"لنتذكر"نعيد من خلالها نشر لقاءات ومقالات بقلم الزميلة الراحلة رنا بو رسلان شوي .
هو أحد روّاد المسرح الكوميدي في مصر مع جيل فنّي عرف بصنّاع الفرح في مطالع الثلاثينيات حتى أواخر الستينيات.
شكّل المونولوجست إسماعيل مع رفيق دربه الفنان الكوميدي أبو السعود الأبياري ثنائياً فنياً مميزاً وكان شريكاً له في ملهى بديعة مصابني.
هو أحد مداميك الكوميديا ونجم من نجوم الاستعراض المسرحي المصري لأكثر من نصف قرن. وظلّ حتى أواخر أيامه من المبدعين النادرين الأوئل.
وعلى الرغم من أنه لم يكن يتمتع بالوسامة والجمال، إلا أنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير عندما كان يطل على الجماهير ساخراً من شكله وكبر فمـه في معظم أعماله. فاستطاع أن يقفز للصفوف الأولى وأن يحجز مكانا بارزا مما سعى المنتجين للتعاقد معه على أفلام جديدة وأصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة.
ولد أسطورة الكوميديا المصرية إسماعيل ياسين في 15 أيلول عام 1912، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال في شارع عباس بمدينة السويس، وتوفيت والدته وهو لا يزال طفلا يافعا.
التحق الصغير إسماعيل بأحد الكتاتيب، ثم تابع في مدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائي. عندما أفلس محل الصاغة الخاص بوالده نتيجة لسوء إنفاقه ثم دخل والده السجن لتراكم الديون عليه، اضطر الفتى للعمل مناديا أمام محل لبيع الأقمشة، فقد كان عليه أن يتحمل مسؤولية نفسه منذ صغره. ثم أضطر إلى هجر المنزل خوفا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
كان إسماعيل ياسين يعشق أغنيات الموسيقار محمد عبد الوهاب ويرددها منذ نعومة أظافره، ويحلم بأن يكون مطربا منافسا له.
عندما بلغ من العمر 17 عاما اتجه إلى القاهرة في بداية الثلاثيينات حيث عمل صبيا في أحد المقاهي بشارع محمد على وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية. ثم التحق بالعمل مع الأسطى "نوسة"، والتي كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت. ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولا.
ثم عاد يفكر مرة ثانية في تحقيق حلمه الفني فذهب إلى بديعة مصابني، بعد أن اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدي الكبير أبو السعود الإبياري والذي كون معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له في ملهى بديعة مصابني ثم في السينما والمسرح, وهو الذي رشحه لبديعة مصابني لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم إلى فرقتها ليلقي المونولوجات في ملهى بديعة مصابني.
استطاع إسماعيل يس أن ينجح في فن المونولوج، وظل عشر سنوات من عام 1935- 1945 متألقا في هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج في الإذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملا أجر التأليف والتلحين, والذي كان يقوم بتأليفه دائماً توأمه الفني أبو السعود الإبياري.
وفي عام 1939 كان بداية دخوله السينما، عندما اختاره فؤاد الجزايرلي ليشترك في فيلم (خلف الحبايب). وقدم العديد من الأفلام لعب فيها الدور الثاني من أشهرها في تلك الفترة (علي بابا والأربعين حرامي) و(نور الدين والبحارة الثلاثة) و(القلب له واحد). وقد قدم إسماعيل ياسين أكثر من 482 فيلم في حياته.
في عام 1945 جذبت موهبة إسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي فاستعان به في معظم أفلامه، ثم أنتج له عام 1949 أول بطولة مطلقة في فيلم (الناصح) أمام الوجه الجديد ماجدة.
استطاع ياسين أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، وكانت أعوام 52 و 53 و54 عصره الذهبي، حيث مثل 16 فيلما في العام الواحد وهذا لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر.
تزوج إسماعيل ياسين 3 مرات، ولم ينجب غير ولد واحد هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين من زوجته الأخيرة السيدة فوزية.
وفي عام 1954 ساهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه بشراكة توأمه الفني وشريك مشواره الفني المؤلف الكبير أبو السعود الإبياري، وظلت هذه الفرقة تعمل على مدي 12 عاما حتى 1966 قدم خلالها ما يزيد علي 50 مسرحية بشكل شبه يومي من تأليف أبو السعود الإبياري.
بداية من عام 1955 كون هو وتوأمه الفني أبو السعود الإبياري مع المخرج فطين عبد الوهاب ثلاثياً من أهم الثلاثيات في تاريخ السينما المصرية وتاريخ إسماعيل ياسين وأبو السعود الإبياري أيضاً فقد عملوا معاً في أفلام عديدة.
ويذكر أن 30% من الأفلام التي قدمها نجم الكوميديا كان وراءها المخرج فطين عبد الوهاب، وكانت تحمل أغلبها اسم إسماعيل ياسين، حيث انتجت له الأفلام باسمه بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام إسماعيل ياسين في متحف الشمع - إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة - إسماعيل ياسين في الجيش - إسماعيل ياسين في البوليس - إسماعيل ياسين في الطيران - إسماعيل ياسين في البحرية - إسماعيل ياسين في مستشفي المجانين - إسماعيل ياسين طرزان - إسماعيل ياسين للبيع, والتي كان معظمها من تأليف أبو السعود الإبياري.
التقت شاديه بإسماعيل ياسين في حوالى 23 فيلما ما بين عامي 1949 و 1954 بمعدل لا يقل عن 3 أفلام في العام الواحد. وكان أول لقاء بينهما في فيلم (كلام الناس) ثم التقيا مره أخرى في فيلم (صاحبه الملاليم) وكان لنجاحهما معا أكبر الأثر مما جعل المنتجين والمخرجين يجمعون بينهما. فكان لإسماعيل ياسين دورا بارزا في أفلام شاديه حتى ولو لم يكن هو البطل الرئيسي للفيلم.
ومن الأفلام التي جمعتهما في "الهوا سوا" و"حماتي قنبلة ذريه" و"مغامرات إسماعيل يس" و"الظلم حرام" و"الحقوني بالمأذون" ويعتبر فيلم "الستات ما يعرفوش يكذبوا" آخر فيلم جمع بينهما عام 1954 بالاشتراك مع شكري سرحان وزينات صدقي.
مثّل إسماعيل يس مع الكثير من الممثلين والمطربين فقد قضى مدة طويلة في دور الرجل الثاني أو مساند البطل حتى واتته الفرصه فأصبح بطلاً وقام ببطولة الكثير من الأفلام إلتي تبدأ باسمه وقد شاركه في أكثر هذه الأفلام أصدقاء عمره (رياض القصبجي، زينات صدقي، حسن فايق، عبد الفتاح القصري، عبد السلام النابلسي).
ساهم إسماعيل ياسين في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه وظلت هذه الفرقة تعمل علي مدى 12 عاما من عام 1954 حتى عام 1966 قدم خلالها مايزيد على خمسين مسرحية بشكل شبه يومي.
رغم النجاح الساحق الذي حققه إسماعيل ياسين، خصوصاً فترة الخمسينيات، لكن مسيرته الفنية تعثرت في العقد الأخير من حياته. فقد شهد عام 1961 انحسار الأضواء عن إسماعيل يس تدريجيا؛ فبعد أن كان يقدم أكثر من عشرة أفلام في العام الواحد قدم فيلمين فقط هما (زوج بالإيجار) و(الترجمان) وفي العام الذي يليه قدم (ملك البترول) و(الفرسان الثلاثة) و(انسى الدنيا) ثم في الفترة من 1963 إلى 1965 لم يقدم سوى فلمين هما (المجانين في نعيم) و(العقل والمال).
ويقال إن انحسار الأضواء عنه يرجع إلى مرض أصابه وابتعاده عن الساحة الفنية في مرحلة تحول على الساحة الفنية. وتدخل الدولة في الإنتاج الفني في فترة الستينيات وإنشاء مسرح التليفزيون وابتعاده عن تقديم المونولوج في اعماله الأخيرة والذي كان يجذب الجمهور إلى فنه.
لم يكن ياسين من المقربين من المسؤولين في الحكومة، فقد فوجيء بتراكم الضرائب عليه وأصبح بين عشية وضحاها مطاردا بالديون وحجز على العمارة التي بناها بكفاح عمرة لتباع امام عينه ويخرج من رحلة كفاحه الطويله خالي الوفاض فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة منها (فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء) وعمل مرة اخرى كمطرب للمنولوج كما بدا ثم عاد إلى مصر محطما كسيرا وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل ولم يرحمه أحد أو يقدرة أحد، وبدون مقدمات.
وبينما كان الرئيس السادات يفكر في تكريم هذه القيمة الفنية غير المسبوقة في تاريخ الفن المصري الشريف فقد وافت نجمنا المنيه في 24 أيار 1972 إثر أزمة قلبية حادة قبل أن يستكمل تمثيل دوره الأخير والصغير في فيلم بطولة نور الشريف ولذلك كان يسمى (بالمضحك الحزين) فرغم أن أكثر افلامه كوميدية ومضحكة الا انه كان يعيش حزينا خصوصاً اخر ايام عمره.
في رمضان 2009 عرض مسلسل عن إسماعيل ياسين تناول مسيرته وإبداعاته تحت (أبو ضحكة جنان) بطولة النجم أشرف عبد الباقي.رحل إسماعيل ياسين ومازال صدى إبتسامته الساخرة تصدح في آذان ملايين الملايين من الذين أحبوه وعشقوا أعماله الخالدة.