مع نشاطه المستمر والمتنامي في الفعاليات السينمائية العالمية، وكأحد أهم صناع الأفلام في العالم العربي حالياً، نشر موقع هفنغتون بوست حواراً مطولاً للسينارست والمنتج المصري محمد حفظي، وقامت بإجراء الحوار المحررة السينمائية إي نينا روث، والذي استهلته بالإشارة إلى دور شركته فيلم كلينك في تطوير صناعة الأفلام في مصر، وانفتاحها على العالم، وقد تم إجراء الحوار خلال لقائها مع حفظي على هامش الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي في شهر ديسمبر - كانون الأول 2013.

وأشارت روث إلى تغير المشهد السينمائي المصري بعد الثورة، ومدى تأثر الكثير من الأفلام المصرية بها، ووجهت سؤالاً لحفظي حول مدى استفادة صناعة السينما من هذا، وهو ما أجاب عنه قائلاً "كمنتج أتلقى كل أنواع المشاريع، والكثير منها لا يكون ناجحاً في تناول الثورة، وهذه الأنواع لا أقوم بصناعتها"، وأوضح حفظي أن الدافع وراء تناول الثورة هو ما يبحث عنه في الأفلام التي تتناولها، فأحياناً يكون الدافع سياسياً أو لمجرد لفت الانتباه، لكنه يرى أن أفضل الأفلام هي التي لا تتناول الثورة بطريقة مباشرة، والتي تعتمد على قصص بشرية قد تتعلق بالثورة، وشكل هذه العلاقة.

أحد هذه الأفلام كان فرش وغطا للمخرج أحمد عبد الله السيد ومن بطولة النجم آسر ياسين، وهو الفيلم الذي أشارت له المحررة كفيلم قام بتناول الثورة، ولكن بقصة جديدة تماماً للمشاهد الغربي. "لقد أخذت قراراً واعياً بأن أحاول الابتعاد عن الثورة في أفلامي المقبلة، لأني أعتقد أننا قلنا كل ما يمكن قوله حتى هذه اللحظة، وفيلم مثل فيلّا 69 هو فيلم طازج بالنسبة لي، وليس له علاقة بالثورة، حيث لا يمكن معرفة إذا كانت أحداثه بعد أو قبل الثورة".

وعن صناعة السينما في مصر الآن قال محمد حفظي "هناك صناعة، لكنها ليست قوية جداً، أعتقد أن هناك ثلاث شركات تقوم بإنتاج 70% من الأفلام، ليست من بينهم فيلم كلينك، أتحدث عن الشركات التي تصنع أفلاماً من أجل الطلب المحلي، مثل أفلام الصيف، وهو ما لا أقوم بصنعه كثيراً، وأرغب في أن أقوم بالمزيد من هذه الأفلام، ولكن ليس بنفس الطريقة".

ورغم أن بعض الأفلام تنجح في عروضها المحلية، يرى حفظي أنها ستفشل تماماً إذا تم عرضها في الخارج، وهو ما فسره بأنه "ليس فقط بسبب كونها وثيقة الصلة بثقافتنا المحلية، ولكن أيضاً لأن جودتها منخفضة لدرجة أعتقد معها أن الأمر سيستغرق زمناً طويلاً لتثقيف الناس سينمائياً"، حيث يرى حفظي أن الأمر يتعلق بالحركة الثقافية ذاتها، حيث يجب ربط السينما بالأدب، المسرح والفنون، إضافة إلى الوعي الثقافي الذي يجب تنميته لكي يعود الناس لحالة الستينيات والسبعينيات، عندما كان الكثير من الناس مثقفين.

وعن فرص السينما المستقلة في مصر الآن، قال حفظي "ما أنا سعيد به هو أننا الآن لدينا الفرصة لعرض المزيد من الأفلام المستقلة، حيث يمكن متابعة أفكار بارعة ولامعة، ومخرجين جدد لا يمكنهم إيجاد مكان لعرض أفلامهم أو لا يمكنهم الوصول لمحطات التلفزيون وقاعات العرض. الآن أرى كل هذه المبادرات التي تُمكّن الأفلام المستقلة من الحصول على تمويل ومساحات للعرض"، وعن تجربة فيلم فرش وغطا الذي قامت شركةMAD Solutions بتوزيعه، أضاف "فرش وغطا هو مثال ناجح لعرض فيلم مستقل، حيث أطلقناه في 7 شاشات لمدة محدودة، ولكن نشرناه في وسائل الإعلام واسعة الانتشار، وتم تناوله في كل الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي. والآن هناك طلب على مثل هذه النوعية، ركن صغير في السوق يريد أن يرى أفلاماً جادة ومختلفة، إنه سوق صغير كما أعتقد، وعلى الأقل أثبتنا أنه موجود، إذا أمكن بيع 10 آلاف تذكرة سينما، فالفيلم التالي سيبيع 20 ألف تذكرة، أو إذا أمكن الحصول على المزيد من الشاشات أو المزيد من وقت العرض فسيكون الأداء أفضل".

وأضاف حفظي أن نجاح تلك التجربة يشجع قنوات التلفزيون على عرض الأفلام، "نسعى لتغيير التصور عن الأفلام المستقلة بأنها ضد العامة، وأنها لا تتمتع بالشعبية لدرجة أن الجمهور لا يريد مشاهدتها ... ولهذا إذا استطعنا تغيير هذا التصور، فسنحصل على المزيد من المساحة لعرض أفلامنا."

وأشارت روث إلى دور فيلم فرش وغطا في تجسير الثقافات، حيث تم إطلاق الفيلم في عرضه العالمي الأول من خلال مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، وهو ما يراه حفظي غير كافي، فرغم كون المهرجانات بداية جيدة، إلا أن هذا التجسير يحتاج إلى منصات أكثر اتساعاً، "أعتقد أن الأمر يحتاج موزعين وعارضين لكي تحصل الأفلام على مساحات وفرص أفضل"، وأضاف حفظي أن المهرجانات تظل محدودة بجمهورها، إلا أن هناك الكثير من الموزعين يمكنهم المخاطرة مع هذه الأفلام إذا تلقوا دعماً حكومياً لتخفيف مخاطرتهم، "لهذا هناك مسؤولية سياسية، خاصة على الحكومات الغربية، مثل فرنسا، حيث يمكن دفع المال للشاشات لعرض الأفلام الأجنبية، ولهذا هناك الكثير من الأفلام الأجنبية يتم إطلاقها في فرنسا، ولهذا إذا قامت الدول الأخرى بالمثل فسيساعد هذا في تجسير الثقافات".

وعن قدرته على التوفيق لمدة 11 عاماً بين عمله كسينارست ومنتج، علق حفظي قائلاً "لأكون صادقاً، تنظيم الوقت هو أحد الأشياء التي ساعدتني، وأنا محظوظ حقاً بوجود ناس جيدين حولي، وجود هؤلاء الناس حولي يكون عاملاً مساعداً دوماً، لديّ فريق جيد في فيلم كلينك، وفي مهرجان الإسماعيلية قمت بجمع مجموعة من الناس الجيدين معاً... كنت محظوظاً، أن يأتي إليّ ناس أعتقد أنهم جيدون يتمتعون بالموهبة وأذكياء ويعرفون ما يريدون، فيمكنني الاستعانة بهم، فالمسألة هو كيف يمكن وضع نظام يستفيد من الأفضل في كل شخص لمصلحة مشاريع مختلفة"، وأضاف حفظي أنه كسينارست لم يعد لديه الوقت الكافي للكتابة، ولهذا أصبح من النادر أن يمارس هذه المهنة، رغم رغبته في هذا أحياناً، "ليس لديّ الوقت لعمل كل شيء" قال حفظي.