أعلنت دار كريستيز للمزادات في دبي عن استضافة مزاد استثنائي يجمع بعضاً من أهم الأعمال للمجموعات الفنية الرائدة والمتميزة على مستوى دول المنطقة. وستطرح كريستيز 14 عملاً فنياً بارزاً لفنانين كبار، بمن فيهم بول غيراغوسيان، وفريد عواد، وعارف الريس، وأيمن بعلبكي، وتعود ملكيتها لمجموعة مقبل الفنية، إحدى أهم المجموعات المرموقة على ساحة الفن اللبناني الحديث والمعاصر.

وتعد مجموعة مقبل الفنية مشروعاً مخصصاً لدعم الحركة الفنية اللبنانية، ولاستعراض مدى عراقة وغزارة التراث الثقافي اللبناني في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط والعالم. أسس المجموعة كل من جوني ونادين مقبل في العام 1998، حيث بدأت بالاستحواذ على العديد من الروائع الفنية المختارة، وأصبح حالياً مشروعاً متعدد الجنسيات يهدف إلى دعم المواهب الفنية اللبنانية الموجودة على الساحة اليوم، فضلاً عن الترويج للفنانين اللبنانيين الصاعدين، في ظل سعيهم لاكتساب الشهرة الدولية. ولمواصلة جهودهم الرامية إلى تعزيز مكانة الفن اللبناني على الساحة الدولية، قرر جوني ونادين بيع 14 لوحة فنية من أصل مجموعتهم الخاصة التي تضم حوالى 100 عمل فني لبناني، حيث عهدا بهذه المهمة لدار كريستيز للمزادات، التي من المقرر طرحها لهذه الأعمال في مزاد الربيع المخصص للأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة والمعاصرة، الذي سيعقد في 18 مارس المقبل في فندق أبراج الإمارات جميرا.

أكثر من نصف اللوحات الفنية الـ 14 المقدمة للمزاد مرسومة بريشة الفنان بول غيراغوسيان (1926-1993)، وهو أستاذ الحداثة والفن المعاصر الأكثر شهرةً في لبنان، حيث بالإمكان العثور على أعماله ضمن العديد من المجموعات ذات الملكية الخاصة، إضافة إلى مجموعة اللوحات الفنية العائدة لمتحف الفاتيكان في روما.

اللوحتان يوم صيفي (1) ويوم صيفي (2) اللتان تم رسمهما في العام 1992، هما أول لوحتين تقوم مجموعة مقبل بشرائهما في العام 1998 بشكل مباشر من عائلة غيراغوسيان. ففي يوم صيفي (1)، ترصد اللوحة أجمة كثيفة من الأزهار التي يهب عليها نسيم هادئ في يوم صيفي حار، ولا تعد هذه اللوحة متميزة نظراً لبريقها وإشراقها العام فحسب، بل أيضا لجرأتها التي تجسدت من خلال تحولات مقاييس الرسم اللونية فيها، ودرجات اللون، ونسقها اللوني (تقدر قيمتها بـ 40,000-60,000 دولار). وعلى الرغم من الشبه الكبير في تقنية الرسم ما بين اللوحتين يوم صيفي (1) و(2)، إلا أن الأخيرة تحتوي على مساحات متباينة وكبيرة وفاترة من الألوان المشرقة، التي تتزايد فيها اللمسات الداكنة الصغيرة، وفن الزخرفة العربي الطولي (تقدر قيمتها بـ 40,000-60,000 دولار).

أما لوحة الناس بالأصفر فقد رسمت في منتصف الثمانينيات على يد غيراغوسيان، وتم الحصول عليها بشكل مباشر أيضاً من عائلة الفنان، وعلى الرغم من أن الفنان يوصف بالدرجة الأولى على أنه رسام تجريدي، لم يعكس عمله هذا إلا "الرمزية" المطلقة، فلوحة الناس بالأصفر تحتوي على الكثير من الإشارات والرموز التصويرية في كل نقطة منها، حتى ضمن عنوانها، الذي ربما كان من الأفضل أن يحمل اسم حمى أعضاء الجسد المتزاحمة (تقدر قيمتها بـ 150,000-250,000 دولار).

كما أن إيمان غيراغوسيان القوي بمفهوم الأسرة شكل أحد العناصر الجوهرية في عمله، فأيقونة الأم والطفل التي رسمت ما بين العامين 1983-1984، تتميز بوصفها للأم العذراء ويسوع الطفل. حدت هذه الصورة تتجسد في المنحنيات المتدفقة من خلال غطاء الرأس الأول للأم البتول الأزرق والمزخرف بأسلوب رائع، التي تتواصل نزولاً إلى اليسار عبر فتحة ردائها، وصعوداً عبر حاشية ردائها الثاني، مواصلةً طريقها حتى خصر وظهر الرداء الثالث، مشكلاً بذلك أيقونة ماندورلا الحامية، وهي من العلامات الفارقة الأخرى لأسلوب غيراغوسيان المميز (تقدر قيمتها بـ 80,000-120,000 دولار).

الفنان أيمن بعلبكي، ولد في العام 1975 بقرية العديسة بجنوب لبنان، وكطفل نشأ وترعرع أثناء فترة الحرب اللبنانية والاحتلال الإسرائيلي، اضطر إلى ترك قريته والانتقال للعيش في بيروت، وقد أثرت ثقافته وطفولته بشكل كبير على أعماله الفنية خلال السنوات العشر الماضية، ونتيجة لذلك، فإن العديد من لوحاته عكست جوانب حياته كلاجئ في مدينة بيروت، أو جهود إعادة الإعمار التي شهدتها المدينة خلال فترة ما بعد الحرب.

رسم لوحة بابل في العام 2005، وخلافاً للوحات الكلاسيكية التي رسمت لبرج بابل على يد الرسام هندريك فان كليف (حوالى 1525-1589 ميلادي)، والرسام بيتر بروغل الأكبر (حوالى 1530-1569 ميلادي)، التي تظهر دقة كلاسيكية عالية في فن العمارة والمشهد العام المتحرك، قام بعلبكي برسم البرج كخيال في إطار خلفية خالية من أي نشاط بشري، باستثناء شخصية واحدة ساخطة تظهر عليها تداعيات لعنة الرب. يصبح المشاهد في هذه اللوحة جزءاً من اللحظة عندما يطلق الرب غضبه على شعب بابل، وذلك عقاباً لهم على محاولتهم إنشاء برج "الذي قد تصل قمته إلى السماء". ويصور الفنان لحظة اللعنة الإلهية، فمع شروق أشعة الشمس على البرج، وتسلل ضوء القمر من بين الغيوم المكفهرة في السماء، تظهر اللوحة وكأن الرب قد أوقف الزمن للتعبير عن غضبه (تقدر قيمتها بـ 150,000-200,000 دولار).

ولد الفنان فريد عواد في جنوب لبنان في العام 1924، وقضى معظم سنين حياته في مدينة باريس، وهذه هي المرة الأولى التي تظهر لوحاته من على منصة دار كريستيز للمزادات، كما تشتهر أعماله بتعبيرها القوي عن العزلة، حيث اعتاد على رسم مشاهد الغرباء المنعزلين الجالسين في الحانات والمقاهي، والمارة في الشوارع، والركاب الصاعدين أو المترجلين عن القطارات، وصيادي الأسماك أثناء عملهم، وذلك للتعبير عن مشاعر الوحدة التي تنتابه. علاوةً على ذلك، فإن تجسيده الدقيق لشوارع بيروت وباريس القديمة يعد من النقاط العاطفية الجوهرية الدائمة التكرار في أعماله، على غرار لوحة سورتي دي مترو التي يعود تاريخها إلى أوائل السبعينيات (تقدر قيمتها بـ 15,000-20,000 دولار).

رسم الفنان فريد عواد لوحة هومو فلوكس في أوائل السبعينيات، وهي أولى لوحاته التعبيرية، يظهر فيها انعكاس ذات الإنسان الغير قادر على جمع وترتيب أفكاره، فالفنان لا يرسم صوراً، بل يجسد الأحاسيس. يسعى هذا الفنان إلى رسم مراحل التفكير، التي تنطوي على الحركات والتغيرات، لا على الأشياء، فهدفه هو العمل على توضيح آلية تحول المواضيع، وتيار الوعي، وهذا هو السبب وراء تدفق وانسياب جميع العناصر في لوحته، التي تعكس علاقتها مع العناصر الأخرى خلال مرحلة التحول (تقدر قيمتها بـ 50,000-70,000 دولار).

ولدت الفنانة تغريد درغوث في مدينة صيدا بلبنان في العام 1979، وهي تحمل دبلوماً في الرسم والنحت من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية بمدينة بيروت في العام 2000، ومن ثم توجهت إلى باريس لدراسة فنون الفضاء في المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية، وتخرجت منه في العام 2003. رسمت لوحة العشب الأخضر في العام 2010، التي جسدت فيها العديد من الجماجم تبرز أمام خلفية من الألوان الغامرة ضمن فضاء غير محدود، فنحن نواجه من خلالها موضوعاً واحداً فقط، وهو الموت، المصير الحتمي الذي يجب علينا جميعاً الخضوع له. كما تظهر اللوحة المفهوم الخالد لزوال البشرية، فهي تعيد إلى ذاكرتنا أعمال المدرسة الكلاسيكية الهولندية الحالمة فانيتاس، التي انتشرت ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، فموضوعها يخضع إلى فكرة مومينتو موري، أي "تذكر أنك ستموت". تشير ضربات فرشاتها المعقدة بدرجات اللون الذهبي والأحمر والكهرمان إلى الاضمحلال البطيء، في كناية عن طبيعة الزوال السريع للحياة. ولكن على الرغم من هذا اليقين الكبير التي تبديه درغوث لمفهوم الموت، نرى بعض الإشارات إلى "الشمس الصفراء"، وهي إحدى الأسماء الحركية التي أطلقها الجيش البريطاني على الترسانة النووية خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وذلك في مفارقة لما كان يسمى آنذاك بـ "برنامج قوس قزح".

هذا وسيتم عرض المزيد من مقتنيات مجموعة مقبل الفنية بتاريخ 18 مارس المقبل في مدينة دبي، ومنها لوحة شاتك الهادي لعارف الريس (1928- 2005 ميلادي، تقدر قيمتها بـ 80,000-120,000 دولار)، سيلوتيه إن لوميير (تقدر قيمتها بـ 15,000-20,000 دولار) وصورة عائلية (تقدر قيمتها 80,000-120,000 دولار) لفريد عواد، والحارس (تقدر قيمتها بـ 12,000-18,000 دولار) عائلة بدون كنية (تقدر قيمتها بـ 8,000-12,000 دولار) وشدّاد (2) (تقدر قيمتها بـ 10,000-15,000 دولار) لبول غيراغوسيان.

تاريخ المزاد: 18 مارس، فندق جميرا أبراج الإمارات، عند الساعة 7:00 مساءً

المعاينة: الأحد، 15 مارس، من الساعة 2:00 مساءً ولغاية منتصف نهار يوم الـ 18 من مارس، في ذات الموقع .