تعرض قناة "العربية" سلسلة وثائقية من إنتاجها لهذه السنة، تدور حول الموزاييك الديني والاثني الذي يُشكّل جوهر المجتمع الإيراني، إذ تتألّف إيران من مجموعات سكانية متعدّدة الأعراق واللغات والأديان.
كان هذا المزيج والخليط مصدر ثراء تاريخي، لكنه راح يختفي عبر الزمن منذ تبنّي السلالة الصفوية الإسلام الشيعي في مطلع القرن السادس عشر. وبعد زوال الحكم الشاهنشاهي عام 1979، وقيام "الجمهورية الإسلامية" الحالية، بات مذهب الدولة هو الشيعي الاثني عشري، وأدخلت تعديلات في الدستور أقرّت مبدأ "ولاية الفقيه"، وجعلت السلطة مطلقة في يد المرشد الأعلى. مع ذلك، عاشت إيران ازدواجية الهوية، فهي من جهة دولة شيعية، ومن جهة ثانية تُميّز العرق الفارسي عن سواه من المجموعات، وهذا ما أدى إلى بروز مسألة القوميات غير الفارسية والمعتقدات الدينية غير الشيعية في إيران. وتتصدر المسألة الاثنية نظيرتها الدينية، فلا يختلف اثنان على أن الشيعة يشكّلون غالبية السكان، لكن عدد الناطقين بلغات غير فارسية يناهز الأربعين في المئة. وللمناسبة، تحمل المسألة الاثنية في منحاها السياسي دلالات رمزية، حيث يتركز وجود الفرس في وسط البلاد ويمسكون تالياً بمركز السلطة. أما المجموعات الأُخرى فتنتشر على أطراف إيران، أي أنها تجاور بلداناً على حدود إيران مع العراق والخليج وروسيا وتركيا، امتداداً إلى أفغانستان والجمهوريات الآسيوية المستقلة عن الاتحاد السوفياتي المنحل، ممّا يشكّل مصدر قلق كبير للحكم الإيراني من التدخلات الخارجية والإقليمية بحجة تواصل الأقليات المهمشة داخل بلادها مع الخارج الذي تجمعه بها علاقات اللغة والثقافة.
تتألّف السلسلة من 4 أجزاء وتروي المكونات الاثنية والدينية لإيران المعاصرة. في الجزء الأول، يتعرّف المشاهد إلى المجموعات الدينية الأساسية غير الشيعية: الزرادشتية والبهائية والمسيحية واليهودية والإسماعيلية، وملامح التمييز التي تطال كل مجموعة. وفي الثاني، تعريف بالمجموعات الاثنية الأساسية غير الفارسية: الآذرية، البلوشية، الكردية والعربية. وفي الجزئيْن الثالث والرابع، تحاول السلسلة فهم الأسباب التي جعلت الحكم الحالي يعتمد المزيد من "سياسة البطش" بحق الأقليات، وعلاقة السياسة الخارجية لإيران بسياستها الداخلية ومصالحها الاستراتيجية، بدءاً من قيام "الجمهورية الإسلامية" وحتى اليوم. ترتكز السلسلة على شهادات خبراء إيرانيين وممثلين لبعض الأقليات.