صدر منذ حوالى الاسبوعين كليب جديد للفنانة اليسا لأغنيتها "يا مرايتي" فأحدث ضجة كبيرة لدى المتابعين الذين وصفوه بأنه من أجمل الاعمال التي قدمتها اليسا خلال الفترة الأخيرة. سنحاول من خلال هذه القراءة تسليط الضوء على العمل من ناحية المضمون والاخراج والاداء والتقطيع.
البداية من كليب الفنانة اليسا الذي صورته في صربيا مع المخرجة انجي جمال والذي جاء على قدر عال من الاحتراف. لقد رفعت الفنانة اليسا من سقف الكليبات الصادرة أخيرا إلى مرتبة سامية من المضمون الراقي الذي يهدف إلى توجيه رسالة معينة تخاطب من خلالها استراتيجية اجتماعية. وبحكمتها المعتادة وذكائها أيقنت اليسا أنه يفترض بها ان تستفيد من عملها المصور لتوجه رسالة إلى المرأة المعنفة في لبنان على وجه الخصوص وفي العالم العربي على وجه العموم. لذلك ومناصرة منها لقضايا المرأة قررت تضمين عملها "يا مرايتي" رسالة اجتماعية تدعو من خلالها المرأة إلى الثورة والانتفاضة على واقع الخضوع والخنوع للنهوض من جديد واستكمال صفحات الحياة بأطر مختلفة ونمط حياتي جديد. وهي أدركت أن طرح هذه الرسالة في عمل مصور من شأنه أن يساهم في الاضاءة على النزف الاجتماعي في أوطاننا العربية وخصوصا في لبنان الذي قطع اشواطاً كبيرة في ازدياد نسبة تعنيف المرأة من قبل المجتمع والرجل والزوج.
قررت الفنانة اليسا من خلال هذا العمل التخلي عن كل مظاهر النجومية التي اعتدناها في كليباتها لتلعب دور الوالدة هذه المرة. فشاهدناها تعيش داخل منزل مع ولديها وزوجها المتوحش الذي لم يتوان ولو للحظة عن ضرب زوجته بعنف. يبدأ العمل بزيارة تقوم بها اليسا إلى أحد محال مستحضرات التجميل لشراء خافي العيوب بهدف تغطية اثار التعنيف على وجهها بعدما اشبعها زوجها ضربا وركلا. فننتقل بعدها إلى مشاهد تواجدها في السوق وهي تبتاع الخبز إلى ان تصطدم بها دراجة هوائية ما يتسبب في وقوع أمتعتها على الارض الامر الذي دفع بأحد شبان البلدة إلى التقدم منها ومساعدتها في اعادة توضيب أغراضها وذلك على مرأى من زوجها الذي صودف تواجده في الحانة ذاتها . فاشتغل الزوج غضبا ورجولة مزيفة لاحقا بزوجته كوحش مفترس. إنما وقبل وصوله إلى المنزل نشاهد اليسا وهي ترفع صوت التلفزيون أمام ولديها حرصا منها على عدم استماعهما لاثار التعنيف. وبينما كان الولدان يشاهدان الرسوم المتحركة تتعرض اليسا الزوجة للضرب المبرح وبعنف من زوجها بحجة اقتراب أحد شبان البلدة منها وتقبيل يدها.
وهنا ابدعت اليسا في تجسيد الدور والذي أوحى بقدرات اليسا العالية في التمثيل والاداء المتقن. الزوج يتفنن في تعنيف زوجته إلى درجة يفقدها وعيها بعد ان يرتطم رأسها في المرأة. هذا الواقع المأساوي والمزعج جوبه بإرادة اليسا على النهوض من جديد ومتابعة مشوار الحياة، فنشاهدها في ختام الكليب وهي تبدأ صفحة جديدة رسمتها بأنامل الامل بمستقبل واعد ومشرق عابق بالاستقلالية والحرية غير مقيد بسطوة ذكورية بالية.... فشاهدناها في نهاية العمل امرأة متحررة سعيدة بوجود ولديها إلى جانبها بعدما اصبحا شابين وهم يلتقطون الصور التذكارية لتختم اليسا بجملة في غاية الروعة يجب على كل امرأة معنفة أن تضعها نصب عينيها تقول فيها :"لا ما كان وقتي بعد ليلتها قررت حط نقطة لقصتي معه لتنكتبلي بداية جديدة... سنين قطعت وكفيت طريقي وكتبت قصتي... كتابي قصة مرا عانت يمكن اليوم عم تشوفني لتعرف إنو لا مش هيدي هيي النهاية... كسري صمتك وما تكسري صورتك بالمراية".