هو "أبو ليلى" الذي شاهد "فيلم أميركي طويل"، ورامز الذي سأل "بالنسبة لبكرا شو؟"، ونخلة التنين الذي لم يتعب من "سهرية" ، و"بما إنو" مرّت الذكرى السنوية التاسعة عشر لرحيله والتي صادفت مع بداية العام الجديد ، أردنا اليوم أن نخصّص له التحية .
إنه جوزيف صقر (1942-1997) الإسم الذي شكّل أهم ثنائي مع الفنان زياد الرحباني حيث قدّما أجمل الأعمال الغنائية والمسرحية بعد أن إكتشفه الرحباني حين كان صقر منشداً في كورال السيدة فيروز وشارك في مسرح الأخوين الرحباني في "لولو" و"ميس الريم"..فأخذه معه إلى موسيقاه الخاصة وإبداعاته بعد أن سمعه في كواليس مسرح "الأخوين الرحباني" وهو يدندن ، فما كان من زياد إلا أن أحضر آلة البزق وعزف لصقر وشاركه الغناء ، ومنذ هذه اللحظة بدأت الرحلة ، وأثمر تعاونهما أغنيات كثيرة لا زالت حاضرة في أذهاننا ونرددها بإستمرار ومنها :"عايشة وحدا بلاك" ، "الحالة تعبانة يا ليلى" ، أنا اللي عليكي مشتاق" ، "قلتيلي تركتك" ، "إسمع يا رضا" ، "ع هدير البوسطة" ، "بما إنو" ، "تلفن عياش" ،"مربى الدلال"...ومسرحيات لا زلنا نضحك كلما شاهدناها عبر الشاشة أو من خلال الأقراص المدمجة وكأننا نشاهدها للمرة الأولى :"نزل السرور" ، "شي فاشل" ، "سهرية" ، "بالنسبة لبكرا شو؟" ، "فيلم أميركي طويل" ، "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" ، "لولا فسحة الأمل"..
موهبة جوزيف صقر الكبيرة جعلت الراحل منصور الرحباني يقول عنه :"جوزيف هو إبننا ، تربى معنا ومعاً بدأنا درب الفن الطويل..جمعنا العيش المشترك ومهرجانات بعلبك ورحلاتنا الفنية كلها ، جوزيف صقر فنان يميزه إلتماع خاص في صوته ونبرته الحنونة ، صوته لم يعرف الشيب فكأنه شلال عذب من أعلى قمم لبنان ، صادق في كل ما يعمل ، ساخر أجاد مزج الحياة العادية بكل ظروفها بضحكة ساخرة وبعبثية متمردة وبلهجة شعبية قريبة للقلب ومن قلب الواقع".
وفي المقابل ، عندما سئل صقر في إحدى المرات عن دراسته الموسيقية قال :"معي دبلوم مهم كتير"، في إشارة منه إلى الأخوين الرحباني حيث تعلّم منهما الكثير خلال 8 سنوات من العمل معهما .
وبالعودة إلى ثنائية جوزيف صقر وزياد الرحباني ، فقد لامس زياد أوجاع الناس وظروف الحرب والمعيشة الصعبة خصوصاً من خلال الأعمال الغنائية التي قدمها لصقر ، وفي المسرحيات التي جمعتهما ، فقد أعطى زياد لجوزيف أجمل ما عنده ، وفي المقابل أبدع صقر في أدائه الغنائي والتمثيلي ، وبقي وفياً لزياد حتى آخر أيام حياته بحيث لم يتحدث يوماً عن نفسه بمعزل عن زياد .
منذ رحيل صقر ونحن نشتاق لسماع الأغنيات اللبنانية التي تحمل هموم الناس والوطن من خلال السهل الممتنع بتوقيع زياد الرحباني ، هذه الهموم التي لا زلنا نعاني منها منذ أيام صقر وقبله حتى .
رحم الله الفنان جوزيف صقر و"أيا حال بدك يمشي؟".