ليس من السهولة بمكان التحدث عن فنان عصامي انطلق من الصفر، ليحوز من بعدها على الميدالية الذهبية في برنامج "ليالي لبنان" قبل أن يصبح نجماً في عالم الأغنيات الشعبية وحاملاً بأمانة للأغنية التراثية في وقت يرزح كغيره من الفنانين تحت ثقل غياب شركات الإنتاج وضعف الرقابة الفنية وفرض الفضائيات لبدل مادي مقابل عرض الفيديو كليبات.
ربيع الأسمر، وفي حديث خاص لـ"الفن"، تحدث عن سبب إلغاء حفله مع الفنانة نورهان، أصداء أغنيته الجديدة "يا شباب الأمن العام" والانتقاد القاسي الذي تعرّض له بسببها، بالإضافة إلى تحضيراته الجديدة.
ربيع الأسمر، بعد عودتك من جولة أميركية ناجحة، ها أنت نجم المهرجانات والحفلات ما بين لبنان وسوريا. كيف تصف هذه المرحلة عملياً؟
الحمد لله نستطيع القول إنها مرحلة جيدة كما كنا نتمنى، فالمهرجانات الدولية والمحلية تغزو مختلف المناطق اللبنانية وشهدنا انطلاقة مهرجانات جديدة وعودة أخرى إلى الحياة بعد توقف قسري فرضته الظروف الأمنية. شخصياً، حفلت مفكرتي هذا الصيف بعدد كبير من المهرجانات والحفلات التي توزّعت ما بين لبنان وسوريا وكان أبرزها مهرجان طرطوس المليوني ومهرجان عين قنيا في الجنوب اللبناني والذي حضره جمهور عريض فاق عدده عدد أبناء القرية نفسها. جولتي الأميركية كانت أكثر من ناجحة وهي من تنظيم أريبيان نايت، وسأكررها بإذن الله في أميركا وكندا أوائل العام المقبل.
أحييت أكثر من حفل في سوريا أخيراً... هل بات بإمكاننا القول إن الحياة قد عادت إليها بشكل طبيعي؟
لا يُخفى على أحد أن ثمة مناطق معينة لا تزال تحت سيطرة الإرهابيين، لكنها ستحرر قريباً بإذن الله، لذلك فإن الحفلات التي تتحدثين عنها تمّت في أماكن آمنة أي في دمشق وكذلك في مشتى حلو وقد حضرها حشد كبير من الجمهور المحب للحياة والذي يستحق عودة الفرح إلى ربوع بلاده. ولا بد أن أشير هنا إلى أنه تمّ أيضاً تكريمي إلى جانب حشد من النجوم في مهرجان ضخم من تنظيم مجموعة أهل البحر في اللاذقية.
لماذا ألغي حفلك والفنانة نورهان في فندق الخيال قبل يوم واحد فقط؟
عندما عرض عليّ الصديقان عدنان ديراني وعلي شقير إحياء الحفل أبديت موافقتي الكاملة على اعتبار أنه سيكون ضخماً ومميزاً في هذا الفندق الرائع والذي سبق وأحييت فيه حفلات ضخمة عديدة، لكني فوجئت بمتعهد الحفل عدنان ديراني يعلن عن إلغاء الحفل متحدثاً بالنيابة عني في حين أن الناطق الرسمي هو مدير أعمالي أحمد مهدي أو أنا شخصياً، وكنا قبل يومين قد أعلنا عبر منبركم أننا بصدد الاستمرار في الحفل لأن هدفنا إسعاد الناس من خلال أصواتنا وأعمالنا الفنية ولم يتطرّق أحدنا أو حتى أصحاب الفندق آل مرتضى الكرام إلى موضوع التظاهرة أو المسيرة التي شهدها وسط البلد. فوجئت بمدير أعمالي يبلغني بأن عدنان قرّر إلغاء الحفل والمشاركة وزوجته الفنانة نورهان في التظاهرة، في وقت كنت قد كلّفت الأول بالمساعدة والمساهمة في العمل كوننا من منطقة واحدة ويهمنا إنجاح الحفل حتى ولو لم يكن من تنظيمنا. للأسف إتصلوا بي من الفندق وأبلغوني أن عدداً كبيراً الناس يسألون عن الحفل كون عملية الإلغاء تمّت قبل موعده بيوم واحد، ومن غير المقبول أن يلغى حفل لأن المتعهد قرّر في اللحظات الأخيرة المشاركة في التظاهرة المحددة الموعد سلفاً.
ألم يكن من الأجدر مسبقاً عدم القيام بإحياء حفلات في الليلة نفسها نظراً لما يحدث في بيروت؟
وماذا يحدث في بيروت؟ لقد مررنا بظروف أقسى وعشنا مرارة الحرب الأهلية ومع هذا حافظنا على حبنا للحياة وتمسكنا بالإرادة. لبنان منذ الأزل هو "لبنان الفرح"، وطالما أن الطوائف اللبنانية موحدة لا تهمنا الكراسي ومن يجلس عليها لأنها لن تدوم لأحد وما سيبقى بالفعل هو وحدة شعب لبنان وتمسكه بأرضه. إذا كان أحد الزعماء غير صالح أو فئة ما غير صالحة فلا شك أن الإصلاح سيطالهم عندما يكتشفون أن المحبة تربط بين الشعب اللبناني كافة. مسؤولية إسعاد الناس تقع على عاتق الفنانين ولطالما قمنا بمهمتنا على أكمل وجه من خلال إدخال الفرح إلى قلوبهم فسلاحنا هو صوتنا، كما أننا مع مطالب الشعب المحقة ومع عملية الإصلاح والتخلّص من الفساد لكن بطريقة لا توقف نشاطاتنا وأعمالنا والسياحة في بلدنا.
طرحت مؤخراً أغنية بعنوان "يا شباب الأمن العام" ، كيف تجد أصداءها اليوم؟
الحمدلله الأصداء جيدة جداً، وقد أديتها للمرة الأولى أمام الجمهور في حفلي الأخير في مطعم "كرم جدودنا" في عاليه حيث تفاعل الجميع معها بشكل مذهل .
الأغنية من كلماتي ولحني وتوزيع إيلي سابا.
أحد الزملاء الصحافيين وجّه لك وللأغنية انتقادات قاسية مشيراً إلى أن موضوعها يتعلّق بالخطف وكلماتها وضعت اعتباطاً... وقد كتبت ردّ مباشر على صفحته الخاصة. لماذا استفزّك إلى هذه الدرجة؟
لأن انتقاداته عديمة البنى وقد اتحفنا بالفعل بمزاجيته... أولاً تعمّد أن يرد إسمي في المقال بأسلوب رخيص، وهنا أذكره بأن الشحرورة صباح هي التي أطلقته عليّ. أما "يا شباب الأمن العام" فقد تفوّقت في الإذاعات عربياً وأعجبت الجماهير بلونها التراثي وهي تروي قصة حب بين شاب لبناني وفتاة سورية غادرت لبنان لسوء الظروف في بلدها وعندما انقطع الاتصال بينهما لجأ الشاب إلى مؤسسة الأمن العام، التي يفخر بها كل لبناني، للتواصل مع سوريا لتعود حبيبته إليه. كلام الأغنية يتضمّن أيضاً الدعاء لله بأن يعمّ السلام وتنتهي الحرب ويعود البلد وكل غالي بخير لكن يبدو أن هذا الموضوع أزعج الصحافي فاعتبره نوعاً من الإتجار بمشاعر الناس بداعي الشهرة التي باتت بالنسبة إلينا مرحلة تخطيناها منذ زمن، وإذا كانت توجهاته لا تتناسب مع كلمات الأغنية فلست مضطراً لتغيير مبادئي لأرضي البعض. لو كان متابعاً بحق للفن والفنانين لبارك لنا بالأغنيات التي نالت المراتب الأولى عربياً منذ عام 2005 حتى اليوم مثل "غلاك" و"يا ام احمد" و"آخد قرار" و"بنت الأكابر" ولم يتوقف عند "مستنفر" التي يسمعها في الملاهي الليلية بحسب قوله، أما إذا ما كان يخشى على مشاعر الناس فنحن من وهبنا حياتنا لإسعادهم ولمساعدتهم على نسيان أحزانهم.
إذاً الموضوع لا يتعلّق بالخطف؟
عندما وضعت كلمات الأغنية لم أكن أفكر بقضية الخطف التي هي بكل الأحوال واقع حال شاء من شاء وأبى من أبى، وليس من العار أن ألفت نظر الجمهور إلى فكرة ما ضد الإرهاب الذي نواجهه بل إنها مسؤولية كل مواطن شريف. لقد ذكرني إنزعاجه هنا بمن انزعج من موّال "صرخة ضد الأرهاب" الذي أطلقته في برنامج "بعدنا مع رابعة" وهدد بملاحقتي وقتلي وبات رأسي مطلوباً لدى الإرهابيين.
كلمات الأغنية التي لم توافق مزاجه هي باللهجة اللبنانية البحتة، والقرى اللبنانية تبقى لبنانية سواء أكانت حدودية أو لا على الرغم من أن أسلوبه بتوضيح جغرافية قرانا لم يكن عفوياً. أما بالنسبة إلى اللحن فلم أسرق أغنيات غربية أو تركية وقمت بتعريبها وادّعاء التلحين بل هو لحن جديد في روح تراث بلادنا وقد سبق أن أثبتنا للعالم بأسره أهمية التراث اللبناني.
ألا تزال الأغنيات التراثية والشعبية مطلوبة حتى في الخارج؟
طبعاً، وللتذكير فقط فقد تمّ تكريمي في البرلمان الأسترالي في مدينة سيدني كناطق بإسم تراث لبنان وجلست على كرسي الملكة إليزابيث وتسلّمت مفتاح سيدني من قبل بلدية المدينة وبضيافة رجل الأعمال غسان كركي وذلك على مدى أربعة أعوام. الأغنيات (القروية)، كما أسماها، هي تاج فوق رأس الجميع لأن التراث يستخلص من القرى والأرياف وأهم نجوم لبنان غنّوا هذه اللهجة اللبنانية الجميلة. أعدكم بأن ربيع الأسمر سيبقى يغني للبنان ولتراثه ولكل مؤسساته العسكرية ومنها شباب الأمن العام الذين رفعوا رأسنا بعزيمتهم ووطنيتهم أولاً وأخيراً.
ماذا عن تحضيراتك الجديدة؟
شاركت في فعاليات مهرجان رعية سيدة المغارة في عوكر حيث أحييت حفلاً مساء أمس السبت 5 أيلول، وسأغادر إلى ألمانيا حيث سأحيي حفلاً في مطعم نعنع في 12 أيلول مع المتعهد عادل خميس، ومن المفترض أن أحيي حفلين في ثاني وثالث أيام عيد الأضحى المبارك مساء الأربعاء 23 أيلول في فندق القادري الكبير في زحلة والخميس 24 أيلول في "بيروتي كافيه". أما على صعيد الأعمال الفنية فكنت بصدد التحضير لأغنية جديدة بهدف إصدارها خلال الفترة المقبلة لكنني أعدكم بأن أطرح ألبوماً غنائياً كاملاً يحمل روح التراث.