رسما بموسيقاهما وكلماتهما خط الحرية والإستقلال، وزرعا حب الوطن في نفوس اللبنانيين والعرب، فمن منا لم يردد أو لا يعرف نشيدَي "موطني الجلال والجمال والثناء والبهاء في رباك هل اراك في علاك تبلغ السماك موطني.." و"نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلّد..".
إنهما الأخوان فليفل اللذان أعطيا الكثير في مجال الكلمة واللحن فكان "اللحن الثائر" الكتاب الذي أصدرته جمعية عِرب للموسيقى، كتاباً توثيقياً عن سيرة الموسيقيين اللبنانيين التاريخيين محمد وأحمد سليم فليفل.
كما أرفقت "عِرب" الكتاب بأربعة أقراص مدمجة "CD"، تضم مجموعة كاملة لأعمالهما من الأناشيد الوطنية، والأناشيد القومية العربية، والأعمال التربوية والدينية أو تلك الخاصّة بالأطفال.
برعاية وحضور وزير الثقافة ريمون عريجي أقامت جمعية "عِرب جمعية عربية للموسيقى" حفل تكريم للأخوين فليفل وذلك في قصر الأونيسكو، وأحيت الحفل الأوركسترا الوطنية بقيادة العميد جورج حرو ، بمشاركة كورال تلامذة "فينكس إنترناشونال سكول" حارة حريك، "كلية خالد بن الوليد" المقاصد و"رعية مار جرجس" الدكوانة، وساهم في الإحتفال نقابة الموسيقيين المحترفين وموسيقى الجيش اللبناني.
وكان توقيع لكتاب "اللحن الثائر " الذي وضعه الباحث محمد كريّم والعميد الدكتور جورج حرّو ، كما كان هناك معرض صور للأخوين فليفل .
كلمة جمعية "عِرب" ألقاها مقدم الحفل الأستاذ عدنان مناصفي : نحن اليوم ها هنا في حضرة الفن والأدب في ضيافة أهل الوفاء وعشاق الأصالة وما أندرها اليوم ، نلتقي لنفتح معاً ديوان بيروت الفني بل ديوان لبنان والعرب أجمعين ، نلتقي نعم لنتنسّم عبير تلك الأيام التي مضت وإنضوت وإنطوت مظلومة لا ظالمة ، ظلمها غبار السنين الطويلة لكن وهجها يعود اليوم منبثقاً بهمة الأوفياء فتُفتح صفحات وصفحات إشتاق إليها معاصروها ، ودبّت الحاجة ملحة في قلوب الأجيال الطالعة لأن يعرفوا من هم أولئك الذين طبعوا جبين بيروت ولبنان والعالم العربي بآيات الفن الراقي كلمة هادرة وألحاناً ثائرة ، من هم؟ هما الأخوان الضابط المتقاعد محمد سليم فليفل والمقدم أحمد فليفل .
رئيس بلدية بيروت بلال حمد : يسعدني ويطيب لي أن نكون معاً في هذه الأمسية الجميلة بمناسبة صدور كتاب "اللحن الثائر" الذي يحكي لنا بمنهجية دقيقة وأسلوب رائع سيرة الأخوين فليفل ، والذي يُعتبر بحق أصدق تعبير وأفضل تكريم لكبيرين من لبنان ، من بيروت ، رفعا إسم الوطن عالياً وأصرّا في مسيرتهما على أن تكون راية لبنان الخفّاقة نغماً وموسيقى تشعل النفوس محبة وحماساً وطرباً بدلاً من أن تكون رايته بندقية وحروباً تعصف بالبشر والحجر .
من الأشرفية حي بيضون إنطلق هذان العملاقان يزرعان الدروب أغانٍ وأناشيد وطنية خلّدتهما ، وخلّدت وطن الأرز فزادت على الجمال جمالاً ، وإرتقت وسمت ألحان تلك الأناشيد الوطنية كي تصبح درباً الى العالم العربي الذي إحتضن الأخوين فليفل ويَسّر لهما كل السبل إلى النجاح .
كلمة آل فليفل الآنسة لمى جمال فليفل :يسعدني أن أرحب بكم بإسم آل فليفل إلى هذا الحفل التكريمي الذي أردناه جامعاً لأصدقاء الأخوين المبدعين محمد وأحمد فليفل وللبنانيين كافة ، لنستذكر معاً في هذه الامسية السعيدة بعضاً من عطائهما الموسيقي الوطني الذي غمر لبنان ودنيا العرب .
إن الاخوين المبدعين إن إنتميا الى عائلة فليفل ، وهذا فخر لها ولا شك ، الا انهما بما قدماه للبنان وللعالم العربي من نفحات وطنية خالصة وبما غذّيا به الذائقة الفنية للاجيال المتعاقبة، أصبحا ينتميان الى كل العائلات اللبنانية او بالأحرى اصبحت كل العائلات اللبنانية تنتمي اليهما اذ بات لهما في كل بيت وفي كل مدينة وفي كل قرية في لبنان تلامذة وأصدقاء .
واذا كان الاخوان فليفل قدما فنهما مدنيا وعسكريا وتربويا في سبيل خدمة وطنهما ومن اجل تنشئة اجياله التنشئة الصالحة، فان مؤسسات المجتمع الوطني الاهلي بادلتهما حباً بحب ووداً بود كبادرة وفاء واعتراف بالجميل لمن زرع حب الوطن في النفوس ورَفَع راية لبنان عالياً في سماء البلاد العربية .
لشدة ما أفتخر برباط القربى الذي يربطني بالأخوين فليفل ولشدة ما أعتز بما قدمه جداي من إنجازات كان حافزاً لرصّ الصفوف التي تبرز الاعتزار بالوطن والاعتداد بأمجاده "موطني صرح النسور نفتديـه بالصـدور أرزه العالي الجسـور قد بلا كرّ العصـور ، يا بـلادي جندنـــا عن أمانيـك يـذود يا بـلادي كلنــــا في الملمـات أسـود..".
وها نحن ما زلنا حتى اليوم نسمع صدى نشيدهما الخالد تردده الشعوب العربية كافة في مناسباتها الوطنية "موطني الجلال والجمال والثناء والبهاء في رباك هل اراك في علاك تبلغ السماك موطني..".شكراً للحضور ولك من ساهم في اعداد وتقديم هذا الحفل .
نقيب الموسيقيين المحترفين سعد صعب : ما هو سر الأخوين فليفل ؟ ولد الأخوان فليفل في مطلع القرن الماضي في بيروت وقد ورثا الموهبة الفنية من والديهما وصقلا موهبتهما بالعلم والميراث ، ساعدهما في ذلك دعم الأهل ووجودهما في بيئة يسودها التعايش والانفتاح وتلاقي الحضارات . هما مربيان بالفطرة كرّسا حياتهما لتربية وتنشئة الاطفال وتوجيه الشباب بموسيقى الفرح وكانا رسولي خير وسلام ومحبة لوطنها ، لم يعملا أبداً منفردين فهذين الرائدين أحاطا نفسيهما دائماً بما قدّر لهما من طلاب الفن والمعرفة مذ أسسا فرقة موسيقى الأفراح الوطنية النحاسية حيث كانت تصدح عالياً بالموسيقى الجميلة ، وبعدها موسيقى قوى الأمن الداخلي والكشاف وعلى خطاهما نشأت لاحقاً موسيقى الجيش وفرق الموسيقى النحاسية في مختلف المدن والبلدات اللبنانية .
الأخوان فليفل مناضلان في سبيل الحرية والإستقلال وساهما في بث روح الوطنية والحرية والفخر والاباء ، كانا فاعلين في جميع مجالات التربية الموسيقية في الاذاعة والمعهد الموسيقي والموسيقى العسكرية وفي المدارس والجمعيات وفي مختلف الحفلات .
عملا بكل إخلاص ومن دون كلل للبنان وللحرية وللكرامة القومية على امتداد الوطن العربي ، هما خالدان بتراثهما الموسيقي الجميل الذي خاطبا به الاطفال والشباب والاحزاب والاوطان بأرقى الكلام من كبار الشعراء .
وزير الثقافة ريمون عريجي : أقف اليوم متحدثاً اليكم تحت سقف هذا القصر الذي شيّده لبنان عام 1948 لاستقبال وفود "مؤتمر الاونيسكو الثالث" وكان المكان يومئذ عبارة عن ثكنة عسكرية مزروعة في الرمل والشوك ، وقد تمكن المشرفون على اقامة المبنى من انجازه بسرعة غير معتادة في بلادنا ، ومن انشاء قاعات تليق باستقبال الوفود المشاركة ، ومنذ ذلك الحين وقصر الاونيسكو يقوم بوظيفته محتضناً الانشطة بحرارة لم يدركها يوماً فتور او يشوبها تقاعس ، الا ان مرور الزمن وتوالي الاحداث المعكرة للاهتمام الرسمي حالا دون الاعتناء به وصيانته بشكل مستمر ما أثر على وضعه المادي وعلى مهمته ، لذلك تعمل وزارة الثقافة جاهدة من اجل اطلاق مشروع ترميم هذا القصر لتعيد له رونقه وتزوده بأحدث التقنيات ليواكب بها عصرنا هذا .
يسعدني أن أكون معكم في هذه اللحظات المغمورة بأناشيد الأخوين محمد وأحمد فليفل المنتشية بالحانهما والمحاكية برحابتها رحابة لبنان العزيز ووسع صدرها المفتوح على هذا الوطن ، وهي اذ تُستعاد فمبناسبة صدور كتاب عنهما يتناول سيرتهما المشتركة واسهامهما البارز في اطلاق الحركة الموسيقية اللبنانية جنباً الى جنب وديع صبرا ومتري المر والاب بولس الاشقر وعمر الزعني وسليم الحلو واسكندر شلفون وسواهم من جيل المؤسسين الذين تمردوا على هيمنة الفن المستورد ساعين الى بلورة الطابع الموسيقي الوطني اللبناني قبل ان يلحقهم جيل ثانٍ عمل على ارساء قواعد جديدة للاغنية اللبنانية . وقد كان ذلك يتم بالتزامن مع الاندفاع الى التحرر من الحكم الاجنبي ما جعل الاخوان فليفل يعكسان في توجههما الموسيقي العام الطابع الوطني الذي وسم اعمالهما الفنية من اغانٍ واناشيد وطنية ومدرسية ومارشات عسكرية ، كما وسم سعيهما الدؤوب لتأسيس فرق موسيقية وكشفية خلال المرحلة الاستقلالية وما تلاها .
وقد تجاوز الأخوان فليفل بأناشيدهما حدود لبنان الى الشرق العربي ووضعا السلام الرسمي لكل من دول سوريا واليمن الجنوبية وليبيا في حينها والعراق ، الى هذا كله يتعيّن علينا ان نعترف بفضلهما لانهما كانا اول من جاء بمطربتنا الخارقة وسفيرتنا الى النجوم السيدة فيروز الى الاذاعة اللبنانية عام 1950 وهناك إسترعت انتباه حليم الرومي بأدائها الغنائي المميز ومن ثم انتباه عاصي الرحباني وكان ما كان مما تعرفون .
في الختام أتقدم بالشكر من الدكتور محمد كريّم والعميد المتقاعد الدكتور جورج حرو ، مؤلفي كتاب "اللحن الثار" لانهما بعملهما المشترك وجّها تحية إلى هذين المبدعين اللبنانيين اللذين ثارا على الانتداب عن طريق بث الحماسة في الصدور إيماناً منهما بلبنان الحر المستقل ، لبنان العيش المشترك ، والشكر أيضا لجمعية "عِرب" لارفاقها الكتاب باسطوانات مدمجة تضم أناشيد للأخوين فليفل وبالتالي حفظها لهذا المجهود الموسيقي الوطني ووضعه في متناول الجميع ، وتحية للأوركسترا الوطنية للاداء الذي ستقدمه في هذه الأمسية المميزة وللكورس المرافق ، ونوجه جميعاً التحية للجيش اللبناني والقوى الأمنية لتصديهم بإباء وصلابة للهجمة الإرهابية والظلامية الهادفة إلى الغاء لبنان الوطن ورسالة الاعتدال والعيش الواحد وزرع الفتنة بين أبنائه ، عاش لبنان وشكراً .
موقع "الفن" كان حاضراً وعاد بهذه التصريحات الخاصة .
نجل الفنان محمد فليفل الأستاذ جمال فليفل : شعور فرح كبير لأن أشخاصاً كالأخوين فليفل كان يجب أن يتم تكريمهما منذ زمن لأنهما لم يأخذا حقهما من الدولة اللبنانية ، والحدث اليوم هو برعاية الوزارة وجمعية "آفاق" صاحبة الفكرة و"عِرب جمعية عربية للموسيقى" هي التي نفذّتها.
إحتفال اليوم هو لنذكّر العالم بأن هذين الشخصين لا يفترض أن يموتا ويجب أن تبقى ذكراهما دائماً موجودة لأن لهما فضلاً على لبنان وجميع الدول العربية .
الباحث محمد كرّيم :كان هناك صعوبة كبيرة لوضع هذا الكتاب لأن المراجع قليلة، وإستطعنا أن نتغلب على هذه الصعوبات بطرق عديدة والله وفقنا وجمعنا المعلومات التي جعلتنا نصدر هذا الكتاب .
ومهما فعلنا نبقى مقصرين هذين الفنانين الكبيرين اللذين أسسا الأناشيد الوطنية بالعالم العربي وليس فقط بلبنان .
الوزير ريمون عريجي : حدث اليوم مهم جداً لأننا نكرّم مبدعين لهما فضل على الموسيقى اللبنانية والعسكرية والأناشيد الوطنية ، إن كان بلبنان أو بالوطن العربي ، وطبعاً من واجبنا أن نكرّمهما .
كنت أعرف أن للأخوين فليفل أعمالاً عديدة ولكنني لم أكن أعلم أن لديهما هذا الكم من الأعمال .
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغط هنا .