محمود حميدة نجم سينمائي من نوع خاص جداً..أرشيفه عامر بالعشرات من روائع الأفلام منها "المصير" و"بحب السيما" و"إغتيال " و"الآخر"، ولكنه يعيش هذه الايام في حالة انتعاش فنية سينمائية إستثنائية ، ففي اقل من عامين قدّم "قط و فار" و"أهواك" و"من ضهر راجل " و" نوارة".
في حواره مع "الفن" حرص على التأكيد على أن جمهوره هو "رأس ماله" في الحياة وتحدث عن علاقاته ببناته ، وعن تفاصيل دقيقة في شخصيته ، كما تحدث عن موقفه من السبكي وأغاني المهرجانات وسر عشقه للشاعر فؤاد حداد.
كانت مفاجأة للجمهور اشتراك فنان مثقف له فلسفته الخاصة في افلام من انتاج السبكي، ما ردك؟
أنا ارى أن المنتج محمد السبكي واخاه احمد السبكي ممن وقفوا أمام أزمة الركود التي تعرضت لها السينما في وقت ما، وبالتالي فهما يعدان من اهم منتجي السينما، وهذا ما يهمني اكثر من اي تنظير آخر.
ولكنك لم تقف عند حد العمل مع السبكي، بل كانت لك تصريحات مدافعة وهجومية لكل من هو ضده .
انا بالفعل تصديت لمن يعترضون على السبكي وافلامه لانه يخلص في العمل السينمائي ومن لهم آراء اخرى يمكنهم الا يشاهدوا اعماله. ولكن شغل المصادرة والمنع هذا لا يعقل ، فلا يوجد احد لديه سلطه لمنعه من الانتاج . كما ان السبكي انسان مخلص في عمله وبدأ من الصفر وحقق نجاحاً كبيراً جداً واثبت نفسه في الوسط بالكامل، وللعلم ان السبكي قام بالانتاج لكبار الفنانين مثل احمد زكي على سبيل المثال.
ولكن هذه الافلام فيها استخفاف بالمشاهد ونوعية من الاغاني الصاخبة .
انت تقصد اغاني "المهرجانات" هي نوع من الغناء الشعبي المعبر عن جيل وفترة زمنية محددة، وعلى فكرة انا أحب هذه الموسيقى ولا تزعجني بل أحياناً أرقص عليها في البيت .
البعض شبّهك بالممثل العالمي "روبرت دي نيرو" في احدث افلامك "أهواك"، هل تعتبره مدحاً أم ذماً ؟
أنا لن اقوم بالرد على هذه الكلام ويكفيني انني قمت بالمشاركة في هذا الفيلم الذي كان يضم فنانين شباب، ورأيت انه من واجبي ان اقوم بمساعدة الاجيال الجديدة التي ستظهر بعده وهي تعتبر جيل المستقبل وهذا لا يقلل نهائياً من قيمتي الفنية، واعتقد أنني قمت بدور مؤثر ترك بصمة لدى جمهوري وهذا الامر يكفيني جدا.
كان لك مشاركة في مهرجان القاهرة ومهارجان قرطاج السينمائي، وهما مهرجانان ذات ميزانيات منخفضة بالمقارنة بالمهرجانات الفنية الخليجية ، فما تعليقك؟
مبدئياً الميزانيات لا تصنع مهرجاناً سينمائياً بل الموقف العقلي ما يفعل ذلك. نحن نعتبر مهرجان السينما عرساً، فإذا مات عزيز لدينا ألغينا العرس كله، أي قد لا يكون السبب عمليا بحتاً كما يفترض، والثقافة السائدة اننا يهمنا السياسة والاقتصاد والسياحة وكثير من العناوين تحت بند المهرجان، ونغفل السينما نفسها كصناعة يقولون لك "عرس السينما" وعبارات احتفالية كثيرة في حين لا نسمع شيئا عن برنامج عملي تطبيقي لدعم الصناعة ومناقشتها>
اما بخصوص مهرجانات الخليج فجلبت خبراء عالميين لإدارتها وتوجيه دورها نحو دعم الصناعة بشكل فعلي، وهذه نقطة تُحسب لها .
معنى كلامك أنه يمكن وصفها بالمهرجانات التنظيرية؟
بالتأكيد لقد أصبح كل شيء كذلك وليس السينما وحدها انظر إلى الفكر مثلا نستخدم مصطلحات غربية لاننا لا نجد تعريباً لها، محمد أركون ، رحمه الله، كان يكتب بمصطلحات فرنسية لعدم وجود مقابل عربي مناسب لما يريد قوله ، لذا فإن الباحثين العرب ينجزون دراسات نظرية بحتة لا تنطبق على الواقع . بمعنى ان هذه الحالة تتجاوز السينما فالكل يغطي أخطاء الاخرين، الناقد يغطي على الفنان والعكس صحيح لان كل شيء مرتبط ببعضه تجد ان الشاب يسافر إلى الخارج للدراسة فيدرس كيفما اتفق ليعود إلى بلده عالماً وهي كلمة كبيرة. البعض يدرس فعلاً ويصبح خبيراً في مجاله فيبقى هناك، لانه لا يجد فائدة أو جدوى "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" .
بعد كل هذه الخبرة كيف تقرأ النص السينمائي الآن؟ ما الذي يغريك فيه؟
اولا لا بد أن يناسبني العمل من كافة النواحي حتى المالية، فقد أطلب أجري كاملا وقد لا أتقاضى أجرا. أنا عامل في هذه الصناعة وشغلي أن ألعب الشخصية أمام الكاميرا وفي هذه الناحية لا أحد أو شيء يستطيع إغرائي أو مفاوضتي ابدا، كما لا تستطيع أن تغري نجاراً أن يصنع لك غرفة نوم أو خياطا أن يعمل لك جلبابا، فأنا صاحب مهنة أحترمها وأجيدها، وأي كلام من قبيل أخذ الفرصة لاستعراض العضلات مرفوض تماما .
كيف كان العمل مع الراحل يوسف شاهين؟
كان ممتعا جدا بالنسبة لي وفيه قدر كبير من التواصل، أنا استفدت منه وهو استفاد مني حسبما قال لي..رحمه الله .
لكنه كان يوصف بالدكتاتور في موقع التصوير.
ويجب أن يكون كذلك. المخرج الذي لا يقدر أن يكون دكتاتورا في العمل لا ينفع لهذه المهنة، لم أشعر بذلك مع يوسف شاهين، وكان النقاش بيننا مثمراً .
هل العالمية تمثل هاجساً لديك؟
بالفعل العالمية في فترة من حياتي كانت هاجساً ولكنه لم يستقر طويلاً لانني اكتشفت اني لم أقم بتسلية أهلي كما يجب بعد، كما أن الممثل لا يصلح لغير بيئته برأيي لأنه سيكون مفتعلاً ويشمله الكذب.
حدثنا عن طقوسك الخاصة في موقع التصوير؟
أقوم بقراءة الشعر تحديدا والاستماع لموسيقى معينة تناسب خلفية الشخصية التي أؤديها، لاني أقوم بإستحضار الكاراكتير وصرفه أكثر من مرة خلال وقت قصير وهي عملية شاقة جداً على الممثل .
هل لي أن اعرف سبب امتناعك دائما عن الحديث للصحف ؟
أنا لا أحب أن أتحدث "على الفاضي والمليان" ودائما أقول رأيي مرة واحدة لذلك أطلب من كل من يريد أن يحاورني أن يقرأ كل ما قلته قبل ذلك حتى لا يكرر الموضوعات التي تحدثت فيها من قبل ليكون الحوار مليئاً بمعلومات جديدة.
ولكن البعض ينتقد أسلوبك هذا .
كما قلت هذا هو مبدأي في الحياة ومن يريد أن يتعامل معي لا بد أن يحترم رغبتي ونظامي، ثم أن هذا دليل على حبي للتعامل مع المثقفين والمطلعين على الأخبار بشكل مستمر.
وهل تفعل ذلك مع الجمهور العادي ؟
إطلاقاً ، فالجمهور له معاملة خاصة لأنني أعتبر نفسي ملكاً له، فهو رأس مالي الذي أمتلكه لذلك يجب على أن ألبي كل مطالبه وأحترم رأيه مهما كان.
لماذا ترفض أن يعملن بناتك بالفن ؟
أنا لم أرفض ولكن تركت لهن حرية الاختيار وكان لابنتي "آية" تجارب فنية حيث شاركت في فيلم "ولد وبنت" وغيره من الأعمال ثم اختارت أن تعمل في مجال الحسابات من دون أن أجبرها على شيء.