"لنتذكر"نعيد من خلالها نشر لقاءات ومقالات بقلم الزميلة الراحلة رنا بو رسلان شوي .
هو النجم الذي ترك بعد رحيله أهم الأعمال السينمائية في مصر وأغنى المكتبة السينمائية المصرية بالعديد من الأفلام التي إمتزجت بالأدوار الرومانسية والأدوار الاسلامية عبر الشاشة الفضية.
هو أحد الأوائل الذين شكلّوا لبنة في الأعمال السينمائية الاسلامية. إستطاع من خلال ما يملكه من ثقافة سينمائية وموهبة أثارت إعجاب مخرج الروائع السينمائية حسن الإمام الذي قال عنه: "إن السينما المصرية قامت على اكتاف نجوم الروّاد في مطالع الخمسينيات أمثال: عماد حمدي، محسن سرحان، شكري سرحان، كمال الشناوي وغيرهم من جيل الروّاد في زمن الأبيض والأسود. ويأتي يحيى شاهين في المقدمة".
وفي ذكرى رحيله تسلّط النشرة الفنية محطّات مضيئة في مشوار يحيى شاهين السينمائي وما قدّمه من أعمال ما زالت عالقة في وجدان الجمهور العربي.
ولد يحيى حسن شاهين في 28 تموز 1917 في جزيرة مية عقبة بمحافظة الجيزةـ تلقى دراسته الابتدائيه في مدرسة عابدين. بدت عليه موهبة التمثيل هناك حيث اشترك في فريق التمثيل بالمدرسة حينها ظهرت موهبته. ولم يمضي الا القليل حتى ترأس فريق التمثيل في المدرسة. التحق بعدها بمدرسة العباسية الصناعية حيث نال دبلوم الفنون التطبيقية قسم (نسيج) عام 1933 وحصل على شهادة دبلوم الفنون التطبيقيه قسم النسيج من مدرسة العباسية الصناعية. ثم حصل على بكالوريوس في هندسة النسيج.
ودارت الأيام، وعيّن بعدها في شركة مصر للغزل والنسيج بالمحله الكبرى. ولكن شغفه بالتمثيل وموهبته دفعتاه إلى التباطأ في تنفيذ التعيين والانضمام إلى جمعية هواة التمثيل حتى سنحت له الفرصة والتقى برائد السينما الكويميدية أستاذه بشارة واكيم وأدمون تويما والذي كان مديرا للمسرح في دار الأوبرا الملكية وقد أعجب بموهبة يحيى شاهين واقترح عليه ان يتقدم إلى الفرقة القومية للتمثيل التي تطلب وجوها جديدة من الشباب.
غير ان فرص التمثيل على المسرح لم تتحقق لموسم كامل مما اقلق يحيى شاهين إلى ان بلّغ ان الممثله فاطمة رشدي تكوّن فرقة جديدة وانها بحاجة إلى (جان بريميه) فتقدم بالاداء واعجبت جدا بتمثيله فاختارته لدور الفتى الأول في فرقتها خليفة لفتاها الأول أحمد علام الذي انضم إلى الفرقة القومية التي قد تركها . وهنا بدأت رحلة الألف ميل في حياة النجم المصري يحيى شاهين.
قدم شاهين العديد من الأعمال المسرحية منها أوبيريت "مجنون ليلى" "روميو وجولييت" وختم حياته المسرحية بمسرحية "مرتفعات ويذيرينج"، حيث تفرّغ تماماً للسينما عام 1946 بعد ان فتحت له نافذة السينما ليحقق فيها اضعاف امجاده المسرحية.
اول ظهور له كان في فيلم "لو كنت غني" بدور هامشي وسرعان ما سطع نجمه والتفتت الانظار له ولعب دور البطولة امام كوكب الشرق ام كلثوم في "سلامه". قام بعدة اعمال تلفزونية أهمها "شارع الموردي والطاحونه". كما قام بانتاج بعض الافلام فى شركته.
جسد دور المسلم المثالي فى افلام دينية وعصرية عديدة وحصل على العديد من الجوائز عن افلامه مثل:"جعلوني مجرما" "نساء فى حياتي" "ارحم دموعي".
شخصية سي السيد " أحمد عبد الجواد " كانت من أهم وأجمل الشخصيات التي أبدعها الكاتب الكبير " نجيب محفوظ " في ثلاثيته الشهيرة. وعندما قرر المخرج " حسن الإمام " تحويلها إلى ثلاثية سينمائية لم يتردد في إسناد هذا الدور الهام والممتد على مدار ثلاثة أجزاء بأحاسيس متباينة إلى النجم " يـحـيي شـاهين " الذي لمع في هذا الدور بشكل كبير، فقدم " بين القصرين " عام 1964 ثم " قصر الشوق " عام 1967 ثم " السكرية " عام 1973.
وهكذا نجح " يـحـيي شـاهين " في أصعب اختبار تعرّض له منذ أن احترف التمثيل عام 1935 بعد محاولات مسرحية عديدة.
نجح شاهين أيضاً فى اداء شخصية الرجل الورع فى افلام معاصرة وتاريخية. كما نجح فى اداء شخصية البرجوازى النبيل فى افلام اخرى وقد ساعده فى ذلك وسامته وصوته المميز. ونجح فى اداء شخصية الاب الطاغية فى فيلم "رجل بلا قلب" و"تفاحة ادم".
نال الفنان الراحل عدة جوائز منها الجائزة الأولى عن دوره في فيلم "ارحم دموعي" والثانية عن فيلم "جعلوني مجرما". كما حصل على شهادة تقدير عن فيلم "نساء في حياتي" من مؤتمر فينيسيا الدولي والجائزة التقديرية الذهبيهة من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية. وفاز أيضاً بوسام العلوم والفنون في المرتبة الأولى كمهندس تطبيقي سنة 1980 وحصل على شهادة تقدير من مهرجان القاهرة الدولي سنة 1987 .
هذا بالاضافة الى حصوله على جائزة مهرجان القاهرة السينمائي وجائزة غرف السينما سنة 1989. قدّم له أيضاً الرئيس جمال عبد الناصر وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة. كما حصل على درع السويس ودرع اسوان وشهادة تقدير وتفوق للرواد للسينيمائيين سنة 1993 من جريدة الاهرام المسائي عن أعماله السينمائية. توفي يحيى شاهين ( 18 آذار) 1994.
وهكذا تمرّ ذكرى يحيى شاهين السادسة عشرة، وهو الذي جسّد اصعب الأدوار في تاريخ الصناعة السينمائية المصرية في عصرها الذهبي مع رفاق له.
يبقى القول أن صورة يحيى شاهين ستبقى حيّة في قلوب عشاقه.