هي التي ملأت الدنيا بأرضها وسمائها حياةً، هي التي كانت في حياتها كما في مماتها رمزاً للحياة والجمال والمحبة، هي صاحبة أجمل صوت وصورة، هي التي تحولت إلى صورة نضعها في إطار مذهّب، إنها شحرورة لبنان وحلوته وجميلته إنها صباح .
صباح التي انتقلت إلى الحياة الأبدية بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أي بعد أيام قليلة من تاريخ ولادتها، وكأنها أرادت أن تجمع الموت بالحياة لتؤكد لنا أنها أسطورة لا تموت.
صباح التي غنت :"عالصورة امضيلي عالصورة وزينها بوردة صغيورة" تحولت من واقع ملموس إلى صورة جميلة على جدران لبنان الوطن الذي أحبته ورفضت مغادرته، فهاجرت إلى أميركا وعادت إلى لبنان لأنها لم تستطع الابتعاد عن بيروتها ولبنانها .
بألوان زاهية وبإبتسامتها ووجهها الجميل، أطلت الشحرورة صباح بلوحة جميلة جداً على أحد جدران منطقة الأشرفية وتحديداً في منطقة مار متر ، أطلت في رسم غرافيتي ضخم يبلغ ارتفاعه 9 أمتار ويزيد عرضه عن 12 متراً، نفذه عمر أحد اعضاء فرقة "أشكمان" للراب والغرافيتي المؤلف من عمر ومحمد قباني، مع جملة معبرة تشبه صباح :"بدي عيش للمية بس ليسموني الصبوحة".
صباح حلوة لبنان باتت تزين جدران لبنان ، وهناك لوحة غرافيتي عملاقة أخرى للشحرورة صباح في منطقة الحمرا نفّذها يزن حلواني .
صباح عاشقة الحياة حوّلت جدرات لبنان من جماد إلى حياة ، ومن ينظر في عينيها يقرأ أفكارها ويسمعها وكأنها تقول:
ألو ألو ، ألو بيروت، من فضلك يا عينيّ، عطيني بيروت عَجّل بالخط شوي"..وفي إتصالها الوهمي سألت صباح عن الصنايع ، وعن الروشة والمنارة، باب إدريس والحمرا وفرن الشباك والدورة، ولن ترتاح لتزور الأشرفية ، وها هي زارت الحمرا والأشرفية وكل المناطق اللبنانية.
وفي إتصالها من السماء إلى الارض هذا ما قالته حلوة لبنان:
كيف لبنان؟ أنا حزينة جداً على كل ما أشاهده من فوق، لماذا كل هذه النفايات التي تملأ لبنان وتحوّله من جنة الى جهنم؟ ماذا فعلتم بلبنان الذي غنّى له حبيب قلبي وديع الصافي لبنان يا قطعة سما عالارض ثاني ما الها؟
تركتكم مع أمل ضئيل بعودة لبنان كما كان منارة الشرق، لماذا لم تنتخبوا له رئيساً بعد؟ لماذا ما يزال الفراغ يسكن قصر بعبدا؟ لبنان جمهورية إلى أين ؟ مجلس نيابي مدد لنفسه ؟ أين أنتم يا لبنانيون؟ ماذا فعلتم بلبناني الجميل قلبي يؤلمني عليه، إنتفضوا ثوروا على الظلم، والظاهر أن كلمات أغنيتي" صار الهوى ملوث" تنطبق كلياً وحرفياً على وضعكم.
ومع كل هذه الآلام هناك ما أفرحني وأثلج صدري وأنا هنا في السماء أراقبكم، وكم كانت جميلة تلك المهرجانات اللبنانية التي زرعت فرحاً وأملاً في قلوب اللبنانيين الذين يعشقون الحياة، من بعلبك إلى بيت الدين مروراً ببيروت، وصولاً إلى البترون وإهمج وإهدن، وفرحاً بعودة مهرجانات الأرز هذا العام حيث وقفت بين أحضان أرز الرب وقدمت أجمل الاعمال وكان ختامها مع مسرحية العواصف التي قدمتها في العام1971، وكانت هذه المسرحية آخر العروض التي قُدمت في الارز قبل إيقاف المهرجان الذي قدمت فيه حبيبة قلبي فيروز مسرحيات "بياع الخواتم"، و"هالة والملك"، وقدم روميو لحود فيها استعراض "أحلام الارز"، ووقف عليها العملاق الراحل وديع الصافي في سهرة "منوعات".
وتابعت الشحرورة صباح في اتصالها بين السماء والأرض تقول: يا لبنان دخلك ترابك، مرحبتين مرحبتين لكل الأحباب، سلمولي على مصر وعلى كل الدول العربية، قوموا نرقص، ورقصني دخلك يا حبيبي في أرض لبنان الغالية، حسدتنا العالم حسدتنا على ضيعتنا بدادون ووادي شحرور وكل الضيع اللبنانية الجميلة، وسعيدة ليلتنا سعيدة بوجود حبيب القلب الجيش اللبناني، الذي بفضله تعلا وتتعمر يا دار".
وختمت الشحرورة اتصالها معنا بإرسال تحياتها إلى الجميع وقالت: سلمولي على الست فيروز وعلى حبيبة قلبي سميرة توفيق وعلى كل مبدعي لبنان، وسلامي إلى كلودا وجانو وجوزيف، وإلى ولديّ صباح وهويدا وإلى كل من أحبني وأحببته يوماً.
صباح أنت عربون الحب والاخلاص، أنت شعار الوطنية والوفاء، وأنت صاحبة مدرسة متفردة في حب الحياة وفعلياً كلنا صباح كلنا يردد :"بدي عيش للمية بس ليسمّوني الصبوحة".
والى هنا انقطع الاتصال مع الصبوحة،،،فنحن في لبنان وصباح تعودت على صعوبة التخابر،،ولكن طبعا اتصالنا بها كان الاجمل ولو بني على الخيال.
"لو تسأل قلبك بيقلك وبتعرف إني اشتقتلك،، بُعدك جنني يا حبيبي، ما بتسأل عني يا حبيبي، بضحك وبغني يا حبيبي وجوانح قلبي مكسورة عالصورة مضيلي عالصورة".