تتطرّق الدراما الخليجية "أمنا... رويحة الجنة"، التي تُعرض على MBC في رمضان، إلى جملة من القضايا الاجتماعية والإنسانية المتداخلة، ضمن توليفة من الكوميديا السوداء، وأحداث درامية مؤثّرة محورها الأمومة وعلاقة الأبناء بوالديهم وببعضهم البعض في عصرٍ باتت فيه المشاعر الإنسانية والمنظومة الأخلاقية خاضعتيْن لسطوة الحياة المادية، وفي هذا السياق، تُبدي الممثلة سعاد العبدالله حماستها لوجود مجموعة من ممثلي الكويت والخليج معها في العمل، وتضيف: "يتكلّم مسلسل "أمنا... رويحة الجنة" عن الأمومة بشكل مطلق، فيسلط الضوء على الأم التي تهتم بأبنائها وترعاهم بشكل صحيح، وكذلك تلك التي تهملهم وتغيب عنهم لفترة طويلة بسبب زواجها، فتجد بعد نحو ثلاثين عاماً أن الحياة هي من ربّتهم بالإنابة عنها، لتُحاول أن تُصلح ما أفسده الزمن، وسط رفضٍ تتعرض له من قبل أولادها الذين يلومونها ويرفضونها بعد هجرها إياهم عندما كانوا في أمسّ الحاجة إليها." وعن سبب قبولها لهذا الدور الجدلي والمليء بالقسوة والحنان في آنٍ واحد، تقول سعاد العبدالله: "الجنة تحت أقدام الأمهات، وبالتالي فإن مثل هذا الموضوع هو حتماً مُحبّب للجمهور، فضلاً عن كون العمل يسلّط الضوء على قضية شائكة ومهمة وذات مضمون أخلاقي، ويطرح في الوقت نفسه نموذجيْن مختلفيْن، بل متناقضيْن من الأمهات." وتختم سعاد العبدالله: "أعتزّ بـ"علاقتي القديمة مع MBC، وأدرك أن عرض أعمالي على شاشتها من شأنه أن يسهم في إيصالها إلى أوسع شريحة من الجمهور في مختلف أنحاء الوطن العربي، وهذا مدعاة سعادة بالنسبة لي".
من جانبها، تُعرب الكاتبة هبة مشاري حمادة عن سعادتها للعمل مع الممثلة سعاد العبدالله والمخرج محمد القفاص بعد نحو خمس سنوات على آخر تعاون بينهم في مسلسل "زوارة الخميس"، واصفةً سعاد العبدالله بـ"الإضافة المهمّة لأي مسلسل تشترك فيه"، لافتةً إلى أن "من أفضل مواصفات هذه النجمة الكبيرة هو سعيها الدائم لنقل السيناريو والحوار بأمانة، فلديها من المسؤولية الذاتية ما يجعلها حريصةً على ألاّ تغيّر أي كلمة من الحوار، وهذا الأمر يُشعر الكاتب بأن نصّه في أمان.. هذا بالإضافة إلى كونها ديمقراطية في التعامل ولديها ثقة بالآخر". وتضيف حمادة: "الأمر الآخر الذي لا أقوله من باب المجاملة هو تبنّي سعاد العبدلله للطاقات والمواهب الشابة في أعمالها، واحتضانها لهم وإعطائهم الكثير من خبرتها الواسعة وهو ما ينعكس على حالة أي مسلسل تقوم ببطولته إذ تغلب عليه سمة البطولة المشتركة الجماعية، وذلك إدراكاً منها بأن الدراما هي لعبة جماعية، وخصوصاً الدراما الخليجية مؤخراً".
وعن أحداث العمل وحبكته الدرامية، تقول حماده: "ثمّة لعبة زمنية في المسلسل، تتمثل من خلال قفزة تمتدّ حوالى ثلاثين عاماً قمنا بتسخيرها في تقديم كوميديا سوداء." وتضيف: "تبدأ الأحداث سنة 1983، بكل ما في تلك الفترة من أدوات بصرية تلامس فينا جوانب مُحبّبة من الماضي.. إلا أن تلك المرحلة لا تتجاوز الـ 16 مشهداً في النص، إذ تنام بطلة القصة "فطوم" وحولها أطفالها السبعة الذين تقوم على تربيتهم ورعايتهم في شقة قديمة ومهترئة الجدران، وعندما تستيقظ تجد نفسها في العام 2014 وقد كبرت مع أولادها الذين أصبحوا أغراباً عنها، ما يُطلِق تساؤلات كثيرة ضمن سياق درامي مليء بالإسقاطات على الواقع." وتختم حماده: "تحمل شخصية الأم في المسلسل إسقاطاً وطنياً وإقليمياً واجتماعياً، إلى جانب سبع شخصيات تمثّل شرائح وحالات مجتمعية مختلفة، إذ يمرّ كل من الأبناء بحالة درامية خاصة، وتكون الأم هي المُخلّص، وذلك على الرغم من النقمة الموجودة عند الأبناء إثر غياب والدتهم عنهم بإرادتها لمدة تناهز الـ 30 عاماً.. بينما لا تذكر "فطّوم" كل تلك الأعوام الثلاثين بسبب تعرّضها لعارضٍ صحيّ مفاجئ يتسبب بمسح جزء من ذاكرتها، وهو الجزء المتعلّق بفترة غيابها عن أولادها منذ اتخاذها قرار الزواج"!.
من جهته يشير المخرج محمد القفاص إلى أن "أمنا... رويحة الجنة"، هو "أحد أقوى الأعمال وأصعبها" بالنسبة له كمخرج. ويضيف: "تكمن الصعوبة في أن ما نسبته 70% من المَشاهد هي لمجاميع، إذ يصل أحياناً عدد الممثلين في المشهد الواحد إلى 14 أو حتى 20 شخصية". ويعتبر القفاص أن "هذه المشاهد صعبة، وتفرض على المخرج أن يبذل فيها مجهوداً استثنائياً لتجميع اللقطات والكادرات". كما يضم المسلسل مجموعة كبيرة من الأطفال، وهو ما يقول عنه القفاص: "حين يكون الطفل جزءاً أساسياً من المشهد أو الحدث، فإن ذلك يختلف عن كون المطلوب من الطفل هو قول جملة أو اثنتين لا غير.. وبالتالي فإن دور الطفل في مسلسلنا هو أشبه ببطولة وليس مجرد تحصيل حاصل!" وبالنسبة لتعاونه الثاني مع الكاتبة هبه مشاري حمادة والنجمة سعاد العبدالله بعد مسلسل "زوارة الخميس"، يعتبر القفاص أن "الخطورة تكمن في أنه وبعد النجاح الذي حققناه في ذلك العمل، لن يتقبّل الجمهور منّا عملاً أقل مستوى، لذا يجب أن تكون جهودنا مضاعفة وكذلك نجاحنا، وهو ما نسعى إلى تحقيقه".
من جانبٍ آخر، يشير القفاص إلى أن الجمهور المعتاد على سعاد العبدلله ببطولة مطلقة، سيجدها في العمل تخوض بطولة جماعية، إذ ما من ممثل في العمل، مهما كان دوره ثانوياً، إلا ويشكل منعطفاً درامياً، ويأخذ الأحداث إلى مجَرى آخر". وحول النصّ الذي كتبته هبه مشاري حماده، يقول القفاص: "لم يسبق لي أن قرأت مسلسلاً قوياً وثرياً بالأحداث على غرار "أمنا... رويحة الجنة" منذ أكثر من 10 سنوات، فعادةً ما نصوّر أثناء العمل عشرات المشاهد التي قد يتخلّلها مشهد أو مشهدين رئيسييْن أو مِفصَلييْن في سير الأحداث، أو ما يُعرف بـ "ماستر سين"، وذلك ضمن عشرات أو مئات المشاهد الأخرى التكميلية، أما في هذا العمل فلدينا يومياً ما لا يقل عن 7 أو 8 مشاهد "ماستر سين! وهذا مؤشر على مدى قوة الحبكة الدرامية." وحول شاشة العرض، يقول القفاص: "بلا شك، ما من نجم أو مخرج عربي إلا ويتمنى أن يعرض عمله على MBC، فهي شاشة كل العرب، وعرض العمل على هذه القناة، يحمّلنا مسؤولية كبيرة، بموازاة ضمان الوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور.. باختصار فإن القناة القوية قد تكفل 50% من نجاح العمل، لذا نأمل أن نكون عند حسن ظنّ إدارة القناة".
الجدير ذكره أن شارة المسلسل تغنّيها المطربة نوال الكويتية، وهي من ألحان بشار الشطي، وكلمات فتحية عجلان. يشارك في بطولة مسلسل "أمنا... رويحة الجنة" عدد من نجوم الدراما الخليجية، منهم إلى جانب سعاد العبدلله، لمياء طارق، وفاطمة الصفي، وحسين المهدي، وبشار الشطي، وصمود، وعلي كاكولي، وحمد اشكناني، وهنادي الكندري، وريم ارحمة، وغيرهم، والمسلسل من إنتاج "صباح بكتشرز"