تشهد الساحة اللبنانية توتراً سياسياً ترافقه أزمة نفايات أقل ما يقال عنها بانها ساهمت بتشويه صورة لبنان الاخضر الذي لطالما تغنينا بها امام العرب والأجانب.
ورغم كل هذا، لا يزال هناك من يحاول جاهداً ان ينعش الجمال اللبناني من خلال نشر ثقافة الحياة والامل. وآخر هذه "المحاولات"، اطلاق وزير الثقافة اللبناني الاستاذ ريمون عريجي "مقطورة التراث" من المتحف الوطني بحضور القائم باعمال بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان ماسيج جلوبوسكي، المدير العام للآثار سركيس خوري وعدد من الشخصيات الرسمية والإدارية والتربوية والجمعيات الأهلية.
بدأ الحفل بكلمة ترحيبية من قبل ممثل وزارة الثقافة في مشروع "Archeomedsites" الدكتور اسعد سيف، ثم قدّمت منسقة الحفل السيدة مايا حميدان عرضا حول أحدث الانجازات والأنشطة التي نفذت في إطار مشروع "Archeomedsites" وبالأخص " مقطورة التراث .
ثم كانت كلمة لعراب الحفل، الوزير عريجي الذي قال:" نجتمع معاً اليوم في هذا الصرح الثقافي المميز من أجل إطلاق "مقطورة التراث"، ضمن مشروعARCHEOMEDSITESالممول من الاتحاد الأوروبي من خلال برنامج التعاون العابر للحدودENPI CBC MED. هذا المشروع الذي يبرهن مرة أخرى ان الابداع الثقافي لا حدود له، في الزمان والمكان".
... واكد عريجي انه في "ظل الظلامية المتأججة من حولنا، وفي ظل المعضلات اليومية التي نتخبط فيها، لا يمكننا كوزارة ثقافة إلا ان ننظر الى المستقبل بتفاؤل ... نحن نعمل للوصول الى هذا المستقبل الذي نطمح اليه ... ومقطورة التراث التي نطلقها اليوم، نتاج فريق عمل يحلم بهذا المستقبل الواعد... هذا الفريق الذي عمل لأشهر لتحقيق تطلعاته الإيجابية من خلال تضافر جهود لا يسعنا إلا أن نشجعها ونشكرها."من لا ماضٍ له، لا حاضر ولا مستقبل ... فمن هذا المنطلق نرى ان مقطورة التراث هي رسالة وتذكير في آن معاً : رسالة ثقافية تدعو اللبنانيين للتلاقي من خلال التعرف الى تراثهم وتاريخهم المشترك والمشاركة بنشاطات تثقيفية قل مثيلها في أيامنا هذه. وتذكير بأن إرادة التعاون الواعية إذا وجدت لدى القطاعات العامة والخاصة تنجز أموراً كثيرة نتطلع اليها لبلدنا على كافة المستويات".
وأردف قائلاً :"ان سر نجاح المجتمعات الراقية والمثقفة يكمن في الشراكة والمشاركة والتعاون بين كل أفراد تلك المجتمعات وجماعاتها وجمعياتها ومؤسساتها، الرسمية منها والخاصة. ومشروع "مقطورة التراث" الذي تم تطويره في لبنان هو نتيجة تعاون بين العاملين في وزارة الثقافة وفريق "ARCHEOMEDSITES" واختصاصيين اكاديميين من الجامعة اللبنانية مع آخرين في مجالات التصميم والابداع. وهو ليس المشروع الوحيد الذي تم إنجازه من خلال التعاون وتضافر الجهود المشتركة بين كل تلك القطاعات. فمجموعة قصص الأطفال التي تم تحضيرها هي نتاج رؤية مشتركة لأشخاص في القطاعين العام والخاص لإيصال الثقافة التراثية الى أكبر شريحة من الجيل الصاعد. وهنا لا بد من تثمين التعاون الإيجابي بين وزارة الثقافة ووزارة التربية من أجل إيصال تلك القصص الى طلاب المدارس الرسمية ولضمان استمرارية هذه المبادرة لتشمل أكبر عدد من مواقعنا الأثرية اللبنانية". وختم عريجي بالقول :" دعونا نكتشف تراثنا من خلال هذا المشروع الخلاق ... وأن نمد جسور التعاون الثقافية بين بعضنا البعض لأن الثقافة تجمع ولا تفرق بحيث نلتقي حول أسس وطنية ثقافية مشتركة تدعم وحدتنا وبنيان مستقبل لبنان".
واختتم الحفل بكلمة للقائم باعمال بثعة الاتحاد الاوروبي في لبنان "Maciej Golubiewski" الذي أشار إلى أن " الاتحاد يؤيد تأييدا تاما تطوير الفنون والحفاظ على الثقافة و التراث في لبنان وعبر العالم وأن الحفاظ على التراث الثقافي وتقديره هو مفتاح التفاهم المتبادل ، والحوار ، وكذلك التنمية والسلام " .
وشدد على أهمية التعاون المتبادل والتفاعل بين الهيئات الدولية والوطنية، وبين السلطات المركزية والإدارات المحلية، والقطاعين العام والخاص من أجل تعزيز التراث الثقافي، و إطلاق دينامية ثقافية جديدة ومبتكرة لتلبية الاحتياجات ومواجهة التحديات المعاصرة.
ودعي الحضور بعد الكلمات الرسمية إلى زيارة معرض مقطورة التراث والاعمال الحرفية المرافقة أمام المتحف الوطني ، حيث عرض الحرفيون التقنيات القديمة لنفخ الزجاج وصنع الفسيفساء والفخار.
"مقطورة التراث" ستجول على عدد من المناطق اللبنانية (محطة واحدة على الأقل في كل محافظة)، حاملة معها القيم الوطنية التراثية والأثرية والثقافية المتعلقة بمدينة صور الى اكبر عدد من اللبنانيين. ومن بين تلك المحطات: المتين، زحلة، زغرتا، بيروت، جزين، وصور. و في هذا الإطار ستكون المحطة الاولى لمقطورة التراث في محافظة جبل لبنان، ساحة المتين التاريخية في 19 ايلول 2015، من العاشرة صباحاً لغاية الخامسة بعد الظهر.
وتجدر الاشارة إلى أنه تم تطوير مفهوم "مقطورة التراث" من قبل وزارة الثقافة في إطار مشروعArcheomedsitesالممول من الاتحاد الأوروبي من أجل نشر الوعي حول التراث الثقافي اللبناني بشكل عام، وذلك المتعلق بمدينة صور بشكل خاص. كما تهدف النشاطات المرافقة للمقطورة الى تشجيع المواطنين اللبنانيين لزيارة هذه المدينة التاريخية والتعرف إلى آثارها.
أما مشروع "Archeomedsites" فهو أحد المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي من خلال برنامج التعاون المشترك عبر الحدود لحوض البحر الأبيض المتوسط "ENPI CBCMED Program". ومن أبرز أهداف المشروع ايجاد شبكة تعاون بين الدول المتوسطية، لاسيما ايطاليا ولبنان وتونس من أجل تبادل أفضل الخبرات في كل ما يتعلق بحسن إدارة التراث الثقافي.
لمشاهدة ألبوم الصور، اضغطهنا.