ولدت مي زيادة عام 1886 من أب لبناني هو الياس زخور زيادة وأم فلسطينية هي نزهة خليل معمر، في بلدة الناصرة، التي هاجر إليها الياس وعمل مدرساً في مدرسة الأرض المقدسة.


تلقت مي مبادئ القراءة والكتابة في الناصرة، ثم في مدرسة عينطورة «مدرسة الراهبات» وكانت في الثالثة عشرة من عمرها، في القسم الداخلي، بين عامي 1900 و1903. وفي هذه المدرسة نشأت في ظل التعاليم الدينية. وعندما تسلطت روح الإستبداد والقهر، والإضطهاد العثماني في لبنان، كانت في المقابل الحريات سائدة في مصر التي هاجر إليها الياس زيادة مع عائلته في العام 1908.


دخلت الجامعة ودرست تاريخ الفلسفة العامة وتاريخ الفلسفة العربية، وعلم الأخلاق على المستشرق الإسباني «الكونت دو جلارزا» وتاريخ الآداب العربية على الشيخ محمد المهدي وتاريخ الدول الإسلامية على الشيخ محمد الخضري.


بدأت مي بعقد صالونها الأدبي عام 1913، في منزلها الكائن في شارع عدلي، كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع. ثم انتقل عام 1921 الى إحدى عمارات جريدة الأهرام واستمر حتى الثلاثينات من القرن الماضي.

كانت شهرة جبران قد اجتازت المحيطات وبلغت الأراضي العربية ومن ضمنها مصر. وقرأت مي كتبه، وبعد تردد كتبت له رسالة عام 1912، تعرّفه فيها بنفسها وبنشاطها الأدبي ، وبعد فترة، تلقّت مي رسالة جوابية منه، فكانت فاتحة باب العلاقة بين الإثنين ، ومع مرور الزمن تحوّل الإعجاب الى صداقة، فإلى حب، علاقة روحية عشقية متبادلة، وكل ذلك عبر الرسائل المتبادلة.


لقد أحبت مي في جبران ميثاليتها هي، وميثالية جبران في مؤلفاته ورسائله، ومع ذلك قاومت، وأرادت ان تحكّم عقلها في علاقتها بجبران، ولكن عاطفتها غلبت العقل والتعقّل.

رحلت مي في 18 تشرين الأول العام 1941 تاركة مؤلفات كثيرة منها "بين الجزر والمد" ، "الحب في العذاب" ، "وردة اليازجي"..

    العيون

    جميع العيون وجميع أسرار العيون

    تلك التي يظل فيها الوحيُ طُلعة خبأة

    وتلك التي تكاثفت عليها أغشية الخمول .

    وتلك التي يتسع سوادها أمام من تحب وينكمش لدى من تكره

    وتلك التي لا تفتأ سائلة " من أنت ؟ " وكلما أجبتها زادت استفهاماً

    وتلك التي تقرر بلحظة " أنت عبدي ! "

    وتلك التي تصرخ " بي احتياج إلى الألم ، أليس بين الناس من يتقن تعذيبي ؟ "

    وتلك التي تقول "بي حاجة إلى الاستبداد فأين ضحيتي ؟ "

    وتلك التي تبتسم وتتوسل

    وتلك التي يشخص فيها انجذاب الصلاة وانخطاف المصلي

    وتلك التي تظل مستطلعة خفاياك وهي تقول " ألا تعرفني ؟ "

    وتلك التي يتعاقب في مياهها كل استخبار ، وكل انجذاب ، وكل نفي ، وكل إثبات

    العيون ، جميع العيون ، ألا تدهشك العيون ؟