بعد 50 عاماً من التوقف، عادت مهرجانات الأرز الدولية إلى الحياة وانضمت إلى لائحة المهرجانات اللبنانية التي أصبحت محطة سنوية ينتظرها اللبنانيون والعرب والاجانب. وتحت شعار "لغة الروح" انطلقت دورة المهرجان للعام 2015 بحفلات فنية لبنانية بإمتياز يحييها وائل كفوري واليسا وميشال فاضل، الأب خليل رحمة وعبير نعمة، فريق "ما في متلو" وفريق "من الآخر"، نجوى كرم وجوزيف عطية.
ويبدو ان عودة هذا المهرجان تحديداً كانت محط انظار كثيرين من أهل السياسة والاعلام والمجتمع. وقد شهد حفل الافتتاح يوم السبت 1 آب 2015 حضوراً سياسياً بارزاً واعلامياً كبيراً وجماهيرياً ضخماً وفنياً خجولا.
ستريدا جعجع: مهرجان الأرز يلاقي أشقاءَه المهرجانات اللبنانية
حرصت رئيسة المهرجان النائب سيتريدا جعجع على ان تكون هذه المناسبة مميزة جداً أكان لناحية المسرح أو التنظيم أو الفنانين أو الاجواء. وقالت جعجع في كلمة ألقتها في بداية المناسبة :" ... بعد خمسينَ عاماً على توقّف مهرجانات الأرزِ الدولية، نقفُ اليومَ كما الأرز، بالعزّةِ نفسِها والإصرارِ نفسه راسخينَ في الأرضِ كما جذورُه، منفتحين على أرجاء الوطن كما شلوحُه، مرفوعي الرأسِ نحو السماء كما أغصانُه، لنؤكِّدَ أننا أبناءُ الحياة ...".
وتابعت: " ... أجل، بعد حوالى نصفِ قرنٍ على توقفِها القَسري، نعيدُ اليومَ إطلاقَ مهرجانات الأرز الدولية، ربما تأخرنا في إحياء هذا الحدث، لكن السبب، وقبل نجاحِنا في تمثيل هذه المنطقة في لعام 2005، هو أن الدولةَ كانت غائبةً بل مغيّبة كُلياً عنها، وأهلُها كانوا معاقَبِين اقتصادياً وإنمائياً وسياحياً وسياسياً، بحُجَّة انتمائِها للخط اللبناني السيادي. ومنذ تولينا المسؤولية قبلَ عشرةِ أعوام، انطلقنا في العمل من تحتِ الصفر، مركِّزِين كأولوية على البُنى التحتية، وإلا لما كانت هذه المنطقة اليوم مهيأةً لمثل هذا الحدث ...".
وأضافت:" ... وقد أصرَرنا على إطلاق المهرجان في الأوّل من آب، في عيدِ الجيش، لنؤكّدَ، وعلى رُغمِ الظروفِ الصعبة والتضحيات الغالية التي يقدمُها جيشُنا البطل على دورِه الأساسي في حمايةِ الوطن والدولة، ولأنحني باسمِ الجميعِ هنا امام أرواحِ شهداءِ الجيش التي لا بدَّ أنها ترفرفُ بين شلوحِ الأرز في هذه الأمسية، فكلُّ التوفيقِ لكم في رسالةِ الدفاع عن لبنان. الجيش اللبناني وحدَه حامي الحِمى وحامي الأرزة، كيف لا، وهي التي تتصدّرُ شعارَه وتتوسّطُ العلمَ اللبناني رمزاً لسيادتِنا وحريتنا ...".
وختمت جعجع:" ... لا بد أن أشيرَ إلى أن هذا المهرجان يلاقي أشقاءَه المهرجانات اللبنانية، من صور وبيت الدين وبعلبك وبيروت، إلى بيبلوس والبترون وجونيه وطبعاً إهدن، لنُحيِي مع جميع اللبنانيين مواسمَ الفرح. وإننا،إذ نستذكرُ كِباراً رحلوا وكانت لهم بصماتٌ لا تُنسى في مهرجانات الأرز، من عاصي ومنصور الرحباني ونصري شمس الدين وصباح ووديع الصافي إلى سعيد عقل، أردنا العودة اليوم لإحياء هذه المهرجانات بانطلاقةٍ وطنية لبنانية مع الفنانين اللبنانيين، تمهيداً لاغنائها بنجوم عالميين اعتباراً من العام المقبل وعلى مدى السنوات الآتية ان شاء الله، والآن، باسمِكم جميعاً، وبعد انتظارِ نحو خمسينَ عاماً، لهذه اللحظة-الحدث، أعلن بكل فرحٍ واعتزاز افتتاحَ مهرجاناتِ الأرز الدولية 2015 ...".
بداية المهرجان مؤثرة ومبهرة
ومع اعلان افتتاح المهرجان كان الجمهور الحاضر على موعد مع عرض مميز للألعاب النارية لمدة 7 دقائق متناغمة مع موسيقى أغنية "الحق ما بيموت" للفنان جوزف عطية أعدها المنتج الموسيقي طوني قليعاني وأعاد توزيعها على طريقة الـ Techno.
البداية الفنية، كانت بلوحة راقصة من تصميم الفنان سامي الحاج، أداها عشرون راقصاً وراقصة، على موسيقى مجموعة أغاني للمؤلّف الموسيقي ميشال فاضل تحيةً لكبار رحلوا أمثال صباح، وديع الصافي، سعيد عقل وجبران خليل جبران.
ثم عُرض وثائقي مؤثر عن جبّة بشري من كتابة الشاعر انطوان مالك طوق وإخراج ميلاد الخوري طوق بصوت الفنان جوزف بو نصّار وموسيقى زاد ملتقى.
ميشال فاضل يتألق في دقائق
عزف الفنان الموسيقي ميشال فاضل أربع الحان لأغانٍ شهيرة وهي "ليالينا"، "انت عمري"، "بتونس بيك"، "تعلا وتتعمر يا دار". وقد لاقى فاضل تفاعلاً كبيراً من الجمهور الذي كان يستمتع بالموسيقى والعزف.
ولكن لا بد من الاشارة إلى أن فناناً كـ ميشال فاضل، أحيا سابقاً وبمفرده مهرجانات كثيرة، كانت يستحق المزيد من الوقت في برنامج الحفل. فميشال فنان لبناني متميّز وموسيقي مبدع لا يقل شأناً أبداً عن اهم نجوم الفن في وطننا. وربما ظلم ميشال بوضعه مع وائل واليسا في نفس الليلة عزف خلالها لدقائق.
اليسا تتوتر .. فتتعثّر
إطلالة ملكة الاحساس اليسا في مهرجان الأرز كانت منتظرة خصوصاً بعد التقدم الكبير الذي حققته في غنائها المباشر على المسرح واطلالتها بشكل عام. ولكن اليسا، التي لم تكن في أفضل حالتها النفسية في الكواليس، فاجأت الجميع بالفقرة الغنائية التي قدمتها والتي ،بكل مصداقية، لم تكن موفقة أبداً.
اليسا اختارت أن تقدّم في هذه الأمسية 14 أغنية منوعة بين أغانيها الخاصة "أسعد وحدة، بتمون، لو، عبالي حبيبي، عيشالك، يا مرايتي، حالة حب"، كما قدمت مجموعة من الأغاني القديمة ،التي جددت البعض منها "حلوة يا بلدي، موطني، خدني معك، لو فيي، أول مرة، لولا الملامة، طب وأنا مالي".
اليسا بدت منزعجة منذ اعتلائها المسرح، ما أثّر بشكل كبير على ادائها. اختيار الأغاني أثار استغراب الحضور. لماذا اختارت اليسا أغنية "حلوة يا بلدي" و نشيد "موطني" ولم تغنّ اغنية وطنية لبنانية ؟ لماذا اختارت اليسا اغانٍ بمعظمها ايقاعها بطيء وهادئ بينما تملك في ارشيفها اغانٍ حماسية وايقاعية؟
في كل الأغاني التي قدمتها ، الخاصة والقديمة، نسيت اليسا بعض الكلمات وخرجت مراراً عن ايقاع. اليسا هي التي اختارت هذه الأغاني والمفروض انها تمرنت عليها خصوصاً انها لم تقدم أي أغنية "تحت تأثير طلب الجمهور".
حاولت اليسا أن تتماسك كل الحفلة وان تخفي التوتر والانزعاج، فكانت تتحدث للجمهور بين الحين والآخر، حتى أنها نصحت جعجع بإنتخاب رئيس جديد "طالما النصاب موجود"، في اشارة منها إلى وجود ممثلين عن معظم الكتل السياسية اللبنانية.
اما الموقف الأكثر إحراجاً لاليسا، فكان في نهاية وصلتها عندما همت بالمغادرة وشكرت رئيس حزب القوات اللبنانية ونسيت اسم زوجته ورئيسة مهرجانات الأرز ستريدا جعجع، حيث قالت :" شكراً د. جعجع وشكرا (تصمت) سعادة النائب".
وائل كفوري ينقذ حفل الافتتاح
وائل كفوري اعاد الحياة إلى المهرجان وصحح –اذا صحّ التعبير- مسار الحفلة. اطل "الملك" على المسرح في تحية للجيش اللبناني مؤدياً أغنيته "شرّع قلبك".
ثم انهال على الجمهور بالمواويل والأغاني التي نعشقها منها القديم :"شو رأيك، يا هوا روح وقلو، بدي ياك، حكم القلب، لو حبنا غلطة، ما وعدتك بنجوم الليل" ومنها الجديد "صار الحكي، يا ضلي يا روحي، الغرام المستحيل".
أشعل حضور وائل كفوري الآسر المدرجات التي اهتزّت رقصاً على انغام أغنياته التي رددها معه الجمهور، فوقفنا نصفّق ونرقص منذ ان اعتلى كفوري المسرح وحتى ختم فقرته على أنغام "راجع يتعمر لبنان" .
حتى ان وائل استطاع أن يكسر القواعد ودفع بالسياسيين وبحضور الصف الأول إلى الوقوف والرقص و"الدبكة" فشاهدنا رئيس حزب القوات يرقص ويصفق ويغني كما رئيسة المهرجانات.
سلسلة النجاحات التي يحققها الفنان وائل كفوري ليست إلا ثمار جهده وتعبه. وهو أثبت انه نجم لبناني وعربي أول.
متفرقات وكواليس
قدّم الحلفة الزميل وسام بريدي وكانت مداخلاته قصيرة ومعبرة وكافية.
الحلفة نقلت مباشرة على شاشة MTV وتحت ادارة المخرج باسم كريستو.
المسرح نال اعجاب الجمهور خصوصاً انه ضخم ومميز على شكل أرزة.
حضرت الفنانة سيرين عبد النور الحفلة برفقة زوجها فريد رحمة.
استغرب الحضور اختيار أغنية الفنان جوزيف عطية "لبنان رح يرجع" اثناء افتتاح المهرجان بالمفرقعات وليس أغنية وطنية أخرى. وهنا طبعاً لا نقلل من شأن جوزيف ولكن نسأل لماذا لم تختَر ادارة المهرجان أغنية لكبار الفنانين اللبنانيين مثل وديع الصافي أو صباح أو فيروز.
مواقع التواصل الاجتماعي شهدت هجوماً كبيراً على الفنانة اليسا، حيث استغرب البعض كيف يتم اختيارها لمهرجان الأرز الذي استقبل قبل 50 سنة الأخوين الرحباني، فيلمون وهبي، صباح وفيروز وغيرهم.
وقت الحلفة كان طويلاً جداً وكان بالامكان الاختصار.
حُكي كثيراً عن نفاذ البطاقات لهذا الحفل بينما شاهدنا مقاعد فارغة بين الجمهور، وربما يعود السبب إلى نقل الحفلة مباشرة عبر MTV.