منحت الجامعة الأميركية في بيروت اليوم 29 أيار 2015، شهادة الدكتوراه الفخرية لمتميّزَين اثنين قدّما مساهمات راسخة للفنون، والقضايا الإنسانية، والحفاظ على البيئة وعلى الإرث الثقافي.
وقد أقيم الاحتفال عند الثامنة مساء اليوم على الملعب الأخضر الكبير في الجامعة، ضمن احتفال التخرج السنوي السادس والأربعين بعد المئة لمنح الدرجات العلمية وتوزيع الشهادات. ومُنحت خلاله اليوم شهادات الدراسات العليا إلى 535 طالب وطالبة في الدراسات العليا، من بينهم 12 مرشحا للدكتوراه و 84 دكتور في الطب. وغداً في اليوم الثاني من الاحتفال، ستُمنح شهادات البكالوريوس.
والمتميّزَين اللذين كرّما اليوم هما المصري اسماعيل سراج الدين، الناشط الانساني والكاتب والمفكّر، والأميركي بيتر سيلرز، وهو مخرج أوبرالي ومسرحي وسينمائي عالمي. وقد أنيط بسيلرز إلقاء الخطاب الرئيسي في تخرج طلاب الدراسات العليا اليوم.
وقد نال سراج الدين وسيلرز الدكتوراه الفخرية إقراراً من الجامعة بالتأثير المستمر لعملهما ومساهماتهما التي وسّعت آفاق المعرفة بالأبحاث، وجهودهما لإثراء نوعية الحياة في المنطقة وحول العالم.
وكانت الجامعة بدأت منح الدكتوراه الفخرية في العام 1890، لكنها توقفت عن ذلك في العام 1969. وفي العام 2003 عاودت منح الدكتوراه الفخرية.
وقد بدأ احتفال اليوم بدخول موكب الأساتذة والأمناء بزيّهم الأكاديمي وبقيادة كبيرة منسّقي الاحتفال الدكتورة هدى زريق التي افتتحت الاحتفال واختتمته.
وقد حضر الاحتفال عدد من الشخصيات بينها أعضاء في مجلس أمناء الجامعة.
وقال الرئيس بيتر دورمان مرحباً بالحضور: "جامعتنا هي مجتمع من الأفراد والجماعات غير العادية، وجميعهم مخلصون بشغف للجامعة ونجاحها وازدهارها المستمر. إن جامعتنا تبقى واحدة من أنجح التجارب الفذّة في مجال التعليم في منطقة الشرق الأوسط منذ قرن ونصف". وأضاف: "إننا نتشارك الطموحات والقيم التي تربط بيننا".
وقال دورمان أيضاً: "السعي وراء قيم مثل حرية التعبير وتقبّل مختلف الآراء والضنّ بكرامة كل إنسان، هو سعيٌ أسهل في مساحة محمية مثل الحرم الجامعي، ولكنه سعيٌ صعب خارج أسوار الجامعة، خصوصاً في وقت تعاني فيه منطقتنا من استمرار العنف. " وقال مخاطباً المتخرجين: "ستصبحون في حياتكم الراشدة الجديدة سفراء للجامعة ولقيمها الأساسية التي نثمّنها عالياً".
ثم قدّم دورمان الخطيب الطالب بلال الرجوب، المتخرج مع درجة الماجيستر في علوم التمريض والذي قال نيابة عن زملائه: "إنني متأكّد أنه من دون تجربة التعلّم الخاصة والثمينة في الجامعة الأميركية في بيروت، لكانت حياتي اختلفت تماما". وأردف: "شكراً يا جامعتي لأنك منحتيني التصميم، والثقة بالنفس، والعزيمة، والالتزام، والشغف. شكرا لك على منحي الفرصة لخوض هذه التجربة ".
بعد ذلك تكلمت المتخرجة بترا سماحة، الحائزة على الماجيستر في التصميم المُدُني، ودعت زملاءها إلى التفكير فيما خبروه في الجامعة من بيئة تؤمن باختلاف الآراء والتفكير النقدي المنفتح والالتزام بالتنوع الديني والوطني في وقت تكاد فيه هذه القيم تختفي بسرعة في الشرق الأوسط ". وذكّرت زملاءها المتخرجين أن لديهم دور يلعبوه في جعل العالم أقل تفرقة، وأكثر تنوعاً، وأعمق إنسانية. وختمت بالقول: "دعونا نجعل من شهادتنا اليوم أكثر من جواز سفر إلى وظيفة جيدة، بل وسيلة لجعل العالم من حولنا مكاناً أفضل". وأردفت: " نتعهّد أن لا نكون مجرد جيل آخر من الخريجين. دعونا نرقى إلى مستوى توقعات مؤسسي الجامعة الأميركية في بيروت وإرث الأجيال التي سبقتنا وزرعت بذور التقدم في لبنان. دعونا نكون فخورين وخلاقين، ولكن أيضا كرماء رؤوفين".
ثم عرّف دورمان بالمكرّمين سراج الدين وسيلرز ومنح كل منهما شهادة الدكتوراه الفخرية.
وقد وصف دورمان المكرّم اسماعيل سراج الدين بأنه ابن مخلص لمصر ومواطن عالمي حقيقي. وقال أيضاً إنه كاتب غزير الإنتاج وخبير في التنمية المستدامة، وتتميّز حياته ومسيرته المهنية بالتفاني العميق للرعاية الاجتماعية والصالح العام. وقال أن سراج الدين يشغل حاليا منصب المدير المؤسّس ورئيس مجلس إدارة مكتبة الإسكندرية الحديثة، التي فتحت أبوابها في العام 2002 وأصبحت بسرعة واحدة من الأماكن الثقافية الرائدة في مصر.
وقال الرئيس دورمان أيضاً: "كانت مكتبة الإسكندرية التاريخية واحدة من أكثر مؤسسات التعلم والمعرفة احتراماً في العالم القديم. وبفضل رؤيوية وتصميم اسماعيل سراج الدين بدرجة كبيرة، تحمل مكتبة الإسكندرية الحديثة روح الانفتاح والبحث العلمي ذاتها التي كانت للمكتبة القديمة وتطمح لتكون مركزاً عظيماً وعالمياً لنشر المعرفة".
وقال دورمان أيضاً: "قبل تنكّبه هذه المهمة العملاقة في اعادة إحياء المكتبة، أدى اسماعيل سراج الدين وظيفة ناجحة للغاية في البنك الدولي، حيث كان بطل قضايا الحفاظ على الموارد المائية والتعليم والتنمية المستدامة بيئياً واجتماعياً. و اتساع معرفته وفضوله الفكري كانا ملفتين. إنه باحث مخضرم ومؤلف بارع، وتتضمّن أُطروحاته العلوم والتكنولوجيا والديمقراطية والإصلاح والبيئة والثقافة والفنون، وكذلك الحصول على التعليم وحرية التعبير".
وقد ردّ اسماعيل سراج الدين بكلمة مرتجلة.
ثم قدم الرئيس دورمان المكرّم بيتر سيلرز ووصفه بالفنان والمخرج والمرشد والمعلم. وأوضح إنه واحد من الشخصيات الأكثر تأثيراً وبراعة وجرأة في المسرح المعاصر، وغالباً ما يخرق الحدود التقليدية للفنون المسرحية لاستكشاف الحالة الإنسانية ومواجهة القضايا الأخلاقية المزمنة.
وتابع الرئيس دورمان قائلاً: "كمخرج، يُعرف بيتر سيلرز بإعادة صياغة الأعمال الكلاسيكية في أجواء حديثة وفريدة من نوعها، في تناقض صارخ مع الرؤية التقليدية. مثال باكر على فرادته هذه كان اعتماده حوض السباحة في جامعة هارفارد كموقع لمسرحية أنطوني وكليوباترا، لشكسبير. وفيما بعد، انتج مؤلفات أوبرالية مستوحاة من أحداث وشخصيات حديثة".
وتابع الرئيس دورمان: "لأكثر من ربع قرن، علّم بيتر سيلرز في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وهو الآن يحمل رتبة أستاذ متميز في عالم الفنون والثقافة. وكمعلم ومرشد، يؤمن بيتر سيلرز بأهمية تمكين الجيل الناشئ من متابعة شغفه بتصميم ولكن بتواضع وانسانية".
وقد ردّ سيلرز بكلمة مرتجلة وكذلك ألقى الخطاب الرئيسي للاحتفال.