من أبرز الوجوه المطبوعة في ذهن المشاهد، منذ أكثر من عشرين عاماً وهو الضيف اليومي تقريباً على مائدة اللبناني الأخبارية، وبعد سنوات من الانقسام السياسي ورغم أن المحطة التي يطل عليها كانت محوراً أسياسياً في الإنقسام السياسي، إلا أن كل اللبنانيين يرونه مرجعاً إعلامياً يوحدهم على ثقافته وتمكنه وأدائه.
خلف تقديم الأخبار يُخفي الإعلامي منير الحافي شخصية الفنان، فهو المطرب المرهف بالرومانسية، والأديب المصقل بالثقافة حيث يعمل على كتابه الثاني عن "حبيبته" كما يصفها وهي مدينة بيروت.
موقع الفن كان له اللقاء الآتي مع الإعلامي منير الحافي .
المحور الأول: الواقع الإعلامي اللبناني
بداية كيف ترى الواقع الإعلامي اليوم؟
لا شك بأن الوضع الإعلامي اليوم خصوصاً في المجال التلفزيوني والإذاعي يعاني من مشاكل عديدة، على الصعيدين المادي والمهني. وهذا مرده برأيي إلى طفرة وسائل الإعلام من جهة وطفرة الخريجين، والأزمة المادية الحادة التي يعاني منها أصحاب المؤسسات لقلة الإعلانات من جهة، وللأزمة الاقتصادية اللبنانية والعربية من جهة أخرى. هذا الأمر ينعكس على الوضع الإعلامي الذي بات اليوم "في الحضيض" وهذا مرئي على الشاشات. أضف إلى ذلك، غياب النقابات التي تحمي العاملين في وسائل الإعلام، وعدم توحد الإعلاميين في وقفة تحميهم.
هل أصبحت كل فتاة جميلة، اعلامية ومقدمة نشرة؟ وماذا ينقص مذيعي ومذيعات اليوم؟
الوضع المزري في الإعلام ينعكس بالضرورة على "مرايا" هذا الإعلام، وهم المقدمون، ومقدمو الأخبار خصوصاً وهم الذين يراهم الناس يومياً. أنا وصفتهم مرة بالـ"بوشار". كل يوم مذيع (مذيعة) لأن المحطات "بدها مذيعين". فيختارون أي شخص يلقون فيه صفات "المذيع". للأسف معظم الذين يظهرون على شاشاتنا اليوم ينقصهم بالأصل صفات "المذيع". أين الصوت الجميل، وأين الشخصية القوية، وأين العمق في الثقافة؟ واين المهنية عند الكثيرين؟ أنا ألوم أصحاب المحطات ومساعديهم على ذلك، وعدم سعيهم الحقيقي الى اختيار مذيعين ومذيعات يستحقون الظهور على الشاشات. أنا أفهم أن الزمن يحتاج اليوم الى "مذيعة" جميلة، لكن لا أقبل اي مذيعة غير مثقفة وغير متدربة، ولا تصلح بالاصل لتكون مذيعة. ممكن أن تكون "نصف جميلة" لكن لديها المهنية، والصوت، والطلة، وأهم شيء الالتزام المهني فحسب.
بصفتك أستاذاً جامعياً في مواد الإعلام لماذا يوجد اليوم طفرة بالإعلاميات وقلة بالإعلاميين الشباب؟
في كليات الإعلام اليوم صحيح هناك عدد كبير من الخريجين من الإناث أكثر من الذكور. المرأة اليوم تقتحم كل مجالات التخصص، خصوصاً الإعلام وهذا شيء جيد. الشباب ربما يميلون أكثر الى التخصصات العلمية ويتجنبون الإعلام في الغالب. لكن يجب علينا أن نشجع هؤلاء وأن يتم توجيههم في المدارس، وهذا يعود لوسائل الإعلام التي غيبت عنها برامج التوجيه والتواصل مع النشء الجديد. يلزمنا اعادة تفكير بكل البرامج التي تُنتج وتُعرض على شاشاتنا.
هل لا زلت على رأيك: "لو كنت بمطرح المسؤولية كنت قعّدت ناس كتير بيشتغلوا بالإعلام ببيوتن"؟
الا ترى ذلك أنت ايضاً؟ (يبتسم) هناك من لا يستحق العمل في التلفزيون. ربما نصف العاملين وربما أقل لا ادري. لكن يلزمنا اعادة قراءة الواقع الإعلامي بمجمله. وعلينا أن نسأل أنفسنا: ماذا يفعل الإعلام (المرئي خصوصاً) اليوم؟ ماذا يحقق؟ هل نربح منه مادياً ومعنوياً؟ مَن يعمل فيه؟ من هم المقدمون الناجحون؟ من هم الموظفون غير البنّائين؟ لماذا، وكيف، ومَن.. كله يجب طرحه. وللأسف ليس هناك من جامع للمؤسسات، يعني ليس هناك نقابة للإعلام المرئي والمسموع، ولا مجلس وطني للإعلام فاعل، ولا وزارة إعلام لها "مَونة" على المؤسسات.
من يلفتك اليوم من المقدمين والمقدمات الشباب؟
كل شخص عنده خلفية صحافية، عنده صوت جميل يجذب السمع، طلة محترمة، ثقافة واسعة من دون تكلف!.
المحور الثاني: منير الحافي والمستقبل
أكثر من عشرين عاماً ولا تزال تقدم النشرة الإخبارية وأنتجت وقدمت العديد من البرامج والوثائقيات، لماذا لا يزال منير الحافي في هذه المحطة؟
الحقيقة أنا من طبعي الثبات وعدم الانتقال السريع. كان هناك رجل كبير اسمه رفيق الحريري موجوداً في البلد وعلى رأس المحطة، فكنتُ أرفض حينها الكثير من العروض للعمل في مؤسسات عربية. بعد الاغتيال، شعرتُ بأن من واجب الوفاء لهذا الرجل البقاء في المحطة، واليوم لي أمل كبير بالرئيس سعد الحريري.
نادم على بقائك فيها والوصول اليوم لمرحلة تعيش فيها المستقبل أزمة مالية وإنتاجية كما كل المحطات اللبنانية؟
لا تخفى الأزمة المالية لمحطة المستقبل نتيجة ظروف عديدة، وكل المحطات اللبنانية تعاني المشكلة ذاتها. راقب كل المؤسسات وما يُعرض على شاشاتها وما يتم الإنتاج فيها، إضافة إلى النقص الهائل في سوق الإعلان وهو المغذي الرئيسي للمحطات، تعرف أن الإعلام المرئي في لبنان ليس بخير. ومن الأسباب الأخرى لذلك، الفساد (!!) ونقص الخبرات في الإدارات التلفزيونية.
هل أنت راضٍ على الوضع في المستقبل ، وماذا تحتاج المحطة للعودة الى الريادة من جديد؟ ولو وضعت نفسك في موقع القرار الشامل ما هي الخطوات التي تقوم بها؟
المستقبل هو تلفزيون رفيق الحريري وآل الحريري الكرام. اي انه تلفزيون لبناني وطني عربي جامع شامل لا يفرّق بين دين ودين ولا بين طائفة وطائفة. الوضع فيه مُحزن بسبب الظروف التي ذكرت. طبعاً أنا غير راضٍ عن الوضع فيه، ولا أحد راضٍ بدءاً من المدير المسؤول وصولاً إلى أي موظف فيه. برأيي الخاص، يجب العودة الى الهدف من تأسيس تلفزيون المستقبل. لماذا التلفزيون؟ ماذا نريد منه؟ ونعمل جردة مراجعة ومحاسبة للشخص الذي أدار التلفزيون (في الماضي) وماذا فعل وكيف أخفق؟ ماذا عن التركة الثقيلة (الديون وغيرها)؟ ويجب أن نراجع عدد الأفراد العاملين اليوم وماذا يعملون وماذا يحققون. ماذا عن البرامج التي ينتجها التلفزيون أو يعرضها اليوم، ما هو مردودها المادي، والسياسي، والاجتماعي؟! اذا بدأنا بذلك يمكن لتلفزيون المستقبل أن يعود الى العمل!
المحور الثالث: منير الحافي الفنان والكاتب.
الجميع يعلم بأنك تملك خامة صوت جميلة وصرحت في احد الحوارت الإعلامية بأنك بصدد تقديم أغنية خاصة بك، أين أصبح العمل؟
لأكون صريحاً لم اسعَ الى الأغنية التي وعدت بتسجيلها بسبب ضغوط العمل والمشاكل الهائلة التي واجهناها في العام 2015. لكن المشروع لا بد أن يتحقق إن شاء الله. وللاشارة فقط، هذه الأغنية وربما غيرها، ستكون بمثابة عمل يغنيني نفسياً وروحياً، أي أن العمل لا يدخل ضمن العمل التنافسي مع "الفنانين" وإنما عمل خاص أشاركه مع محبي منير الحافي.
لا شك بأن الأغنية ستأخذ الطابع الطربي أو الرومانسي، لكن هل ترى ان الجمهور اللبناني والعربي لا يزال متذوقاً للطرب أم يعيش حالة من التخبط الفني؟
الجمهور اللبناني دائماً ذواق، ويعرف الصح من الخطأ. ويميز بين الجميل والقبيح. دائماً الطرب أغنى وأكثر ثباتاً بكثير من الأغنية الخفيفة التي لا تدوم أحياناً إلا لأيام! لذلك أغاني وديع الصافي وفيروز وصباح وأم كلثوم ووردة وفريد الاطرش وغيرهم من المطربين ما زالت باقية لأنها "معمولة" بشكل ممتاز ويغنيها مطربون حقيقيون. وانظر الى الاغاني القديمة ذات الطابع الخفيف لكن فيها نفحة طربية كأغاني جورج وسوف وفضل شاكر وراغب علامة وعاصي الحلاني وغيرهم، أيضاً تبقى في ذاكرتنا ودائماً مطلوبة في الاذاعات.
كيف ترى برامج المواهب اليوم وهل استطاعت لجان التحكيم إختيار الأفضل؟ وما رأيك بالمواهب الجديدة وماذا ينقصها للنهوض من جديد بالفن العربي؟
برامج المواهب الجديدة تزيح الستار عن نجوم محتملين. وهذا ما كنت أقوله، البرامج هذه يتم الاستماع فيها الى أصوات جميلة تغني أغانٍ طربية. هذه هي القاعدة الصحيحة، والطرب الذي يبقى. أما عن كثرة عدد برامج الهواة، فلا يبقى إلا الأقوى، لأن الانتاج الذي تقوم به مثلاً مؤسسة عملاقة مثل MBC لا اعتقد أن أي محطة ستكون قادرة على مجاراتها.
علمت بأنك بصدد تحضير كتاب عن بيروت أين أصبح المشروع؟
المشروع "ماشي". صار هناك بطء في العمل بسبب أوضاع وعراقيل معينة. لكن العمل يُكتب.
المحور الأخير: أسئلة سريعة
المستقبل الى أين؟
طبعاً الجواب خصوصاً عند الرئيس سعد الحريري، لكن برأيي، تلفزيون المستقبل يجب أن يذهب سريعاً الى المراجعة الشاملة، فإما إستمرار بقوة وعزم ودعم، أو تخفيض في عدد الموظفين وتحويله الى محطة متخصصة.
ماذا تطلب من الرئيس سعد الحريري؟
أطلب منه أن يعتمد مبدأ الثواب والعقاب. من أحسن العمل يجب إبقاؤه وترفيعه، ومن أساء فإلى البيت.. وربما الى المحاسبة القانونية والمحاكمة!.
منير الحافي سيكرر تجربة جورج غانم ويصبح مستشاراً سياسياً بعد التقاعد؟
كل الامور مفتوحة. أنا صحافي أولاً وأخيراً والكتابة هي عشقي الذي لا أستغني عنه.
كلمة أخيرة .
أعتبر اللقاء مهماً وصريحاً. شكراً لكم خصوصاً لك محمود وللصديقة هلا المر.
