياتك الأسرية؟
أعتقد ان الأمر طبيعي بالنسبة لمن يعمل بمجال الفن وهو بالتأكيد يؤثر على الحياة الخاصة حيث السفر والإرتباط بالتصوير لفترات طويلة، ولكنني أستطيع تحقيق التوازن بين الطرفين وأعشق عملي بالفن على الرغم من صعوبته.