قبعة ترفع وإنحناءات فخر وإعتزاز لجيش دائماً ما كان السباق لرسم حدود جديدة وحياة رغيدة لكل انسان.
شرف، تضحية ووفاء، عنوان من عناوين العز والشروق، عنوان المستقبل لأبناء الغد، أناس زرعوا انفسهم في الأرض لنرتقي لحدود السماء، تكاتفوا وتضامنوا، ووصلوا الى العالم، الى جبهة فرنسية خالدة، رفعوا راية بلدهم في أعلى القمم، هناك في باريس، هناك على برج ايفل، هناك حيث كانت عقارب الساعة تدق بإنتظار الموعد المرجو، هناك حيث احتضنوا أبناء وطنهم ووطن غيرهم، هناك حين رموا رصاصة من الحنين والتضامن بين أحضان زملائهم.
دقت الساعة قبل موعدها، الا ان من رحل فيها بقي فينا، وبقي في قلوبنا، نتذكره اليوم وغداً وكل يوم، نتذكره عند حدود رميش وبين أحضانها، نبتسم له ليرانا في السماء، اننا لم ولن ننساه يوماً وسنكرر ونحتفل كل عام بذكراه، انه إبن لبنان الشهيد البطل فرنسوا الحاج.
إنطلقت فعاليات سباق التضامن الذي أقامه الجيش اللبناني والكتيبة الفرنسية في عيد الجيش، إستلم كل مجند شعلة وانطلق بها، ليزرعها في قلوب كل من كانوا يراقبونه من بعيد، يحتفلون بمرور عام جديد لحماة الوطن، لم تكن 130 كلم رقماً يستهان به أبداً خصوصاً في هذه الأجواء ، الا ان الاصرار من قبل الجيش والكتيبة الفرنسية أنسى كل شخص فيهم مرارة التعب والارهاق فقط ليسترجعوا أمجاد بلادهم ويعيدوه الى سابق عهده.
وتم اعلان مسار السباق انطلاقاً من صور مركز قيادة الجيش اللبناني جنوب الليطاني والمرور في القرى الآتية صور، العباسية، دير قانون، معروب، ارزون، صريفا، دير كيفا، برج قلاوية، قلاوية، السلطانية، تبنين، حداثا، رشاف، دبل حانين، رميش هناك حيث كانت استراحة المحارب امام تمثال اللواء الركن فرنسوا الحاج حيث تم وضع أكليل من الزهور، واستمر السباق مروراً بعيتا الشعب، البستان، الضهيرة علما الشعب، الناقورة، ثم الخط الساحلي صعودا الى صور وأخيراً داخل الاثار الرومانية.
سفيرة الكتيبة الفرنسية الممثلة داليدا خليل التي انتظرت ورافقت ورسمت بسمة على وجوه كل المشاركين، انسانة تربعت على عرش التواضع، أعطت وقتها لأشخاص يستحقون، لأشخاص احتاجوا من يدعمهم ، فكانت هي النور في ظلام عيونهم.
داليدا أكدت مع بداية السباق التضامني، أنه يهدف الى الابتعاد عن الأمور المادية والنظر في الأمور الانسانية، مشيرة الى ان كل من شارك وكل من دعم هو انسان تخطى العديد من الحواجز، ونظر بعيداً ولم يُسكن نفسه في دوامة من الأموال.
وعن الهدف الانساني الذي يحمله هذا السباق، أشارت خليل الى ان هذا السباق توافق مع عيد الجيش اللبناني والهدف الذي يحمله من أسمى الأمور وأروعها، فكافة الأموال التي تم جمعها ستعود لـ "مؤسسة الشهيد فرنسوا الحاج" و"المؤسسة الفرنسية Terre Fraternite ".
ولفتت داليدا الى ان هناك تشكيلة جديدة ستأتي (سيتم تغيير أعضاء الكتيبة) وبذلك فإن أهدافها تقوم على ما يحتاجون، والأمور التي جاؤوا ليقوموا بها.
ولم تكن داليدا لتنسى رسالة مضمونها "الله يحمي الجيش اللبناني، فوجود الجيش يجعلنا أقوياء، ولو كان لدي أخ أصغر مني لكان الآن بينهم، انهم جبابرة، واتمنى ان نمتلك الروح التي يمتلكونها".
وبعيداً عن السباق، أشارت داليدا الى ان لقب "سفيرة" وضعها بين معارف جديدة، مجتمع جديد، جعلها ترتقي لمستويات جديدة وتخوض تجربة صعبة، قائلة انها تحاول ان تستحق هذا اللقب من خلال عملها.
سفير السباق المعاون أول الجريح ترافادون، الذي لم تمنعه إصابته من نسيان روح الشباب بداخله، حيث أكمل حياته بروحه لا بجسده، إبتسم لحياة جديدة رغم صعوبتها، ضحّى بأغلى ما يملك، ليصل إلى أغلى ما يريد.
إختصر ترافادون حديثه ببسمة قائلاً "هذا يومي الرابع في لبنان، وانا فقدت ذراعي فيه عام 2009، وهذا ما دفعني لأشارك في هذا السباق ، اضافة الى الروابط الفرنسية القديمة بالجيش اللبناني وفرنسا هي أم لبنان، ولن أتردد يوماً في أن أضحي بنفسي لأجل هذا الوطن ، والثمن الذي دفعته بسيط بالنسبة للأمور الكبيرة، واللبنانيون هم من أروع الأشخاص الذين يعطون من قلبهم لدرجة أنني رأيت اليوم صديقي الذي لم أره منذ 16 عاماً ودعاني لأكون ضيفاً في منزله".
وعن إصابته، أشار الى انه خبير ألغام وتلقى الضربة التي أدت الى فقدان ذراعه، وحدوث بعض الرضوض في وجهه ، ولفت الى ان لبنان حمل دمه وهذه الروابط لا تنتهي أبداً.
ولم ينتهِ حديثنا مع بطل من أبطال السباق من دون الاحساس بشعوره، حيث أكد ان هذا السباق من أروع الأمور التي حدثت في حياته، مشيراً الى ان هذا السباق سيجعل ايام الجرحى أروع بكثير، ولذلك سيتوجه الى فرنسا والبسمة لن تفارق وجهه.
القائد والقدوة، من وضع حياته على كفه ليرتقي بجيل جديد، إنه العميد أبو خليل ، الذي تولّى حماية قطاع جنوب الليطاني في الجنوب، الذي حمى وطنه بدمه، وشارك فرحاً برؤية أصدقاء الدرب قد تعافوا.
أكد أبو خليل ان هذه الخطوة ما هي الا بداية للتطور الذي سيشهده لبنان خلال الفترة المقبلة، مشيراً الى ان هذا السباق ما هو الا بداية لخارطة جديدة من التعاون.
رئيس الأركان باليونيفل الجنرال غريمر ، لفت الى اننا متحمسون جداً لهذه العلاقة، وان هذا الامر بسيط جداً، ونحن سعداء جداً لأن هذا المكان شهد على العديد من الأمور التي جمعت بين فرنسا ولبنان ولنرى ان هذه الامور لم ولن تنتهي.
وعند الوصول الى قلعة صور الأثرية تلقى الجيش اللبناني والكتيبة الفرنسية التهنئة على الانجاز الذي حققاه ضمن هذا السباق، وعلى وقع انغام موسيقية خاصة بالجيش، وبوجود العديد من الحضور الذين صفقوا لهم.
وختامها مسك، مع زوجة الشهيد اللواء فرنسوا الحاج، التي حملت رسالة زوجها نحو العالم، الى قلب كل انسان، اجتاحت بتواضعها قلب من عرفها من دون إستئذان ، إنها السيدة لودي الحاج.
توجهت الحاج بالتحية الى كل شهداء الجيش اللبناني. وكانت لها كلمة خاصة زرعت في صدور محبيها وردة مفعمة بالأمل والحياة حيث قالت "يسعدني ان أقف بينكم اليوم في هذه المناسبة الغالية سباق التضامن الحدث الرياضي الذي يشارك فيه عداؤون لبنانيون وفرنسيون تعبيرا عن التضامن مع الجنود الجرحى الذين اصيبوا اثناء تنفيذ العمليات العسكرية وعائلاتهم".
وأضافت "التضامن مع جرحى القوات المسلحة هو تضامن مع كامل القوات المسلحة وتعبير صادق عن التقدير الكبير الذي يكنه الناس لهذه القوات نظراً لاهمية الدور الذي تؤديه في حماية الوطن والمواطن أكانت القوات المسلحة اللبنانية او قوات الامم المتحدة اليونيفيل".
وتابعت :"هذا السباق الذي صار تقليداً سنوياً والذي تناوب عليه اليوم عداؤون فرنسيون ولبنانيون قد وضع شراكة بين مؤسسة اللواء فرنسوا الحاج والمؤسسة الفرنسية Terre Fraternite، ما كان هذا الحدث المهم ليتحقق لولا الجهود التي بذلها المنظمون من الجيشين اللبناني ووحدة الجيش الفرنسي في قوات اليونفيل والدعم المطلق والرعاية الكبيرة من قيادة الجيش وعلى رأسها العماد جان قهوجي وتعاون قيادة اليونيفيل ، وشكراً لقوات الامم المتحدة في لبنان وشكر خاص للعميد أبو خليل قائد قطاع جنوب الليطاني ولقائد الوحدة الفرنسية العقيد لوران هازار وراعية السباق الممثلة اللبنانية داليدا خليل ورئيس وأعضاء قريتي رميش والمعاون اول ترافادون وكافة القيمين على هذا النشاط الذي نأمل ان يبقى علامة مميزة للوفاء تجاه الجرحى العسكريين وعائلاتهم ومساحة تلاقي بين الجيشين الفرنسي واللبناني وأبناء هذا الوطن وخصوصاً أبناء الجنوب الذين يقدرون عالياً ما تقوم به الوحدات العسكرية من دور كبير في سبيل استقرار الجنوب ونموّه وراحة أهله".
وختمت :"سيبقى التضامن شعارنا وسيبقى السباق نحو تحقيق الخير العام، ننحني إجلالاً امام الشهداء وعائلاتهم ونحيي الجرحى وعائلاتهم من الجيشين اللبناني والفرنسي ، وشكراً لكم جميعاً على جهودكم ، والى اللقاء".