ممثلة محترفة ، تعلمت الأخلاق قبل التمثيل ، تعرف أن تصفق لنجاحات غيرها ، وعرفت تنجّح كل الأدوار التي جسدتها .
الممثلة تقلا شمعون تحل ضيفة على "نجوم الفن" في هذا الحوار .
منذ فترة قصيرة توفي الممثل نور الشريف وتبين لنا انه لم يعمل مع لبنانيين إلا في فيلم ناجي العلي الذي شاركته في التمثيل مع أنه صوّر كثيراً في لبنان، ماذا عرفت عن شخصيته من خلال تمثيلك معه ؟
كنت أنا ممثلة صغيرة وهو كان النجم والممثل الكبير لكن أمامه مبتدئة في التمثيل ما زالت طالبة في السنة الثانية في الجامعة، لم يتعاطَ معها على هذا الأساس بل بإحتراف عالٍ فيه من التبني ومن حب التواصل مع الممثل بغض النظر إن كان الممثل متبدئاً أو نجماً ، هذا الفنان كان كبيراً بفنه وبإنسانيته ولو لم يكن كذلك ما كان بقي فناناً مبدعاً لآخر رمق من حياته ، وبآخر فيلم في حياته "بتوقيت القاهرة" يقوم بنجاحات وإبداعات وأداء مميز .
أنا حين كنت أمثل أمامه تعلمت الكثير ، تعلّمت كيف أقوم بمقاربة للشخصية ، وفي الوقت نفسه شعرت بأني مسؤولة ليس فقط عن دوري وكذلك عن العمل ، وكم ضروري أن أبحث وأفتش وأكتب، كان طوال وقت التصوير جالساً يكتب فسألته ماذا تفعل ؟ ماذا تكتب ؟ قال لي إنني أكتب عن الشخصية، لا يتلهى ولا للحظة ودائماً متصل بالشخصية ومكنوناتها العميقة، كان يسهر كثيراً على عمله وفنه.
ماذا قال لك عن تمثيلك وما هي الملاحظة التي بقيت بذهنك منه؟
أولاً قال لي أنت ممثلة خطيرة ولك مستقبل وذكرتني بفاتن حمامة ، وكان يمزح معي دائماً وقال لي "غير معقول كم هذه العينين الصغيرتين فيهما أشياء" ودائماً كان يتغزل بي قائلاً "مع أنهما صغيرتان إلا أنهما تقولان الكثير".
وهذه مسؤولية تحملينها طوال حياتك
بالتأكيد ، وأذكر أنه دائماً كان يحمل كاميرا ، فمرة كان يصوّرني وقال لي أريد أن أعطيك ملاحظة كيف تحركي بؤبؤ عينيك، وفعلاً تعلّمت منه كيف يجب أن أحركه حين أكون أمام شاشة سينمائية وهذه أمور تقنية، فكان كريماً بعطائه وبسهره .
مع أنه سؤال متأخر ، كم كان فيلم ناجي العلي يحمل رسالة خصوصاً أنه كان يحكي عن رسام الكاريكاتير الذي توفي في ظروف معينة، وكيف عُرض عليك الدور ؟
ما حصل أن المنتج وليد الحسيني صاحب مجلة الكفاح العربي وهو مشارك في الانتاج ، كان يتابع مسرحية خضر علاء الدين وهي إعادة لمسرحية والده الراحل شوشو "آخ يا بلدنا" فانا كنت ألعب دوراً أساسياً ولفتُ نظره وقتها، فحينها اتصل بي وحدثني عن فيلم يحضّره عن رسام كاريكاتير فلسطيني إسمه ناجي العلي وقال لي :"انا شايفك بشخصية يبقى أن أترك القرار للمخرج عاطف الطيب والممثل نور الشريف"، وحين قال لي هذا الأمر صرت أرجف فتخيّلت أنني أحلم ولم أشعر بأني موجودة على الأرض ، فأنا عرفت انهم اختاروني لدور الصحافية لانني أشبهها ، وحين ذهب نور الشريف للقاء الصحافية صديقة ناجي العلي قال لي :"مش معقول شو بتشبهك" وحين تم اختياري تم بناء على الشبه، وتعرفين أنني كنت ممثلة مسرح، فخاف عاطف الطيب لأنني لم امثل أبداً في السينما، وكوني ممثلة مسرح وهذا في عام 1991 تقريباً ، قال له نور الشريف "إن بداخلها ممثلة رائعة ولن أتخلى عنها" وسأعطيها دوراً ثانياً هو دور زوجة ناجي العلي ، وحين شاهد الصحافية صديقة ناجي العلي قالي لي "تشبهينها كثيراً" وهكذا تم إختياري للدور.
كم وجدت ان هذا الفيلم يحمل قضية ليوصلها إلى الناس وكما يقول المصريون ليس حدوتة أو قصة غرام؟
معروف عن نور الشريف انه لا يخجل بأن يتباهى أو يتحدث عن قضية قومية عربية وهو شخص ملتزم ليس بمعنى أنه ينتمي إلى حزب لكنه ملتزم بفنه ، إنه كفنان يأخذ قضية ما بلا تردد خصوصاً إذا كان مؤمناً بها، وعلى الرغم من أن الفيلم مشهور جداً في مصر وأنا كنت هناك وقت الافتتاح ووقت عرض الفيلم والمؤتمر الصحفي وكان أحمد زكي رحمه الله حاضراً ويدافع بشراسة عن الفيلم ونور الشريف بقدر ما يحبه .
بماذا شعرتحين توفي نور الشريف ؟خسرنا ممثلاً كبيراً نحن العرب واللبنانيون تحديداً لأنه كان يجب لبنان كثيراً
أنا أوجه تحية للصحافة المصرية والفنانين المصريين، هل تعرفين أنهم اتصلوا بي مباشرة وأخبروني بالأمر وطلبوا مني أن أطل على الهواء على تلفزيون "On Tv" لأشارك بمداخلة عن الأستاذ نور الشريف.
بالتأكيد نحن شرف لنا كلبنانيين أنك مثلت مع نور الشريف
بقينا دائماً على تواصل ودائماً كان يقول لي "تقلا لديك مستقبل قوي وأحب أن نلتقي دائماً ، لكن بمصر لدينا عدداً كبيراً من الممثلين" ، ومؤخراً حين صار يشاهدني على محطات عربية بأفلام مشتركة إتصل بي وقال لي "أنا فرحان بيكي أوي وان شاء الله نلتقي" ، وحين كنت في مهرجان وهران بالجزائر سعدت بأنهم اختاروني كي أقدم جائزة أفضل ممثل لنور الشريف عن دوره بفيلم "بتوقيت القاهرة".
أخبرينا عن دورك الأخير في 24 قيراط إذ قدمت شخصية جديدة لم نفهمها في البداية
أنا خفت كثيراً لأن هذ الشخصية ليست تقليدية لأن لديها عالمها الخاص وصرت بحاجة لأفهم عالمها وأتبناه ليس بالحس المنطقي للامور ، لكن بحس الفرادة ، حين تكون شخصيات كثيرة موجودة حولنا تكون تعيش خارج المنطق، هكذا أرادتها كارين حنا، انها إنسانة تعيش خارج المنطق ، وكنت دائماً أتجادل معها حول جهاد وتعذبت كثيراً حتى فهمت وجهة نظرها ، وحرصاً مني في أي دور أن أفهم حين خلق الكاتب هذه الشخصية ماذا أراد منها .
وما أود قوله إنها قالت لي أن هذه الشخصية ستترك علامة استفهام وسيحبها الناس كثيراً وهكذا حدث، فلقد عشقت جيهان كثيراً وتمنيت ان تكون لها مساحة أساسية تشد قصصها ، أشعر كيف تفكر وتعيش، هكذا شخصيات في كثير من الاوقات تجعل الإنسان يرتاح ، أنا كنت أرتاح عن جهاد وكم تعذبت بالتحضير، وكنت خائفة حين كنت أقدمها ، وفي أول يوم لي لا أستطيع ان أخبرك كنت خائفة جداً لدرجة أنني لم آكل ولم أشرب ولم اتحدث مع احد لاحظ الناس أن لدي هذا القلق ، لكن لاحقاً حين تمكنت من الشخصية تأكدت ان ما حضرته واختبرته أول يوم على البلاتو أديته بشكل جيد ولاقى صدى جيداً، صار عندي متعة غير طبيعية حين كنت أؤدي شخصية "جيهان" .
تقومين بورشة عمل للطلاب مع زوجك طوني فرج الله ، أخبرينا عنها ؟
في الجامعات دائماً تأهيل الممثلين مستند إلى المسرح وهذا أمر طبيعي ويجب دائماً أن ننطلق من المسرح، وانا اعتز بهذا الامر لكن يبقى هناك خطوة ناقصة اذا لم تستكمل بكيفية الظهور على الكاميرا ما يجعل الطلاب بعيدين عن الشاشة أو يخطون خطوات ناقصة ، أنا لا أدعي أنني أملك كل شيء لكنني أستطيع أن أنقل خبرتي في التمثيل أمام الشاشة ، ونحن نعمل بالتمثيل فقط ولكن بدورات لها علاقة بالتصوير والإخراج والإضاءة وكتابة السيناريو.
ماذا تودين ان تقولي للناس عن نور الشريف قبل أن نختم مقابلتنا ؟
أود أن أقول إنه بالنسبة لي هو فنان لا يتكرر وهو مدرسة وللأسف أنا أندب هذا الزمن يا ريت نور الشريف يكون مثالاً لنا يحتذى حول كيفية العمل بهذه المهنة، وهو كان لا يهاب شيئاً حتى الموت ولا المرض، وعلى الرغم من المرض بقي يناضل وظل يعطي للنهاية، وانا أقول له فلترقد روحك بسلام "ومحل ما انت هلأ موجود بمكان خاص بمكان بيليق فيك"، لأنه بالنسبة لي الفنان هو الأقرب إلى قلب ربنا لأن الرب يحب الفن والإبداع كثيراً وبالتأكيد هو بجوار ربه ، معروف عنه انه كان يسنح الفرص للمواهب الجديدة ويحضنها وكان حريصاً دائماً على أن يجد أشخاصاً يكملون المسيرة.
ما هي مشاريعك الجديدة؟
قريباً سأدخل إلى بلاتو التصوير في مسلسل "فخامتك" ، وهناك أعمال ثانية أخبرك عنها لاحقاً حين تتوضح .